هاجم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مقترح الحكومة الجامعة أو حكومة الشراكة الوطنية (التي تتفاوض عليه القوى السياسية اللبنانية حاليا بما فيهم حلفاؤه)، معتبرا أنها سوف تصبح حكومة التناقضات وسوف تعاني من تشوّه خلقي لن يمكّنها حتى من الوصول الى المجلس النيابي. جاء ذلك في كلمة لجعجع اليوم خلال لقاءٍ"زمن العدالة" الذي نظمه حزب القوات اللبنانية تحيةَ إكبارٍ لوزير المالية اللبناني السابق محمد شطح الذي اغتيل في نهاية العام الماضي ووفاءً لشهداء ثورة الأرز، ولمناسبة بدء جلسات المحكمة الدولية من أجل لبنان. وقال جعجع إن موجة القتل والإغتيالات والتفجيرات والتهديدات التي بلغت دركاً من الإسفاف والتطاول اليومي، والفلتان الأمني والإنهيار الإقتصادي، باتت تُحتّم تشكيل حكومةٍ منسجمةٍ فاعلةٍ، وقادرةٍ على اتخاذ قراراتٍ تعيد الى اللبنانيين الحد الأدنى من الأمن والطمأنينة، وتنتشل لبنان من المنزلق الخطير الذي انحدر اليه.. معتبرا أن حكومة الشراكة الوطنية كأنها حكومة يجرّها حصانان يدفعان باتجاهين معاكسين كليّاً، مما يحوّلها فعلياً الى " لا حكومة". وتوجّه جعجع الى الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان ورئيس الوزراء المكلّف تمام سلام بالقول" نريد حكومة، ولكن حكومة وليس شبه حكومة، جميعنا بانتظاركم، ولبنان بانتظاركم. فلا تتأخروا، لا تتنازلوا عن صلاحيّاتكم الدستورية، وتصرّفوا تبعاً لقناعاتكم وقال جعجع:" محمد شطح قتلوك ليس لأنك كنت متحصناً في القصير او جبال القلمون او في حلب، ولا لأنك تُشكّل خطراً تكفيرياً على لبنان، ولا لأنك تُجنّد انتحاريين... قتلوك، لأنك تُشكّل خطراً ثقافياً تنويرياً إنسانياً، يهددّ ظلاميتهم وأحاديّتهم . وأضاف :"يقتلون شخصاً كمحمد شطح رمز للاعتدال والثقافة والعمل السياسي الشريف ثم يتباكون على خطر التكفيريين!. وطالب جعجع "بضمّ جميع ملفات الاغتيالات التي وقعت بين عام 2005 وحتى الساعة الى ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري في المحكمة الدولية، وذلك نظراً لتلازمها". وأكدّ جعجع أن "زمن العدالة أتى ، قائلا إنها منها المرّة الأولى في تاريخ الإغتيالات السياسية على ارض لبنان، التي نشعر فيها كلبنانيين بوجود إرادةٍ فعليةٍ، وإمكانية جدية لتحقيق العدالة، إنها المرة الأولى ايضاً في تاريخ لبنان، وتاريخ العالم العربي، التي يتجنّد فيها المجتمعان العربي والدولي لملاقاة ملايين اللبنانيين المتجمهرين في ساحة الحرية في 14 آذار/ مارس 2005، للمطالبة بتحقيق العدالة." ورأى "أن إمكانية تحقيق عدالةٍ ما في لبنان، لم تكن لتوجد لولا نزول اللبنانيين الى ساحة الحرية في 14 مارس، ولولا صمودهم البطولي بوجه آلة القتل . وأشار إلى أن بعض الذين سارعوا الى إعلان موافقتهم على إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان خلال انعقاد طاولة الحوار الوطني اللبناني الأولى في مارس 2006، كانوا هم بالذات، السبّاقين الى اختلاق كل اشكال العراقيل لمنع قيامها: من تشكيكٍ، وتهديد، وتشويه وتعطيل وتضليل، ، واختراع ملف "شهود زور"، وإسقاط حكومة وحدة وطنية على اساسه، ثمّ التمنّع عن الغوص للحظة فيه." من جهته، قال رئيس وزراء لبنان السابق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في كلمة ألقاها نيابة عنه النائب عن تيار المستقبل جمّال الجراح" لقد إعتقد المجرمون أن بإمكانهم إغتيال قادتنا وحلمنا ومستقبلنا وعشقنا للحرية والسيادة- وأنهم قادرين على إخضاعنا وإسكاتنا ليحققوا حلمهم بدولة تابعة وشعب خاضع". وأضاف "مهما حاولتم تقديس المجرمين و مهما إستعنتم بشهود الزور وسلاح القمع وتآمر المتآمرين فالعدالة آتية وكل وسائل التعمية والتغطية لن تغطي إرهابكم وجرائمكم فأنتم لستم إلا الوجه الآخر لمن تسمونهم تكفيريين – تستمدون منهم ويستمدون منكم سبب وجودكم وإستمراركم تبررون لبعضكم البعض إرتكاباتكم وإجرامكم وإرهابكم تسمّون أنفسكم قدّيسين ويسمّون أنفسهم مجاهدين." وقال :"لا أنتم قدّيسين ولا هم مجاهدين، لكنكم متّفقون على تدمير قيمنا وسلمنا الأهلي ووحدتنا الوطنية متّفقون على لقمة عيش المواطن وعلى إفقاره وإرهابه، متّفقون على تدمير المؤسسات وإفراغها ودائماً دائماً بقوّة السلاح. على حد قوله ورأى الجرّاح "انه زمن العدالة، إنه الزّمن الذي سيعرف به الشعب اللبناني وبالأدلّة القاطعة والبراهين والوقائع الدامغة من أمر ومن خطّط ومن نفّذ ومن سهّل ومن غطّى جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الأبطال، سيعرف الشعب اللبناني لماذا أُغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز. بدوره ، أشار وزير العدل اللبناني السابق ابراهيم نجار إلى أنه تم إنشاء المحكمة الدولية الخاصة، عملاً بقرار مجلس الامن 1757 ، وتنازل لبنان، في ظروف مأسوية يندر مثيلها في تاريخه، عن صلاحية المحاكمة، على أمل بلوغ الحقيقة كاملة"، دون تمييع ولا ضغوطات، أمنية كانت أو سياسية، ولاجل ذلك تم التقيدُ بالاتفاقية المعقودة في 23 يناير 2007، ومن أجل تمكين المحكمة الخاصة بلبنان من القيام بمهامها كاملة، ورغم كل المصاعب، تمت تأدية المستلزمات والموجبات المالية، ووقعنا الاتفاقات الخاصة مع مختلف أركان المحكمة، محافظين على مقتضيات الانتظام العام اللبناني وما تفرضه الفعالية، دون أي تدخل في عمل القضاة والمحققين. وتابع "وضعت المحكمة نظام اجراءات ومحاكمات مرِن وخلاق، يحول قدر المستطاع دون إطالة المحاكمة، منحت معه للدفاع الحقوق والضمانات، وتم تكليف فريق من المحامين، على نفقة المحكمة، للدفاع عن المتهمين، ونظرت المحكمة في الدفوع التي تقدم بها الدفاع، والتي كانت ترمي الى اعلان عدم صلاحيتها أو عدم صحة إنشائها، وبعد تعليل مستفيض أكثر بالاعتبار الاجتهاد السائد في القانون الدولي، قررت المحكمة حفظ صلاحيتها". ولفت نجّار إلى أنه "تمت مؤخراً محاكمة خمسة من المتهمين غيابيا"، بسبب تعذر إحضارهم من قبل السلطات اللبنانية، واليوم، بعد ما يناهز الخمس سنوات، وعلى الرغم من الاشكاليات التي رافقت مسار المحكمة والتقاضي، ننتظر من المحكمة الخاصة حقيقة تفرض نفسها وتقوى على التشكيك والمساجلات والتسريبات، التي قد يتضح سريعا" انها غير مجدية. أما صاحب أطروحة الدكتوراه:" "التداعيات السياسية والقانونية الدولية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري وأثرها في الوضع الداخلي اللبناني" المحامي د. طارق شندب فقد اعتبر في مداخلته القانونية: "ان أهمية المحكمة لا تهدف فقط الى كشف قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وباقي شهداء ثورة الارز، انما تتمثل أهميتها في أن هذه المؤسسة القضائية هي بصدد فضح مشروع كبير ومخطط جهنمي رسمه محور الشر ونفذته أدواته في لبنان منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي وهو مستمر حتى الآن، مشروع وان تباعدت حلقاته لسنوات منذ اغتيال معروف سعد الى كمال جنبلاط وبشير الجميل وحسن خالد ورينيه معوض ، كما أن اصدار المحكمة لأحكامها سيكون بداية الطريق لانهاء أعمال الاجرام والقتل. وسيكون نجاح المحكمة مثالاً يحتذى به لمكافحة الارهاب في العالم العربي الثائر خصوصاً". على حد قوله.