وجد عمرو حمزاوي أن آراءه السياسية الليبرالية استعدت الاسلاميين الذين صعدوا للسلطة بعد الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك عام 2011 .. والآن جلبت عليه انتقاداته لنظام الحكم المدعوم من الجيش والذي حل محل الاسلاميين خصومة جديدة. ففي انتقاد نادر من جانب أحد العلمانيين لقرار الجيش عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو تموز الماضي بعد احتجاجات حاشدة ضد حكمه يقول حمزاوي إن مصر تشهد حاليا "عودة سريعة للاستبداد" ويرفض ما تقوله الحكومة عن مضي البلاد في مسار ديمقراطي. وفي مقابلة أجريت يوم 21 يناير قال حمزاوي إنه تعرض بسبب آراءه لتجريح من وسائل إعلام موالية للحكومة وصفته بأنه يخفي ميولا إسلامية أو أنه "طابور خامس". ويصف حمزاوي ذلك بأنه جزء من "حملة فاشية" ضد معارضي النظام الجديد. يقول حمزاوي (46 عاما) إن هذا الاتجاه "لن يقود إلا إلى القمع الشديد وهو ما يحدث حاليا." وفي 19 يناير وجهت إلى حمزاوي أستاذ العلوم السياسية تهمة "إهانة القضاء" وقد تسفر محاكمته عن حكم بالسجن. ويرفض حمزاوي التعليق على القضية مؤكدا على احترامه للقضاء. وتلقي قصته الضوء على التحولات والمنعطفات الحادة في مسيرة مصر السياسية خلال الفوضى التي تعيشها منذ أن أطاحت انتفاضة شعبية بمبارك. وصعد نجم حمزاوي في أعقاب الانتفاضة ليصبح نموذجا نادرا لشخصية علمانية لها تأثير على مسرح سياسي تهيمن عليه جماعات اسلامية جيدة التنظيم. وهزم حمزاوي عضوا في جماعة الاخوان المسلمين ليفوز بمقعد في مجلس الشعب في انتخابات 2011. وأثارت توجهاته الليبرالية ازدراء الاسلاميين حتى وهو يحاول بناء الجسور لتضييق هوة الانقسامات التي أسهمت في عزل مرسي. وتعرض حمزاوي لانتقادات من اليمين الديني لأسباب من بينها أن زوجته ممثلة. لكن بالرغم من دعوته إلى احتجاجات مناهضة لمرسي العام الماضي فقد أصر أن مصير الرئيس الاسلامي يجب أن يتقرر من خلال الانتخابات لا على يد الجيش. ويقول إنه يجري استبعاده من الحياة العامة منذ أن أكد على وجهة النظر هذه في التلفزيون يوم عزل مرسي في الثالث من يوليو تموز. يضيف "أدفع ثمن تمسكي بمبادئي...أدفع ثمن انتقادي لجميع المراحل." وكان حمزاوي يتحدث قبل موجة من التفجيرات الدموية في القاهرة استهدفت رجال الشرطة خلال الأيام القليلة الماضية. وقالت وزارة الصحة المصرية يوم الأحد إن 49 شخصا قتلوا خلال مسيرات مناهضة للحكومة أمس السبت في مختلف أنحاء البلاد في الوقت الذي خرج فيه الالاف تأييدا للسلطات المدعومة من الجيش مما يبرز الانقسامات السياسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من سقوط مبارك. وينتقد حمزاوي الاخوان المسلمين أيضا للجوئهم إلى خطاب يتنافى مع المسار الديمقراطي خلال عام قضاه مرسي في السلطة بدا خلاله غير راغب أو غير قادر على بناء إدارة تشتمل على كافة الأطياف السياسية. يقول حمزاوي إنه لم يعد يتلقى دعوات للمشاركة في البرامج الحوارية المسائية التي تحظى بمشاهدة واسعة والتي كانت تستضيفه يوميا تقريبا. ويضيف أن آخر ظهور له في قناة فضائية كان في أغسطس آب. كما تقلصت الدعوات الموجهة إليه للمشاركة في الندوات العامة. يستطرد حمزاوي في مكتبه في الجامعة الأمريكية في القاهرة "إذا ما هاجمت شخصا ما لمدة ستة أو سبعة أشهر بسبب آرائه وتحاول الهجوم عليه باعتباره خائنا من الطابور الخامس فسيبتعد الناس عنه." ويتابع "هذا جزء من أساليب التخويف.. أساليب تكميم الأفواه التي تستخدمها السلطات الاستبدادية ضد خصومها." وجاء اتهام حمزاوي بإهانة القضاء بعد انتقاده لحكم صدر العام الماضي بسجن 43 أمريكيا وأوروبيا ومصريا كانوا يعملون مع منظمات دولية تنشط في الترويج للديمقراطية بعضها منظمات أمريكية. ومن المقرر أن يمثل نحو 24 شخصا آخرين بينهم مرسي للمحاكمة في اتهامات مماثلة بإهانة القضاء في مناسبات مختلفة. وتبنى علمانيون مصريون آخرون وجهة نظر مختلفة من عزل الجيش لمرسي إذ تغلب خوفهم من حكم الاخوان على أي شيء آخر. وقال حمزاوي إنهم تخلوا عن المثل الديمقراطية. والنافذة الرئيسية التي يعبر فيها حمزاوي عن وجهات نظره هي عامود يكتبه بانتظام في جريدة الشروق اليومية المستقلة. وأردف حمزاوي أنه يدعو إلى "صحوة بين المصريين" حتى يدركوا أن مصر تمضي على طريق الاستبداد على غرار عهد مبارك. ويقول إن الصورة الكبيرة تشبه كثيرا ما كان عليه الحال أيام مبارك "مركز للسلطة والمتوقع ان يقول كل شخص آخر في المجتمع نعم أو يتم اسكاته. "هذه هي الصورة الكبيرة للاستبداد." وتقول الحكومة المدعومة من الجيش إنها تعمل على إعادة الديمقراطية بعد الثورة على مرسي والاخوان. ومع تكرار الهجمات الدموية على قوات الأمن منذ الاطاحة بمرسي تقول الحكومة إنها تخوض "حربا على الارهاب". يقول حمزاوي إنه يجب على الدولة أن تتحرك ضد أي شخص يستخدم العنف لكنه ينتقد ما وصفه "بالاجراءات الاستثنائية" ضد أعضاء الحركة الاسلامية. ويضيف "نرى حملة من خطاب يتنافى مع قواعد الديمقراطية والحجج والاهانات والتشهير توحي للمصريين بأن هناك مؤمرات تحاك ضدنا في كل مكان وأن الجميع يتآمر ضد مصر كما لو أنه ما من أحد يهتم بأي دولة أخرى في العالم... والدولة التي تعيش في حالة خوف هي دولة لا يمكن أن تتحول للديمقراطية بسهولة." وأبدى حمزاوي معارضته لقتل أنصار مرسي في الأسابيع التي تلت عزله وكذلك اغلاق قنوات تلفزيونية إسلامية وقانون التظاهر الذي يحد من تنظيم الاحتجاجات وكذلك مواد وصفها بأنها قمعية قي دستور جديد تمت الموافقة عليه بأغلبية ساحقة في استفتاء هذا الشهر. واعتبرت الحكومة الاستفتاء الذي وافق فيه الناخبون على الدستور بنسبة 98 في المئة أساسا للديمقراطية. وبلغت نسبة الاقبال على التصويت 38 في المئة. يقول حمزاوي إنه في حال انتخاب وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي رئيسا للبلاد كما هو متوقع على نطاق واسع ستزداد الآفاق أمام الحريات قتامة. يتابع "لا تنطلي علي حجة أن الجنرالات المتقاعدين انتخبوا في أماكن أخرى كرؤساء بطريقة ديمقراطية. هذه حجة مضللة للغاية في بلد يحاول الخروج من الاستبداد بعد عقود من هيمنة الجيش منذ الخمسينيات. "أشعر بقلق بالغ على حرية التعبير وحقوق الانسان في هذه الحالة أيضا لأنه إذا كان لديك مركز واحد للسلطة في أي مجتمع فسيميل هذا المركز لاخراس المعارضين." لكنه لا يزال يتشبث بالأمل في الديمقراطية إذ يقول "إنها أوقات صعبة وربما لن تنتهي قريبا لكن مرة أخرى أصبح لدينا كتلة انتخابية جاهزة ...لا يمكن احتواؤها إلا إذا وجدنا طريقة للعودة إلى نموذج (للديمقراطية) يستوعب الجميع."