اتهم رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان أعداءه السياسيين بالتلفيق الوقح لتسجيل حديث هاتفي يطلب فيه من ابنه التخلص من مبالغ مالية ضخمة في اليوم الذي داهمت فيه الشرطة بعض المنازل في اطار تحقيق في قضية فساد في حكومته. وقال اردوغان في جلسة برلمانية بعد بث التسجيل الصوتي ومدته 11 دقيقة في موقع يوتيوب ان أعداءه السياسيين اخترقوا اتصالات الدولة المشفرة. ولم يذكر أسماء لكنه أوضح انه يتحدث عن شبكة يديرها حليفه السابق رجل الدين فتح الله كولن. وردد مؤيدو أردوغان - الذي يخوض صراعا على السلطة مع كولن ويتهمه بافتعال فضيحة كسب غير مشروع للاطاحة به - "طيب.. جئنا نموت معك" و"قف شامخا لا تنحني" و"الوقت في صالحنا". ورد أردوغان على الهتافات المدوية والتصفيق من شرفة الزوار بقوله "الناس لا يصدقون هذه الاكاذيب." وأضر الغموض السياسي المتنامي الذي يحيط بالحكومة ورد فعلها على التسجيلات الصوتية التي لم تتمكن رويترز من التحقق من صحتها بالاسهم التركية وسط ضعف أوسع نطاقا في الاسواق الصاعدة. ووصف كولن من خلال محاميه اتهامه بالتواطؤ بأنه ظالم ويساهم في اشاعة اجواء "الكراهية والعداوة" في المجتمع التركي. وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت قبل بث التسجيلات يوم الاثنين ان شعبية رئيس الوزراء لم يلحق بها ضرر يذكر نتيجة لفضيحة الفساد التي تفجرت يوم 17 ديسمبر كانون الاول باعتقال رجال أعمال مقربين منه وابناء ثلاثة وزراء. وسيكون التسجيل الصوتي الذي وضع على الانترنت يوم الاثنين اختبارا آخر لقدرته على الصمود قبل الانتخابات المحلية التي تجرى في مارس اذار. وتولى أردوغان السلطة في عام 2002 في بلد يعاني من الانقسامات السياسية ومن أزمة اقتصادية. وتمكن مقدما نفسه في صورة الزعيم القوي من توحيد قوى اجتماعية متنوعة والنهوض بالاقتصاد وإجراء اصلاحات اقتصادية والحد من سطوة الجيش الذي أطاح بأربع حكومات في النصف الثاني من القرن العشرين. وما زالت المعارضة الرسمية ضعيفة وتفتقر للزعامة غير ان التحدي يأتي من حركة خدمة. وقال أردوغان للبرلمان "لقد ذهبوا وقاموا بعملية مونتاج وقحة وبثوها." وأضاف "انهم يتنصتون حتى على هواتف الدولة المشفرة. إلى هذا الحد بلغ بهم الانحطاط." وتابع "لا يوجد زعم لا يمكننا الرد عليه." وكانت كلمة "انهم" التي استخدمها أردوغان اشارة واضحة الى من يستخدمون نفوذهم في القضاء والشرطة من بين أنصار كولن الذي يقيم في الولاياتالمتحدة ويتهمه اردوغان بانشاء "دولة موازية" وهو اتهام ينفيه كولن. وقال أردوغان "سنكشف كل الأعمال المشينة التي يقوم بها التنظيم الموازي واحدا واحدا وسنجعل الذين يسيرون معهم في وضع بالغ الحرج إلى حد لا يمكنهم معه الخروج الى الشارع." ويزعم ان التسجيل الصوتي لأردوغان وابنه بلال وهما يناقشان كيفية التخلص من الاموال بالكامل من خلال توزيعها بين عدد من رجال الاعمال. وفي مرحلة من الحديث يقول الصوت الذي يفترض انه لبلال ان نحو 30 مليون يورو (40 مليون دولار) مازالت موجودة لم يتم التخلص منها. وقال مسؤلون حكوميون ان تسجيلات سابقة مثل هذه ربما كانت بأصوات وزراء ورجال أعمال لكن المحادثات جمعت معا من تعليقات أخرجت من سياقها لتعطي انطباعا بعدم الاستقامة. وقال مسؤول رفيع "لقد تنصتوا على رئيس الوزراء وتنصتوا على رئيس المخابرات ووزراء وكثيرين آخرين. يتنصتون على الهاتف 18 شهرا ويستمعون اليك ثم يأخذون جملتين أو ثلاث جمل من الاحاديث التي تنصتوا عليها طوال 18 شهرا." وتساءل "هل يمكنك تصور القصص التي يمكنك كتابتها من الجملتين أو الجمل الثلاث دون سياق ودون خلفية؟" وتنظيم خدمة الذي يدير شبكة ضخمة من المدارس والاعمال التجارية ووسائل الاعلام يحظى بنفوذ كبير في الشرطة والقضاء. وينفي كولن اتهامات الحكومة بأنه يستخدم هذه الشبكة ليقوض أردوغان بعد خلافات سياسية بينهما. وما زال أردوغان أكثر السياسيين شعبية في تركيا. لكن الصراع على السلطة فيما يبدو مع كولن وقيامه بعمليات تطهير في الشرطة والقضاء ألقت بظلال على ما روج له الغرب طويلا على انه نموذج للديمقراطية الاسلامية الفاعلة. وقال فاروق لو أوغلو السفير السابق لدى واشنطن ونائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض انه يعتقد انه لا شك في صحة التسجيلات التي اذاعها الحزب على نوابه في اجتماع للكتلة البرلمانية. وأوقفت معظم قنوات التلفزيون التي تسيطر عليها الحكومة الى حد بعيد تغطية الاجتماع عند اذاعة التسجيلات ثم استأنفتها بعد ذلك ولم تقطع البث حين واصل لو أوغلو الحديث عن التسجيلات. وقال "القول بأنها مزيفة لا يعني انها لم تحدث. ما الذي يمكنه قوله غير ذلك؟... في أقل الدول ديمقراطية أول شيء يفعله رئيس الوزراء هو ان يستقيل. "انه يتشبث بالسلطة وهذه هي المشكلة. ربما كان هذا قمة جبل الجليد." وأطلقت قوات الامن الغاز المسيل للدموع ومدفع مياه لتفريق عدة مئات من الأشخاص أغلبهم طلاب تجمعوا للاحتجاج على تشيد طريق سريع لكن الاحتجاج تحول الى مظاهرة مناهضة للحكومة رددوا خلالها هتافات تطالب باستقالة الحكومة وتتهم اردوغان باللصوصية. وظهرت التسجيلات بعد يومين من بدء حملة حزب العدالة والتنمية للانتخابات المحلية التي تجرى في نهاية مارس آذار وتعقبها في وقت لاحق هذا العام انتخابات رئاسية يمكن ان تقرر المستقبل السياسي لأردوغان بعد 11 عاما في السلطة.