السؤال: رأيت أكثر من إمام يكبر تكبيرة الانتقال بعد الوصول إلى الركن التالي، وقد قرأت قولًا للشيخ محمد بن عثيمين بأن من كبر تكبيرة الانتقال بعد الوصول إلى الركن التالي، فإنه لا يعتد بها، وأنا آخذ بقول الشيخ محمد بن عثيمين بأن تكبيرات الانتقال واجبة، فهل تصح صلاتي وراء إمام يكبر تكبيرة الانتقال بعد الوصول إلى الركن التالي؟ مع العلم أن من رأيتهم يفعلون ذلك، الظاهر أن الحامل لهم على ذلك هو إرادة التكبير في الميكروفون؛ حيث إنهم إذا كبروا أثناء القيام من الركوع، وقبل الوصول إلى تكبيرة الانتقال، فالغالب أنه لن يخرج إلا صوت يسير من تكبيرة الانتقال في الميكروفون. الفتوى: الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد: فصلاتك صحيحة، ولا تبطل لكون الإمام يكبر تكبيرة الانتقال عند الوصول للركن، بل لو تركها فصلاتك صحيحة، حتى ولو كنت ترى وجوبها؛ لأن تكبيرات الانتقال سنة في قول الجمهور, ويصح اقتداء المأموم بإمام مخالف له في المذهب، ولو ترك ما يراه المأموم واجبًا، كما فصلناه في الفتوى رقم: 130770، والفتوى رقم: 111275، والفتوى رقم: 93116. وكثير من الحنابلة القائلين بوجوب تكبيرات الانتقال، ينصون على العفو عنها إذا وقعت في غير محلها؛ لأجل مشقة التحرز من ذلك. قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَهُ، أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَهُ، فَوَقَعَ بَعْضُهُ خَارِجًا عَنْهُ، فَهُوَ كَتَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْهُ فِي مَحَلِّهِ ... وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُ يَعْسُرُ، وَالسَّهْوَ بِهِ يَكْثُرُ، فَفِي الْإِبْطَالِ بِهِ، أَوْ السُّجُودِ لَهُ، مَشَقَّةٌ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فِيهِ وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الصِّحَّةُ، وَتَابَعَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الْحَوَاشِي، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ ... اه. والشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - نفسه يصحح صلاة من وقع في هذا. فقد قال في الشرح الممتع: القول بأنه إن كمَّلَه بعد وصول الرُّكوع، أو بدأ به قبل الانحناء يُبطلُ الصَّلاةَ، فيه مشقَّةٌ على النَّاس؛ لأنك لو تأملت أحوال الناس اليوم، لوجدت كثيرًا مِن النَّاسِ لا يعملون بهذا، فمنهم من يكبِّرُ قبل أن يتحرَّك بالهوي، ومنهم مَن يَصِلُ إلى الرُّكوعِ قبل أن يُكمل ... إذن؛ نقول: كَبِّرْ مِن حين أن تهويَ، واحرصْ على أن ينتهي قبل أن تَصِلَ إلى الرُّكوع، ولكن لو وصلت إلى الرُّكوع قبل أن تنتهي فلا حرجَ عليك، والقولُ بأن الصَّلاةَ تفسدُ بذلك حَرَج، ولا يمكن أن يُعملَ به إلا بمشقَّةٍ، فالصوابُ: أنه إذا ابتدأ التَّكبيرَ قبل الهوي إِلى الرُّكوعِ، وأتمَّه بعدَه فلا حرج، ولو ابتدأه حين الهوي، وأتمَّه بعد وصولِهِ إلى الرُّكوعِ، فلا حَرَجَ، لكن الأفضل أن يكون فيما بين الرُّكنين بحسب الإمكان .. اه. فما دمت تقلد الشيخ في القول بأن تكبيرات الانتقال واجبة، فلتقلده أيضًا في القول بصحة الصلاة إذا وقعت في غير محلها, ولا شك أن هذا القول فيه سعة لا سيما على الموسوسين، ونحن نلمس من الأسئلة السابقة للأخ السائل أنه منهم، فننصحه بتقوى الله تعالى، وعدم التدقيق في مثل هذه الأمور، والاسترسال مع الوسوسة؛ فإنها شر مستطير. والله أعلم. مصدر الخبر : اسلام ويب - فتاوى