عكف البابا شنودة طوال سنوات عمره على تأليف عدة كتب نقل خلالها للأجيال خبرته الحياتية والدينية، بالإضافة إلى حرصه على كتابة مقالات صحفية، خاصة في جريدة الجمهورية، فترك لنا الراحل مكتبة غنية وكنز من المعلومات والمواعظ. ونقرأ من بين كتاباته، "الحروب الروحية"، وتحدث فيها عن إدانة النفس قائلا إنها فضيلة ، توصل إلي الاتضاع، وإلي التوبة و النقاوة، وإلي امتصاص الرغبة في الإدانه بطريقة سليمة. وقد قال القديس مكاريوس الكبير " احكم يا أخي علي نفسك قبل أن يحكموا عليك". وأضاف القديس الأنبا أنطونيوس " إن دنا انفسنا، رضي الديان عنا ". كذلك إن الذي يدين نفسه، ويوبخ ذاتها لكي يقومها، هذا لا يجد دافعاً داخلياً لإدانه غيرة ، لأنه يشعر أنه مخطئ مثل ذاك وربما أكثر. وفي كتابه "التلمذة" ذكر أن الحياة المسيحية هى حياة تلمذة، وكل الذين آمنوا بالمسيح ، دعوا تلاميذا له. آما هو فدعى " المعلم " و " المعلم الصالح". وعلى الرغم من تلمذة الجميع عليه، كان له تلاميذ خصوصيون، دعوا " خاصته " ( يو 13 : 1 ) . هؤلاء أعدهم لخدمة الكلمة ( ا ع 6 : 4 ) . عن هؤلاء قيل انه : " دعا تلاميذه الاثنى عشر أعطاهم سلطانا على أرواح نجسة ليخرجون " ( مت 10 : 1 ) . قيل فى العظة على الجبل : " تقدم اليه تلاميذه ، ففتح فاه وخاطبهم 000" ( مت 5 : 1 ، 2 ) . ولما أراد أن يحتفل بالفصح ، أرسل اثنين من تلاميذه ، ليقولا ان المعلم : " يسال أين المنزل حيث أكل الفصح مع تلاميذي ". ومن أشهر كتبه "الوصايا العشر" والذي صدر في 4 أجزاء، ويحدثنا البابا في مقدمة الكتاب قائلا: أريد في هذه الأيام بمعونة الله أن أكلمكم عن الوصايا العشر في ضوء التعليم المسيحي . إن هذه الوصايا ليست قاصرة علي العهد القديم فقط ، و إنما نحن أيضاً مطالبون بها . و لكننا سنفهمها في ضوء تعليم المسيح و رسله القديسين. أول شئ نقوله عنها إنها عهد بين الله و الإنسان... لذلك فعندما تحدث موسي النبي في سفر التثنية ، قدم لها بقوله : " الرب إلهنا قطع معنا عهداً في حوريب . ليس مع اَبائنا قطع الرب هذا العهد ، بل معنا نحن الذين هنا اليوم جميعاً أحياء " ( تث 5 : 3 ، 4 ) . و هكذا نلاحظ أن اللوحين اللذين كتبت عليهما هذه الوصايا ، تسميا " لوحي العهد " ( تث 9 : 11 ) . و الكتاب الذي كتبت فيه ، دعي " كتاب العهد " ( خر 24 : 7 ) . إذن فوصايا الله عبارة عن عهد بيننا و بين الرب ، عهد قطعناه معه عندما دخلنا في الإيمان به . هذا العهد قطعه معنا الله في قوة لكي نحس بقيمته . فعندما سلم الله هذه الوصايا للناس ، سلمها لهم من فوق جبل مضطرب . و كان الجبل يرتجف و يدخن و يغطيه سحاب ثقيل ، و يدوي صوت رعود و صوت بوق شديد ( خر 19 : 16 - 19 ) . " و كان المنظر هكذا مخفياً ، حتي قال موسي النبي أنا مرتعب و مرتعد " ( عب 12 : 21 ) ... كل هذا يرينا أن وصية الرب قوية و لازمة ، و لا بد أن ننفذها . - 2-أهمية هذه الوصايا: يكفي لبيان أهمية الوصايا العشر ، أن الله تكلم بها بفمه ( خر 20 : 1 ) . و أن الله كتبها بنفسه ، باصبعه ، علي اللوحين ، و سلمها لموسي ( تث 9 : 10 ) . و لما تسلمها موسي من فم الله ، كتبها و ذبح ذبائح سلامة و أصعد محرقات ، و أخذ من الدم و رش علي الشعب ، و قال : " هذا هو دم العهد الذي قطعه الرب معكم علي جميع هذه الأقوال " ( خر 24 : 4 - 8) . و من أهمية هذه الوصايا العشر ، أنها تكررت في أسفار موسي ، و تكرر تكتابتها بيد الله و بيد موسي: فقد وردت في سفر الخروج ( خر 20 : 2 - 17 ) ، كما وردت أيضاً في سفر التثنية ( تث 5 : 6 - 21 ) ، و قد كتبها الله بأصبعه مرتين : المرة الأولي علي اللوحين اللذين كسرهما موسي ، و المرة الثانية علي لوحين مثل الأولين ( تث 10 : 41 ، خر 34 : 1 ).