يوم الجمعة الماضى، وقف فضيلة الشيخ أحمد المحلاوى، خطيبا للصلاة بجامع إبراهيم القائد بالإسكندرية، وحسبما ذكرت صحف اليوم التالى، فقد خاطب أعضاء جماعة الأخوان المسلمين، موجها لهم الحديث، قائلا لهم : " أنتم مسئولون عن شعب مصر"!!. وقد استدعى هذا التكليف، من الذاكرة، ذكريات هزلية وبائسة، حينما وقف الرئيس الأسبق، "أنورالسادات"، يخاطب "رشاد عثمان"، (وأنت أدرى منى، يا فضيلة الشيخ من هو "رشاد عثمان"!)، قائلا له : " الإسكندرية فى مسئوليتك يا رشاد"، فرد عليه "رشاد عثمان"، مطبطبا على رقبته، رد " معلمين" : " برقبتى ياريس"، وقد كان ما كان من التطبيق العملى المعلوم ل " مسئولية رشاد عثمان " عن مدينة الإسكندرية الكبيرة، حيث عاث فيها فسادا ونهبا، وسرقة وتخريبا، وهو أمر لازالت الذاكرة السكندرية تتذكره بكل وضوح !!.
وبصرف النظر عن صحة استخدام منبر الجامع لتوجيه خطاب خاص بجماعة من المصريين، دون بقية المصلين، الذين هم مسلمون أيضا، اللهم إلا إذا اعتبر فضيلته أن جميع أهل الإسكندرية هم من الأخوان، وهذا أمر ليس صحيحا بالطبع، بصرف النظرعن هذا، فليسمح لى فضيلته بمناقشة هذا الرأى، الذى أراه خطيرا إلى درجة توجب التوقف عنده! .
فاعتبارأعضاء "الأخوان المسلمين"، دون كل المصريين: أحزابا وجماعات وحركات سياسية وشخصيات عامة... إلخ، "مسئولين عن شعب مصر"، يعيد إنتاج نفس التوجهات التى يُفترض أن ثورة 25 يناير قد كنستها، وألقت بها إلى مزبلة التاريخ. ألم يكن ذات يوم ليس ببعيد، هناك شيئ أسمه" الحزب الوطنى الديمقراطى"، يتصرف باعتباره: " مسئولا عن شعب مصر"، وماذا كانت النتيجة؟!: ثلاثون عاما من الخراب والفساد والاستبداد والانفراد بإدارة شئون البلاد ومصائر العباد!!.
لا يا فضيلة الشيخ، وأنت لك كل الاحترام والتوقير، فحاشاك أن تضع مصير شعب مصر، مصرالثورة، وهى أكبر من كل الأحزاب ، وأعظم من كل الجماعات، فى يد هذا الطرف أو ذاك، فقد انتهى عهد وصاية طرف من الأطراف، بمفرده، على الشعب، وولى زمن اعتبار جماعة من الجماعات مسئولة عن شعبنا.. فالمسئول الأول والوحيد عن شعب مصر: هو شعب مصر لا غيره، وقد أثبت هذا الشعب قدرة لا مثيل لها ، ووعيا لفت أنظار الدنيا بأسرها، وهو لن يقبل أبدا أن يكون كائنا من كان وصيا عليه، بل الصحيح أن تقول ، يا مولانا، لجماعة الأخوان، ولغيرها من فرق السياسة، وأحزابها، وحركاتها، أنتم تحت عباءة شعب مصر، وهو وحده المسئول عنكم، فالمسئولية لا تكون من الجزء على الكل، وإنما العكس هو الصحيح، فحتى لو كان عدد أعضاء جماعة الأخوان، تعد مليونا من المصريين، فهناك من المصريين خمسة وثمانين مليونا خارجها: أليس هذا صحيحا يا فضيلة الشيخ الموقر؟!.
الشعب المصرى أطاح بزمن الأوصياء، وهو لن يخضع لأية وصاية جديدة، من فرد أو هيئة، كان من كان، وكانت من كانت.
وهذا هو درس 25 ينايرالذى يجب ألا ننساه أبدا.. حتى لا تتكرروقائعه مجددا!.