رحلت مساء اليوم الخميس الفنانة وردة الجزائرية عن عمر ناهز ال73، تاركة وراءها رصيدًا هائلًا من الإبداع، الذى طالما أسعد جمهورها فى مصر والعالم العربى، بدأت رحلة صعودها بأغنية "أوقاتى بتحلو"، التى لحنها فنان الشعب سيد درويش عام 1979، واختتمتها بأغنية وطنية بعنوان "مازال واقفين" جديدة احتفالًا بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، وظهرت خلال الكليب الخاص بالاغنية ترتدي فستانًا أبيض مليئًا بالورود الخضراء والحمراء "ألوان العلم الجزائري"، اعتزازًا بالشهداء والنضال. قدمت وردة محمد فتوكى لمصر سنة 1960 بدعوة من المنتج والمخرج حلمي رفلة الذي قدمها في أولى بطولاتها السينمائية "ألمظ وعبده الحامولي" ليصبح فاتحة إقامتها المؤقتة بالقاهرة، وطلب الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر أن يسند إليها آداء مقطع في أوبريت "وطني الأكبر". وكعادة كل الرموز التى تحظى بالنجاح والشهرة، تعرضت الفنانة الراحلة لأسوأ عملية تشويه نالت من سمعتها في مطلع الستينات خلال الوحدة بين مصر وسوريا كان المشير عبد الحكيم عامر وزير الحربية وقتها عائدا لدمشق بعد رحلة إلى مصيف بلودان. وفي الطريق، كانت وردة الجزائرية في طريقها إلى دمشق ولكن سيارتها تعطلت فأمر المشير بتوصيل السيدة الي المكان الذي تريده. كانت وردة الجزائرية حينئذ غير معروفة في مصر ولكنها عرفت بنفسها أثناء الحديث وألحت أن ننقل للمشير رغبتها في مقابلته لتقدم له الشكر. حضرت وردة الجزائرية بالفعل إلى استراحة المشير عبد الحكيم عامر في منطقة أبو رمانة بدمشق. كان اللقاء في وضح النهار ولم يكن المشير وحده وإنما كان معه في الاستراحة أنور السادات واللواء أحمد علوي وعبد الحميد السراج. وصل تقرير سري لهذه المقابلة إلى مكتب الرئيس عبد الناصر وانطلقت الشائعات - ليس فى ارجاء المحروسة فحسب - بل فى الوطن العربى كله، بوجود علاقة بين وردة وبين المشير. وزادت حدة الشائعات لأن وردة ذاتها انتهزت فرصة لقائها بالمشير عامر وحاولت استغلالها لصالحها بعد مجيئها للقاهرة وبدأت توهم المحيطين بها بأنها على علاقة بالمشير وأنها تتصل به هاتفيا. وبلغت الشائعات أوجها حين تحولت من مجرد شائعة تلوكها الالسن إلى مادّة للفكاهة والدعابة، فبعد نجاح الثورة اليمنية، واستتباب الأمر لقائدها عبدالله السلال، منح نفسه رتبة المشير، لتسرى النكتة بأن السلال بعث ببرقية عاجلى لعبدالناصر قال فيها "لقد رقينا لرتبة المشير.. فابعثوا لنا وردة"، ولم يكن المقصود ب"وردة"، هنا مجرد زهرة كما اعتاد الناس وقتها فى تبادل التحايا، لكنها كانت إشارة من الخبثاء ومروجى النكتة إلى وردة الجزائرية وما تردد عن علاقتها بالمشير عامر. واعتزلت وردة الغناء لسنوات بعد زواجها، حتى طلبها الرئيس الجزائري هواري بومدين كي تغني في عيد الاستقلال العاشر لبلدها عام 1972، بعدها عادت للغناء فانفصل عنها زوجها جمال قصيري وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري. لتعود للقاهرة وتواصل مسيرتها من جديد وتزوجت الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي لتبدأ معه رحلة غنائية استمرت رغم طلاقها منه سنة 1979. كان ميلادها الفني الحقيقي في أغنية (أوقاتي بتحلو) التي أطلقتها في عام 1979م في حفل فني مباشر من ألحان سيد مكاوي. كانت أم كلثوم تنوي تقديم هذه الأغنية في عام 1975 لكنها ماتت. لتبقى الأغنية سنوات طويلة لدى سيد مكاوي حتى غنتها وردة. تعاونت وردة الجزائرية مع المفنان محمد عبد الوهاب، ملحنًا، قدمت مع الملحن صلاح الشرنوبي العمل الشهير بتونس بيك. وشاركت في العديد من الأفلام منها ألمظ وعبده الحامولي مع عادل مأمون ومع رشدي أباظة أميرة العرب وحكايتي مع الزمان وكذلك مع حسن يوسف في فيلم صوت الحب وكان أول أفلامها السينمائية بعد عودتها من الجزائر. خضغت مؤخراً لجراحة لزرع كبد جديد في المستشفى الأمريكي بباريس ووافتها المنية اليوم17 من مايو عن عمر يناهز 73 عاما إثر أزمة قلبية. اشتهرت وردة بأغانيها والتى بدأتها بأشهر أغانيها عام 1979 "اوقاتى بتحلو"، "وحشتونى"، "اه لو الايام بتتكلم"، "حكايتى مع الزمان"، "يا نخلتين فى العلالى"، "لولا الملامة"، "أكدب عليك"، "ليالينا"، "مالى وانا مالى"، "اشترونى"، "اسمعونى"، "بتونس بيك". كما شاركت فى عدة افلام منها "حكايتى مع الزمان"، و"صوت الحب"، و"المظ وعبده الحامولى"، "أميرة العرب"، "اه يا ليل يا زمن"، "ليه يا دنيا". وكان آخر اعمالها الفنية مسلسل "آن الاوان "والذى شاركها فيه المطرب خالد سليم.