نحن نعيش الأيام العشر من ذي الحجة، هذه الأيام المباركة التي يؤدي المسلمون فيها مناسك الحج، فيأتون من كل مكان في الأرض من أطراف المعمورة قاصدين الديارَ المقدسة ليطوفوا بالبيت العتيق، في مشهد ضخم مهيب نتابعه سنوياً يعج بالحجاج الذين تَلهَج ألسنتهم بالذكر والدعاء، فتتعطر أجواء الحرمين وأجواء الدنيا بأسرها بالتلبية "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك"، هذه الأجواء الروحانية العطرة والنفحات الإيمانية التي تجعل أرواحنا تهفو وأعيننا تدمع شوقاً لبيت الله الحرام ورغبة في الامتثال لأوامره وأداء هذه الشعيرة العظيمة، ألا أنه في الواقع إن الملايين لا يذهبون للحج سنوياً، فكيف يمكنهم الاستفادة من هذا الموسم الروحاني العظيم والتقرب إلى الله بما يرضيه؟ الداعية الإسلامي حذيفة عبد لمعطي يخبرنا ببعض الإرشادات للنيل من نفحات هذه الفريضة العظيمة من خلال السطور الآتية: بداية يرى عبدالمعطي أن الحج شعائرُ ومشاعر يجب أن يعيشها المسلمُ ليأخذ منها الدروس والعِبر، ويستخلصَ منها السلوكَ والتطبيق حتى وإن كان ممن لم يوفقوا في الذهاب إلى الأرض المقدسة والانضمام لوفود الرحمن من الحجاج، فنحن من منازلنا ومن خلف الشاشات نستطيع أن نستشعر مشاعر من يلبِّي نداءها، فينظر إلى الكعبة، ويعانق الحَجَر، ويصلي عند المقام، ويسعى كما سَعَتْ هاجر، ويطيع كما أطاع إسماعيلُ، ويضحِّي كما ضحى إبراهيمُ، ويطوف كما طاف محمد عليه الصلاة والسلام، ويقبِّل الحجر كما قبَّله عمر رضي الله عنه، وذلك من خلال المتابعة القلبية لمناسك الحج. كما يشير حذيفة إلى أنه يمكن ربط كل شعيرة من شعائر الحج بعمل قلبي نجاهد أنفسنا فيه، فعلى سبيل المثال يمكننا فعل ما يلي، ولتكن النية هي الحج بالقلب والتقرب إلى الله بما يحب: • الإحرام.. ضبط اللسان عن فضول الكلام، فلا تقل إلا خيراً. • التلبية.. تلبية نداء الصلاة في وقتها كلما أذن المؤذن. • الطواف على المحتاجين من الأقارب. • السعي في قضاء حاجات الناس. • الوقوف بمنى.. الوقوف بين يدي الله بركعتي قيام هذه الليلة. • المبيت.. التسامح وسلامة القلب والبيات دون أي بغضاء على أحد. • الرمي.. ترك صغائر الذنوب. • النحر.. الصدقة بالمال أو الأمر بالمعروف أو التبسم في وجه أخيك. • التحلل.. رد الأمانات إلى أصحابها والمسامحة بها. ويختم حذيفة بمقولة العالم ابن رجب في كتاب "لطائف المعارف"، حيث قال: "من لم يستطع الوقوف بعرفة فليقف عند حدود الله، ومن لم يستطع المبيت بمزدلفة فليبت على طاعة الله ليقربه ويزلفه، ومن لم يقدر على ذبح هدية بمنى فليذبح هواه ليبلغ المُنى، ومن لم يستطع الوصول للبيت؛ لأنه بعيد عنه فليقصد رب البيت فإنه أقرب إليه من حبل الوريد".