بعد المد الإسلامى الكبير وبعد جمعة حاشدة بميدان التحرير، ظهرت فيها القوى الإسلامية رافعة شعارات الهوية الإسلامية للدولة، وما يطلقون عليه "تطبيق الشريعة الإسلامية"، استطلع "المشهد المصرى" أراء مجموعة من المثقفين المصريين والمفكرين الإسلاميين الوسطين فيما إذا كانت الهوية المصرية والقومية المصرية فى خطر، خاصة بعد رفع أعلام دول أخرى وكيانات غير مصرية.. الكاتب الصحفى لويس جريس لم ير فى المد الإسلامى والخروج بهذه الصورة، هخاصة ما حدث يوم الجمعة الماضية، ورفع شعارات "الهوية الإسلامية" ما يهدد القومية المصرية، مؤكدا أن الخروج بهذا الشكل كان لمجرد إظهار أنهم موجودون وأنهم قوة بعد فترة كبت طويلة، ولكن لا يمكن أن ننخدع بالمظاهر، مؤكدا أنه يمكن أن تحشد أى قوة مليون أو نصف مليون شخص بميدان التحرير، كما حدث أيام الثورة، ولكن الأهم هل يقبل الشعب المصرى كاملا بما ينادون به، قائلا إنه لا أحد يناقش أن الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية هى التى تحكم، فهم يفتعلون قضايا غير مطروحة، مؤكدا أنهم لا يقدمون أى تصور جديد أو مختلف للدولة، وكل ما يشغلهم هو الوصول للحكم والمناصب، مستخدمين الدين كوسيلة للوصول لما يريدون. الشاعر حلمى سالم أكد أن ما ينادى الإسلاميون إدخال للدين فى السياسة وضد الدولة المدنية، وضد المواطنة التى تقوم على القانون ولا تمييز فيها بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس أو النوع، وإذا دخلنا فى دولة دينية سيتم التمييز بين المواطنين، وسنصنع فرقة وانقساما، مؤكدا أن الدستور المصرى منذ سنة 1923 يحمى الهوية الإسلامية للدولة، وأن ما ينادون به فى غير موضعه؛ حيث إنه لا أحد من المدنيين يعترض على الهوية الإسلامية أو على المادة الثانية من الدستور، بشرط أن نضمن حقوق كل المواطنين، موضحا أن التمسك بالإسلام فقط كهوية لمصر استقطاب لصالح الانقسام و التفرق، واستبداد فئة بكل الشعب، وهذا خارج عن الإسلام، فالإسلام يعترف بكل التيارات المختلفة، ويؤكد على احترامها، وهو ما جاء فى عدد كبير من النصوص منها "وجادلهم بالموعظة الحسنة" و"اختلافهم رحمة" و"من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، مؤكدا أن هذه العصبية ضد الإسلام وضد المستقبل. المفكر الشيعى الدكتور أحمد راسم النفيس أكد أن هؤلاء يعملون ضد الهوية المصرية، ويعملون ضد مصلحة مصر فى خدمة النظام السعودى، وهو ما أظهره رفع الأعلام السعودية بوضوح، والإنفاق المادى بهذه الصورة، فنحن أمام بيع منظم لمصر، بدأ فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك وبعد مقتل السادات بهذه الصورة، والذى جاء بفتوى من الشيخ السعودى عبد العزيز آل باز، على حد قول "النفيس"، لتكون مصر بعد ذلك مرتعا للتيار الوهابى، حتى اللحظة التى أطل فيها هؤلاء بهذه الصورة، متجاوزين الفكرة الرئيسية للحشد وصولا للتهديد والتلويح بالقوة والتهويل مستخدمين مصطلحات كالعلمانية والليبرالية والشيوعية وتخويف الناس بها. أضاف "النفيس" الذين خرجوا ليسوا خصوماً للديكتاتورية ولا السلطة الفاسدة، ولكنهم خصوم لمن يخالفهم فى رؤاهم غير الواضحة وغير المعروفة، وكان يساندهم فى ذلك نظام مبارك الذى حارب كل من يخالفهم تحت مسميات عديدة كالمد الشيعى، وهو ما هدد الهوية المصرية بقوة وساعد فى طمس العديد من الهويات كالهوية الفاطمية للمصريين وحبهم لآل البيت، فلا تستطيع أن تقول الآن إن القاهرة كانت عاصمة للفاطميين ولا عاصمة المعز، كما يقول العراقيون إن بغداد كانت عاصمة الرشيد، مؤكداً أن المشهد المصرى مفتوح على كل الاحتمالات. الشيخ السلفى أسامة القوصى أوضح أنه رافض لاستخدام الدين فى السياسة بأى شكل من الأشكال، مؤكداً أن الدين لابد أن يكون موجودًا فى كل تفاصيل الحياة بعيدا عن "تسيسيه"، فهو مسلم وليس إسلاميا، وأنه ليس مسرورا بما حدث أمس، حيث رأى أنه مجرد محاولة لإثبات الذات ورد فعل من المتشددين لإحساسهم أن البساط ينسحب من تحت أقدامهم. مؤكدا أن المشكلة تكمن فى أن الليبراليين لهم موقف من الإسلام، والمتشددين لهم موقف سلبى من الليبرالية، ومن المفترض أن يقول الليبراليون نحن أحق بالإسلام منكم، والإسلاميون: نحن أحق بالحرية منكم، ويلتقون على كلمة سواء، فلابد من إيجاد موقف وسطى يجمع الطرفين تحت شعار "الأصالة والتجديد". الشيخ جمال قطب أكد أنه كان من الأولى عدم الخروج فى مظاهرة أمس الجمعة، حرصا على استمرار التوافق وإبعاداً لشبح الفرقة والتشرذم، رافضا التعليق على تصرفات أى من الطرفين، سواء القوى الإسلامية أو القوى القومية الليبرالية.