أطبق متشددون من السنة ينتمون لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على أكبر مصفاة للنفط في العراق يوم الأربعاء بعد الاستيلاء يوم الثلاثاء على مدينة الموصل الشمالية استعراضا للقوة في مواجهة الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة. وقالت مصادر أمنية إن المتشددين دخلوا مدينة بيجي مساء الثلاثاء بعربات مسلحة وأشعلوا النار في مبنى المحكمة ومركز للشرطة بعد أن أطلقوا سراح المسجونين. وعرض المقاتلون السماح لحراس المصفاة البالغ عددهم 250 فردا بالخروج الآمن بشرط مغادرة المصفاة التي تقع على مشارف المدينة على بعد 200 كيلومتر إلى الجنوب من الموصل. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري خلال زيارة لليونان إن بغداد ستتعاون مع القوات الكردية لمحاولة طرد المقاتلين ودعا كل القادة العراقيين إلى توحيد صفوفهم لمواجهة ما وصفه بخطر جسيم يهدد البلاد. وأضاف أنه يجب أن يكون هناك رد سريع على ما حدث. وقال جاسم القيسي المقيم في بيجي إن المتشددين طلبوا من زعماء العشائر في المدينة إقناع رجال الشرطة وجنود الجيش بعدم المقاومة. وقال "قبل غروب الشمس أمس اتصل المسلحون ببعض أبرز زعماء العشائر في بيجي عن طريق الهاتف قائلين لهم: نحن جئنا كي نموت أو نسيطر على بيجي لذلك ننصحكم أن تطلبوا من أبنائكم في الجيش والشرطة أن يلقوا سلاحهم وينسحبوا قبل صلاة العشاء." وتبلغ الطاقة التكريرية للمصفاة 300 ألف برميل يوميا وهي تزود معظم محافظاتالعراق بالمنتجات النفطية وتعد مصدرا رئيسيا للكهرباء في بغداد. وقال عامل هناك إنه لم يتم السماح لعمال الفترة الصباحية باستلام العمل من عمال الفترة المسائية الذين استمروا في العمل. وبدأ الزحف على بيجي بعد ساعات من اجتياح المقاتلين مدينة الموصل دعما لحملتهم لإقامة دولة خلافة إسلامية على جانبي الحدود العراقية السورية. وقد أصبح تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام طرفا أساسيا في الصراع في العراقوسوريا حيث استولى على سلسلة من المدن في العام الأخير وكثيرا ما خاض معارض مع جماعات سنية أخرى. وقالت المنظمة الدولية للهجرة يوم الأربعاء إن عدد العراقيين الذين فروا من الموصل وما حولها بلغ 500 ألف. ويبلغ عدد سكان المدينة نحو مليوني نسمة. ويعد سقوط الموصل صفعة لمساعي بغداد لقمع المتشددين السنة الذين حققوا مكاسب واكتسبوا قوة في العراق خلال العام الأخير واستولوا على مدينة الفلوجة وأجزاء من مدينة الرمادي في الصحراء الممتدة غربي بغداد في مطلع العام. وتعهدت الولاياتالمتحدة التي سحبت قواتها من العراق قبل عامين ونصف العام بمساعدة قادة العراق على دحر "العدوان" في الوقت الذي طلبت فيه حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي من البرلمان إعلان حالة الطواريء. وقالت إن واشنطن ستدعم "ردا قويا ومنسقا" وإن تنظيم الدولة الإسلامية لا يمثل تهديدا لاستقرار العراق فحسب بل للمنطقة بأسرها. وستساهم سيطرة التنظيم على محافظة الأنبار بالإضافة إلى الموصل في الشمال في تعزيز قبضته على امتداد الحدود مع سوريا حيث يقاتل قوات الرئيس السوري بشار الأسد. وقال بعض الفارين إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يتركون بصمتهم في كل مكان بالمدن التي يستولون عليها فيرفعون أعلامهم السوداء وراياتهم على مراكز الشرطة وثكنات الجيش والمباني الحكومية.ووصف تلميذ عمره 13 عاما المقاتلين الذين دخلوا المدينة قائلا "كلهم ملثمون. لكنهم لا يؤذون أيا منا." وقال رجل عمره 40 عاما فر من الموصل مع عائلته "نحن خائفون لأننا لا نعرف من هم. يسمون أنفسهم الثوار. وطلبوا منا ألا نفزع وقالوا إنهم جاءوا لتحريرنا من الظلم." ويقول منتقدون إن إخفاق المالكي الذي ينتمي للمذهب الشيعي ويتولى السلطة منذ ثماني سنوات في معالجة شكاوى الأقلية السنية أدى إلى ازدياد التشدد الإسلامي ودفع جماعات سنية وعشائر للاصطفاف خلف تنظيم الدولة الإسلامية. ويشعر كثير من السنة بأنهم حرموا من حقوقهم واتجه البعض للتشدد وكان ذلك في البداية موجها إلى القوات الأمريكية التي أطاحت بصدام حسين عام 2003 ثم أصبح موجها ضد القوات العراقية التي يقودها الشيعة. وفرت أغلب العائلات إلى الشمال في إقليم كردستان حيث يتمتع الأكراد بحكم ذاتي ولديهم قوة عسكرية كبيرة ومنظمة هي البشمركة. وتحدث بعض المسؤولين في بغداد عن طلب مساعدة من قوات البشمركة لاسترداد الموصل. وقال مسؤولان في وزارة البشمركة يوم الاربعاء إنه لا يوجد تنسيق عسكري بين بغداد واربيل لكن يوجد على الأرض تنسيق على المستوى المحلي بين الجيش العراقي والقوات الكردية. وتسيطر البشمركة على منطقة ربيعة على الحدود مع سوريا بعد أن سمح الجيش العراقي لها بالانتشار في المنطقة وكذلك على قاعدة الكسك على مسافة 45 كيلومترا غربي الموصل وعلى بعض مقار الألوية الأخرى. وسئل هالجورد حكمت المسؤول الإعلامي بوزارة البشمركة عما إذا كانت قوات كردية ستدخل الموصل فقال إن ذلك يتوقف على رئيس الإقليم وإن على المالكي قائد القوات المسلحة العراقية تقديم طلب رسمي. وانشق زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي على أيمن الظواهري الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة كما خاض تنظيم الدولة الإسلامية معارك مع مقاتلين آخرين ينتمون للقاعدة في سوريا. وعرض تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام صورا لمقاتليه ومعها آيات من القرآن على حساب ما وصفها "بدولة نينوى" على تويتر. ودعا التنظيم السنة في نشرة أصدرها للانضمام إليه في مقاتلة الجيش "الصفوي" للمالكي في إشارة للأسرة الفارسية الحاكمة التي روجت للمذهب الشيعي. وفي محافظة صلاح الدين اجتاح مقاتلو التنظيم ثلاث قرى في قضاء الشرقاط وأشعلوا النار في مراكز الشرطة ومباني الإدارة المحلية قبل أن يرفعوا علم الدولة الإسلامية. ولقي ما يقرب من 800 شخص حتفهم في أعمال عنف في مختلف أنحاء العراق في مايو أيار الماضي مسجلا أعلى عدد شهري للقتلى هذا العام. وكان العام الماضي هو الأكثر دموية منذ عامي 2006-2007.