قال إيهاب حمودة، سفير مصر في الإمارات، إن الحكومة المصرية ستعرض على الجانب الإماراتي "حزمة كبيرة من المشروعات الاستثمارية خلال النصف الثاني من يناير 2015 في إطار التحضير لقمة مصر الاقتصادية". وأكد حمودة، في حوار مع أصوات مصرية عبر الهاتف، أن الجانب الإماراتي مازال ينتظر التشريعات التى ستصدرها الحكومة سواء من خلال قوانين ذات طبيعة خاصة لإقامة مشروعات حيوية مثل مشروع تنمية محور قناة السويس أو إجراء تعديلات على قوانين الاستثمار الحالية لإجراء توسعات استثمارية عملاقة.
ويؤكد حمودة أن "الحكومة المصرية تسعى خلال الفترة المقبلة لتوضيح رؤيتها لكافة المستثمرين قبل إنعقاد القمة الاقتصادية في مارس، وذلك بالتنسيق مع الجانب الإماراتي حيث تقوم الإمارات بدور دبلوماسي واسع المدي مع كافة دول العالم لحضور المؤتمر ...وسيكون المؤتمر الاقتصادي بصمة جديدة للمساعدات الإماراتية لمصر".
كان العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز دعا لمؤتمر "المانحين" بعد فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بالانتخابات الرئاسية وهو ما أيدته الإمارات على الفور ولكن الحكومة المصرية فضلت أن يكون المؤتمر تحت مسمى قمة مصر الاقتصادية بعنوان "مصر المستقبل ".
مدن سكنية جديدة في 6 أكتوبر والساحل الشمالي
قال حمودة إن هناك "عروض عملاقة من رجال أعمال إماراتيين حاليا لإقامة مدن سكنية ومشروعات خدمية في مدينة 6 أكتوبر ومنطقة الساحل الشمالي الغربي"، لكنه رفض الكشف عن أية تفاصيل لحين التوصل لإتفاقيات نهائية.
وأشار إلى أنه "جاري تأسيس مجلس أعمال مصري إماراتي جديد..ولكن هناك إجراءات لابد من إتمامها قبل التأسيس مثل الإنتهاء من التعديلات التشريعية الخاصة بالاستثمار إلى جانب حسم كافة المشاكل التى تواجه المشروعات الاستثمارية الإماراتية القائمة في مصر".
وأوضح أن مجلس الأعمال الحالي غير مفعل وكان هناك محاولات سابقة لتفعيله ولكنها لم تنجح، مشيراً إلى أن "عدد واسع من رجال الأعمال الاماراتيين المعروفين لديهم تطلعات كبيرة لضخ استثمارات في مصر في مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة".
وبالتوازي لذلك هناك مشاورات لإنشاء لجنة عليا تضم أعضاء من الحكومتين لتقوية العلاقات المشتركة بين مصر والإمارات في كافة المجالات، أضاف حمودة، ولكنه لم يحدد توقيت معين لتأسيس هذا المجلس.
ويذكر أنه تم تأسيس مكتب لتنسيق المشاريع التنموية الإماراتية في مصر، بعد 30 يونيو، وقد عينت الإمارات سلطان الجابر، وزير الدولة الإماراتي، للإشراف على تنفيذ المشروعات التي قٌدمت لأجلها مساعدات لمصر.
لماذا تأخر مشروع أرابتك وانتقل لوزارة الإسكان؟
قدم السفير المصري بالإمارات تفسيراً لتأخر مشروع إنشاء مليون وحدة سكنية بالإتفاق مع شركة أرابتك الإماراتية القابضة قائلاً "تعددت الأقاويل علي المشروع .. اتقال عليه وهمي .. وأنه تم تخفيض عدد وحداته.. وكل هذا الكلام غير حقيقي فالمشروع قائم ولكنه تأخر لعدة عوامل".
ومن أهم أسباب تأخر المشروع، تبعاً لحمودة، هو "حرص الحكومة المصرية على زيادة مساحة الوحدة السكنية التى سيتم إنشاؤها بحيث تشمل 3 غرف بدلاً من غرفتين فقط حتى تلائم أسرة تضم 4 أو5 أفراد مع إلتزام الشركة بهامش ربحية لايتجاوز 5% من تكلفة البناء".
وبحسب حمودة، فإن التغيرات التى شهدها هيكل مساهمة أرابتك، الخاصة بتخارج عضوها المنتدب، حسن سميك، رجل الأعمال الأردني من الشركة، ثم إنتقال رئاسة مجلس إدارة المشروع إلى الإماراتي خادم القوبيسي..أثرت أيضاُ على تنفيذ البرنامج الزمني المحدد للمشروع.
وقال حمودة إن رئيس مجلس إدارة أرابتك أكد في أكثر من حديث أن الشركة ماضية في إتفاق إنشاء المليون وحدة سكنية، وبالفعل تم توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الاسكان منذ شهر ونصف، ومن المقرر حسم كافة الأمور الفنية مثل حصة الحكومة المصرية في المشروع خلال أيام .
ولم يحدد السفير المصري برنامج زمني جديد للمشروع، ولكنه أشار إلى أن عدد وحدات المرحلة الأولي منه ستتراوح من 100 إلى 120 ألف وحدة سكنية.
وبرر حمودة تخارج القوات المسلحة من إتفاق المليون وحدة سكنية بأن "وزارة الاسكان هي الجهة المعنية بمواقع التعمير الجديدة التى تفتتح فيها الدولة مشروعات سكنية أو خدمية.. وبالتالي لابد أن تكون في إطار المخطط العام لوزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية".
وأضاف حمودة أن "القوات المسلحة سمحت بمنح مواقع المشروع وطرحها لاسكان الشعب إنما الشخص الفني المعني بالمشروع وزارة الاسكان ..ومازالت القوات المسلحة مشرفاً عاماً على المشروع دون أن تكون طرفاً مباشراً "، وأكد أن الأراضي التى ستقام عليها المشروع "مازالت منحة من القوات المسلحة لشعب مصر".
يذكر أن أرابتك الإماراتية وقعت في مارس الماضي برتوكول تعاون مع الهيئة الهندسية، التابعة للقوات المسلحة، لإنشاء وتمويل مليون وحدة سكنية منخفضة التكلفة كاملة المرافق والخدمات، على مدي 5 سنوات، بتكلفة 280 مليار جنيه، وكان من المقرر بدء التنفيذ إعتباراً من الربع الثالث من 2014 . ولكن تم نقل تبعية المشروع لوزارة الاسكان.
المساعدات الإماراتية بلا سقف .. ولن تتأثر بتراجع أسعار النفط
يؤكد حمودة أن"المساعدات الإماراتية لمصر بلا سقف وبلا حدود وبدون أي شروط ولا تقتصر فقط على المساعدات المالية بل تشمل أمور فنية ولوجستية منها مشاركة تحالف إماراتي في أعمال حفر قناة السويس" .
"الجانب الإماراتي والخليجي بشكل عام يعلم في النهاية أن أمن مصر القومي هو أمن دول الخليج ..وانتهي زمن المساعدات المشروطة التى كانت موجودة أيام حكم جماعة الإخوان المسلمين"، يقول حمودة .
ورفض حمودة الحديث عن حجم المساعدات التى قدمتها الإمارات لمصر منذ 30 يونيو. كانت بعض التصريحات الصحافية الصادرة عن أعضاء من الحكومة المصرية قد أشارت إلى أن المساعدات الإماراتية وصلت إلى 15 مليار دولار حتى الأن .. "المساعدات في هذه الحدود ولن اذكر رقم"، على حد قول السفير.
ونفى حمودة أن يؤدي تراجع أسعار النفظ في الأسواق العالمية، بنحو 40% منذ يونيو الماضي، إلى تراجع الدعم الإماراتي المالي لمصر، مؤكداً أن "الأمران منفصلان" وفقاً لتعبيره .
المبادرة الخليجية للتوافق مع قطر تشمل مساعدات مالية لمصر
وفيما يتعلق بالمبادرات الخليجية للتصالح مع قطر، قال حمودة إن" إجتماع الدوحة الأخير، وما سبقه من محاولات سعودية وكويتية، كان هدفه تحجيم التوترات السياسية في المنطقة".
وعقدت دول مجلس التعاون الخليجي قمة في الدوحة منذ أيام بدعوة من أمير قطر وخرجت القمة بتصريح مقتضب تؤكد فيه على أهمية دعم مصر .
وكان العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز، قد ناشد مصر، في 19 نوفمبر الماضي، إلى دعم اتفاق بين دول خليجية لإنهاء خلاف مستمر منذ ثمانية أشهر مع قطر.
ووقعت دول الإمارات والبحرين والكويت وقطر على اتفاق الرياض التكميلي في الرياض، في نفس الشهر، لانهاء كافة أسباب الخلافات الطارئة بين الدول العربية لدفع مسيرة العمل المشترك وتحقيق مصلحة الشعوب العربية والإسلامية.
وحول ما إذا كانت المبادرة الخليجية للتوافق تتضمن قيام قطر بتقديم مساعدات مالية لمصر يقول حمودة "أكيد طبعاً ..تأمين مصر أمر هام.. ويهم كافة دول الخليج ..مصر هي ميزان القوة في المنطقة هي التى تستطيع أن تتطلع بدور محوري في هذه اللحظات فمصر تعيش حالياً في حالة استقرار سياسي ..ولكن لا نسطيع الحكم الآن على المصالحة مع قطر".
وذكر تقرير لموقع الفاينانشيال تايمز، منذ أيام، أن وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليف صرح بأن الاتفاق الذي عقدته السعودية والإمارات والبحرين مع قطر الشهر الماضي حدد الخطوات التي ينبغي على الأخيرة اتخاذها لإبداء تضامنها مع دول الخليج الأخرى، وأن الاتفاق ركز على ضمان دعم مجلس التعاون الخليجي، بما فيه قطر، لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر.
وأشار التقرير إلى أنه "بموجب الاتفاق سيكون على قطر المشاركة في الدعم المالي الذى تقدمه السعودية والامارات لحكومة مصر وإنهاء دعمها لجماعة الإخوان المسلمين".
وردت مصر 2,5 مليار دولار وديعة لقطر نهاية الشهر الماضي بعد استحقاق موعد سدادها دون الدخول في مفاوضات لتمديدها، نتيجة للخلاف السياسي بين مصر وقطر بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو 2013.
تعاون مصري – إماراتي – إفريقي
كشف حمودة عن وجود مشاورات لتعاون ثلاثي بين مصر والامارات والدول الأفريقية يتضمن التعاون في مجال الاستثمار في البنية التحتية والصحة والتعليم، بحيث يتولي الجانب الإماراتي تمويل أية طلبات من الدول الأفريقية وخاصة دول الكومنولث بينما تدخل مصر بالتعاون الفني من خلال الخبراء المؤهلين لتنفيذ المشروعات التى ستمولها الامارات.
ويشار إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن، في يونيو الماضي، عن دمج الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا مع الصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولث والدول الاسلامية والمستقلة في هيئة واحدة تهدف للتدعيم الفني لتلك الدول في العديد من المجالات وبمشاركة دول أخرى من بينها الإمارات والصين واليابان.