فى أتون هذه الفتنة التى ندعو الله أن تنجلى، يجب ألا ننسى قيمة (العدل). فإذا كان الله تعالى أمرنا به مع من صدونا عن المسجد الحرام فما بالك بأقربهم مودة: جيران الوطن وأصهار الرسول!. العدل يطالبنا بأن نضع هذه الفتن فى سياقها، كجزء من حالة التعصب والتعصب المضاد، والاحتقان الطائفى، والحاضر المتردى، وغياب الأمل فى مستقبل أفضل، ولا ننسى للكنيسة الوطنية مواقفها الرائعة فى رفض التطبيع. كمسلم يعتز بإسلامه تؤذينى الأوصاف الجارحة التى يكتبها البعض عن البابا شنودة، هذه أشياء لا تمت للإسلام بصلة، الذى نهانا عن فحش القول وإهانة كبار السن، خصوصا أنها لا تؤدى لحل، والكراهية لا تفضى إلا إلى مزيد من الكراهية. نساند كاميليا فى محنتها، سواء كانت أسلمت أو ضاقت بحياتها الزوجية، ونحترم حقها فى الاختيار، ونقول ما يعتمل فى نفوسنا بأدب، مؤمنين بأن المصلحة واحدة، وأن الفتنة الطائفية وبال على الجميع. لا أدرى ما الذى ستخسره الكنيسة حقا من لقاء إعلامى لكاميليا مع منى الشاذلى أو عمرو أديب - مثلا - لإعلان الحقيقة وتهدئة النفوس! تغيير العقيدة- إذا كان قد حدث!- ينبغى ألا يُؤخذ بحساسية. «ريتشارد جير» اعتنق البوذية، «جوليا روبرتس» اعتنقت الهندوكية، وأسلم المطرب «كات ستيفنس» فاحترمت مجتمعاتهم حقهم فى الاختيار باعتباره مسألة شخصية لا عامة. فمتى نحذو حذوهم ونصل إلى النضج الكافى لفهم أن الديانة المسيحية، الأكثر انتشارا فى العالم، لن تهتز لو أسلم مليون مسيحى، بنفس القدر الذى لن تهتز للإسلام شعرة لو تنصر مليون مسلم!. خصوصا أن العدد عندنا وعندهم فى الليمون! ولعل الفتنة القائمة تكون دافعا لنا لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بحرية الاعتقاد. عيب والله أن نكون فى القرن الحادى والعشرين ولم تحسم المسألة بعد. إن الإيمان، الذى محله القلب، سر بين العبد وخالقه، وسنقف جميعا بين يدى خالقنا لندفع ثمن اختياراتنا وتقديم كشف الحساب. أما فى هذه الدنيا فلنسم الأمور بأسمائها ونقول عن المسلم مسلما وعن المسيحى مسيحيا وعن الملحد ملحدا. حرية الاعتقاد فى الإسلام مكفولة بمئات الآيات القرآنية «لا إكراه فى الدين»، هذه من المبادئ غير القابلة للنسخ كما قال الإمام محمد أبوزهرة. فكيف نكتب فى خانة الديانة «مسلم» لإنسان لم يرتض الإسلام دينا، سواء كان مسيحيا أراد العودة لديانته، أو بهائيا، أو حتى ملحدا؟!. هذا أحوط للأنساب، وأدعى لعدم الخداع، تخيل أن تكتشف أن زوج ابنتك بهائى أو ملحد لمجرد أنه لا يستطيع أن يسجل الحقيقة! إن الفرصة الآن مواتية لإقرار حرية الاعتقاد، خصوصا مع وجود العالمين الجليلين أحمد الطيب وعلى جمعة على رأس المؤسسة الإسلامية. وكلاهما من أصحاب النَفَس الصوفى الهادئ، الودود المتسامح، فبالله عليكم لا تُضيعوا الفرصة المواتية. [email protected]