صفحة على "فيس بوك" تدعو الشعراء للتضامن مع سجينات الرأي دعوة لكتابة قصيدة تضحك وتقاوم و كتاب يجمع قصائد العرب والمصريين إلى يارا رفعت سلام ورفيقاتها تدشين موقع إلكتروني بعد انتهاء القضية لنشر الشعر المقاوم لا أحد يمكنه اعتقال ضحكة تطلع مثل "ياسمينة" في قفر مها شهبه: الصفحة أعتذار للفتيات لتقاعسنا عن مناصرتهن في المحنة التي يعشن فيها "كيف صارت الضحكة رمزا وأيقونة للنضال.. لأنهم اعتقلوها فلم تمت، وحبسوها وراء القضبان فازدادت بريقا، فعرف السجان أن نصوص القوانين، لا تصلح لاعتقال ضحكة ولا حبس قصيدة". إنها يارا سلام تلك القصيدة الحية التي تحولت ضحكتها مع رفيقاتها في السجن إلى أهم منشور إنساني يدعو للحرية ويحرض على الفرح بالحياة رغم كل شيء. وإذا كانت يارا التي درست القانون ومارسته كناشطة دولية في مجال حقوق الإنسان أوكلت الأمر إلى قصائد أبيها وأعلنت ضحكتها ميثاقا للرفض والمقاومة فقد صارت الضحكة ثورة والثورة حلما لا يموت. قصة يارا سلام تستحق التوقف أمامها هي وكل بنات مصر اللاتي تعرضن للحبس فقد ضحكت البنات في الإسكندرية وفي القاهرة وهن خلف القضبان وجعلن السجن - بضحكة واحدة - لعبة سخيفة تسجن وراءها النصوص المحنطة والقوانين المكبلة والمنذورة لتقييد الحريات.. فسجنت قضاتها وسجانيها.. فلا أحد يمكنه اعتقال ضحكة تطلع كياسمينة في قفر... البنات ضحكن بعفوية ونبل فصارت الضحكة إنجيلا ثوريا للأمل.. يستحق أن نعيد قراءته لنعرف أن الثورات التي تضحك لا تموت. مؤخرا دشنت صحفية مصرية ومخرجة صفحة على "الفيس بوك" طلعت من ضحكة يارا لتنادي وتغني للحرية للجميع بلا تفرقة فأسمتها "وجه يارا" تفكر في تحويلها مستقبلا إلى صفحة للشعر المقاوم. يارا بعد أيام من المعتقل كتبت رسالة إلي أبيها لم تنكر فيها ألمها وحزنها وغضبها وأعلنت الضحكة سلاحا في وجوه سجانيها.. ".. أكثر لحظات صعبة هي لما باحلم حلم حلو لدرجة إني باصحى ناسية اني في السجن، فأول ما باستوعب باتخض. وفي مرَّة مش عارفة ليه.. قلقت ليكون حصل حاجة ليك أو لماما وأنا محبوسة.. مش عارفة اطلع أطمن عليكم أو أكلمكم. غير كده.. أنا مش ندمانة، وفي نفس الوقت مش شايفة أن السجن جدعنة.. اللي حصل حصل، وأكيد حصل لسبب أكبر مني، أو حصل علشان اتعلم حاجة حاتبني فيَّه، بس اللي أنا متأكدة منه إن الحبس مش حيكسرني".. هكذا كتبت يارا إلى أبيها الشاعر الكبير رفعت سلام بعد أيام من اعتقالها وبداية قراءتها لسفر السجون وهي الناشطة التي تعمل في الدفاع عن حقوق الإنسان .. فرد عليها رفعت بقصيدة وكتابة بديعة قال فيها: *** مَسَاءٌ غَائِرٌ يَلُوبُ، لاَ يَلْوِي، نَوَافِذُ تَفِرُّ فِي فَرَاغٍ فَاتِرٍ، شَجَرٌ يُسَافِرُ فِي فَضَاءٍ قَاحِلٍ، وَطِفْلَةٌ كَانَ اسمُهَا "يَارَا" تَلُمُّ الذِّكرَيَاتِ مِن الرَّمَاد، تَصُبُّ فِيهَا ضِحْكَهَا، فَتَصِيرَ بَيْتًا مِن هَبَاء. مَسَاءٌ يَابِس. وَطِفْلَةٌ تَعْدُو إلَى الوَرَاء. مَسَاءٌ مِن عُوَاء. وَطِفْلَةٌ تَرْمِي مَسَاءً عَابِسًا بِضِحْكِهَا، فَتُشْعِلَ الفَضَاء. ******** ولما قدمت مجلة الشعر المصرية ملفا عن يارا كتب رفعت مقدمة بنكهة الأبوة ومهارة الشاعر وحكمة الصابرين قال فيها : ".. ليست رمزًا، لا استعارةً، لا كناية. ليست عصفور قوس قزح يمرح في الفضاء ويغني للشروق الذي لم يئن أوانه. ليست شجرةً تأوي إليها الطيور الهائمة على غير هدًى، تبتني في أغصانها أعشاشها الآمنة.. هي ضحكةٌ بسيطة تَعلق بخط الزَّوال، لا تريم، لا تعرف اليأس والتَّعبَ، ولا تعرفها عوامل التعرية.." **** وعندما دشنت الصحفية المصرية صفحتها على "الفيس بوك" تدعو شعراء مصر والعالم إلى مناصرة سجينات الرأي في مصر بالقصائد والنصوص الجمالية . حظيت الصفحة منذ الساعات الأولى لانطلاقها بآلاف المعجبين وبالقصائد التي أرسلها شعراء من مصر والعالم العربي والهند وانجلترا وأمريكا وغيرها. وقالت أدمن الصفحة مها شهبه : "دشنا الصفحة لنعتذر للفتيات عن تقاعسنا عن مناصرتهن في المحنة التي يعشن فيها، وقد تخيلنا ان يارا ورفيقاتها هن بناتنا فلم نتحمل ما تحملته راوية صادق أم يارا وأمهات البنات اللاتي يعانين وراء القضبان فقررنا أن نتعاطف معهن لنحاول أن نمنع تكرار قمع البنات في مصر بداعي السياسة، حاولنا أن نفعل لهن شيئا ولم نكن نملك سوى حفنة من صور وتعبيرات بلاغية فشعرنا بالهزيمة.. ولكن قصيدة هنا أو هناك نشرت على صفحة الشاعر الكبير رفعت سلام، أغرتنا بأهمية الشعر وقررنا أن نفعل شيئا بالقصائد خاصة بعد أن هالنا حالة التعتيم على القضية وعلى الملف الشعري الذي نشرته مجلة الشعر المصرية عن يارا ونشرت فيه حوالي عشر قصائد لم تكتب الصحف المصرية عنه خبرا واحدا فقررنا إطلاق صفحة تجمع كل القصائد والنصوص ثم نصدرها في كتاب باللغة العربية والإنجليزية". وعن سر اختيار اسم وجه يارا للصفحة قالت شهبة :- "هناك عدة عوامل أولها أنها ناشطة معروفة دوليا فهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان نالت الماجستير في تخصص دقيق هو القانون الدولي لحقوق الانسان ، وثانيا لأنها لم تكن تتظاهر بالمعني التقليدي بل كانت تدافع عن متظاهرات في وقفة الاتحادية الشهيرة التي تطابلب بالغاء قانون التظاهر. ثالثا أردنا استغلال اسمها المعروف مصريا وعالميا واسم أبيها الشاعر المصري الكبير رفعت سلام المعروف عربيا ودوليا بدواوينه اللافتة "كأنها تومىء لي" و"وردة الفوضى الجميلة" وترجماته لريستوس ورامبو ،.. رابعا لأن يارا تحولت بصورتها الشهيرة وهي تبتسم إلى أيقونة أردنا توظيفها لنبث الأمل في صفوف البنات السجينات وكل بنات مصر والعالم.” وقال بعض النشطاء إن صفحة وجه يارا صفحة يسارية تهتم فقط ببنات اليسار وتتجاهل بنات الإخوان الصغيرات اللاتي غيبتهن السلطة في السجون، وردت شهبة على هذا الاتهام بقولها: "لسنا صفحة سياسية ولسنا معنيين بالتشظي النفسي والاجتماعي السائد في مصر نحن معنيون فقط بالإنسان. والصفحة تطالب بالحرية لكل البنات وللانسان أيا كان موقفه وأيا كان موقفنا من أفكاره فللجميع الحق في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي". لا ندافع عن يارا سلام ابنة راوية صادق ورفعت سلام ولا عن سناء سيف فقط، بل ندافع عن كل البنات وندعو الجميع إلى احترام ابتعادنا عن السياسة المباشرة لأن قضية الإنسان والقصيدة أهم من انقسام سياسي آني، ربما يختفي غدا. وعن مستقبل الصفحة لو تم الافراج عن يارا ورفيقاتها تقول مها : - ستصبح الصفحة ووجه يارا قصيدة لمقاومة القبح والظلم وسنجعلها موقعا شعريا ينشر قصائد التحرر العربية والعالمية وموقعا يحاول التقريب بين القصيدة وقارئها بعد أن باعدت بينهما التجارب الموغلة في الذاتية او التجريب، ولكننا الآن في مرحلة جمع القصائد والنصوص الجمالية للدفاع عن حرية الانسان وحقعه في التظاهر السلمي واستكمال أغنية الثورة في مصر. يارا سلام تقول الأوراق ان يارا رفعت سلام”محامية وباحثة حقوقية، وناشطة سياسية ومدونة، تم القبض عليها في الأحداث المعروفة بمسيرة الاتحادية في 21يونيو الماضي ، وكانت التظاهرة تدعو لوقف العمل بقانون التظاهر، وتم عرضها على محكمة جنح مصر الجديدة في التاسع والعشرين من يونيو وبعد سلسلة من التأجيل، أصدر القاضي حكما بحبسها ورفيقاتها ثلاث سنوات قبل أن تستأنف يارا الحكم والذي سينظر في أمره بحكم نهائي في الثامن والعشرين من ديسبمبر المقبل . بدأ اهتمام يارا سلام بالدفاع عن حقوق الإنسان في الخامسة عشر من عمرها حيث تطوعت للعمل في جمعية “النسور الصغيرة“، ثم تعمق الاهتمام بدراسة الحقوق في جامعة القاهرة قبل ان تسافر الى هولندا وتحصل على الماجستير في “القانون الدولي لحقوق الإنسان من جامعة نوتردام“، وبعد حصولها على الماجستير عملت كمساعدة قانونية باللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في جامبيا. عادت “يارا سلام” إلى القاهرة في 2011عقب ثورة 25يناير والتحقت بالعمل في مؤسسة "نظرة" للدراسات النسوية حيث رأست “برنامج المدافعات عن حقوق الإنسان“، الذي كان معنيا بتوثيق الانتهاكات ضد المرأة في مصر ثم عادت مرة أخرى للعمل بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية. تم القبض على “يارا سلام” من قِبَل مجموعات ترتدي ملابس مدنية وتسليمها لقوات الأمن يوم الحادي والعشرين من يونيو الماضي وتم اقتيادها إلى قسم شرطة مصر الجديدة، وأحيلَت إلى النيابة العامة التي وجهت إليها اتهامات منها خرق قانون التظاهر وإتلاف ممتلكات عامة فلم تفعل يارا شيئا سوى ان تضحك بملء قلبها فصارت ضحكتها ثورة تلغي القوانين المقيدة للحرية فمن ذا الذي يستطيع اعتقال ضحكة البنات . ##