تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر على مصر خلال عام 2011 إلى 2,22 مليار دولار مقابل 4,38 مليار فى 2010، بانخفاض 4,16 مليار بنسبة 65,2%، وفقا لأرقام تقرير للبنك الدولى صدر اليوم. وبين التقرير أن التدفق الاستثمارى بلغت ذروته عام 2007 بإجمالى 11,57 مليار، بينما بلغ فى 2008 نحو 9,5 مليار، وفى 2009 سجل 6,71 مليار، ليصل الإجمالى فى خمس سنوات 36,38 مليار دولار، وأقلها السنوات كان 2011. وذكر التقرير، أن نمو الناتج المحلي الإجمالي المصري سجل في 2001 حوالي 3%، مقابل 1,8% في 2010، بينما توقع التقرير أن يحقق 2,7% العام الجاري 2012، ويرتفع قليلا الى 2,9% عام 2013، لافتا الى أن النمو سجل في 2008 حوالى 2,4%، وفي 2009 نحو نفس النسبة أيضا. وبين البنك في تقريره تحت عنوان "الآفاق الاقتصادية العالمية 2012" بأن مصر الأقل تأثرا في حركة السياحة بين دول الربيع العربي، حيث انخفض التدفق السياحي بنسبة 30%. وقال "إن التغيرات السياسية الجذرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عطلت النشاط الاقتصادي إلى حد كبير، ولكن على نحوٍ انتقائي في أنحاء المنطقة، في حين بدأت الأوضاع الخارجية المتدهورة في التأثير سلبيا على التجارة وأسعار السلع الأولية والسياحة والإيرادات الأخرى". وأوضح أن البلدان النامية المصدرة للنفط وبلدان مجلس التعاون الخليجي المرتفعة الدخل استفادت من ارتفاع أسعار البترول ولكنها تبقى معرضة لهبوط مفاجئ في الأسعار. وقال "تواجه المنطقة في الوقت الراهن طائفتين من التوترات وعدم وضوح الرؤية، وهما إمكانية استمرار الاضطرابات السياسية أو تفاقمهما، واحتمالات تدهور الأوضاع في بلدان أوروبا المرتفعة الدخل، وهو ما يلقي بظلاله بالفعل على تجارة السلع، وأسعار السلع الأولية، والسياحة، وغيرها من الإيرادات عن أنشطة التصدير". وتشير التقديرات إلى أن الزيادة في إجمالي الناتج المحلي بالبلدان النامية في المنطقة بلغت 1,7% خلال عام 2011، انخفاضاً من 3,6% عام 2010، وسيبقى النمو على الأرجح على انخفاضه عام 2012، بنسبة تصل إلى 2,3%، سواء بالبلدان المصدرة للنفط "بما يعكس جزئياً تراجع أسعار النفط" أم البلدان المستوردة للنفط، التى يرتبط العديد منها "كالمغرب وتونس ومصر" بروابط اقتصادية وثيقة ببلدان أوروبا المرتفعة الدخل، في حين يرتبط غيرها "كالأردن ولبنان" ارتباطاً أقوى ببلدان مجلس التعاون الخليجى، ومن المتوقع للنمو أن تتسارع وتيرته إلى 2.2% بحلول عام 2013، مع انتعاش الاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمارات، وعودة التدفقات التقليدية للإيرادات مثل السياحة وتحويلات العاملين بالخارج إلى طبيعتها، مع افتراض تراجع حدة القلاقل الأهلية. ورغم أن العديد من بلدان المنطقة، ومن بينها تونس والمغرب والأردن، كان على وشك تحقيق نمو ايجابي فيما يبدو أو تحسينه في أواخر 2011، فإن نشوب الأزمة المالية في البلدان المرتفعة الدخل كان سبباً على الأرجح في تأخير ذلك، وفيما يتعلق بالبلدان النامية التي تستورد كميات من النفط أكثر مما تصدر، تخيم التوقعات بشأنها محدودية حيزها المالي، وذلك بسبب تآكل الاحتياطيات واستمرار التوترات الاجتماعية في العديد من بلدان المنطقة. ويرى التقرير أن الاضطرابات السياسية المصاحبة "للربيع العربي" وارتفاع أسعار النفط هيمنت على النشاط الاقتصادي في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأدت هذه الاضطرابات إلى تعطيل النمو على نحو خطر في أنحاء المنطقة وإن اختلفت حدتها من بلد لآخر، وتواجه المنطقة في الوقت الراهن طائفتين من التوترات وعدم وضوح الرؤية، وهما إمكانية استمرار الاضطرابات السياسية أو تفاقمهما، واحتمالات تدهور الأوضاع في بلدان أوروبا المرتفعة الدخل، وهو ما يلقي بظلاله بالفعل على تجارة السلع، وأسعار السلع الأولية، والسياحة، وغيرها من الإيرادات عن أنشطة التصدير. وقال "تقع البلدان النامية المصدرة للنفط، ما لم تكن تعاني من صراع داخلي، في مركز أفضل يؤهلها لتحمل وطأة الأزمة، حيث تستفيد الدخول والإيرادات الحكومية من أسعار النفط التي مازالت على ارتفاعها، وبلغ إجمالي إيرادات المنطقة الجغرافية من تصدير المواد الهيدروكربونية 785 مليار دولار عام 2011. واستأثرت بلدان نفطية نامية، مثل الجزائروإيران وسوريا واليمن، بنحو 50 مليار دولار مما تحقق من زيادة في الإيرادات ذلك العام ومقدارها 200 مليار دولار، ورغم أن أوضاع المالية العامة في هذه البلدان مازالت مستدامة في ظل الأسعار الحالية، فإن تراجعت أسعار النفط بحدة إذا ما تدهورت الأوضاع الخارجية تدهوراً شديداً، فقد تضطر الحكومات إلى الحد من الإنفاق. ونوه الى أن رؤوس الأموال الخارجية على البلدان النامية بالمنطقة تقلصت بشدة على مدار السنة، فقد تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من بلدان مجلس التعاون الخليجي بالدرجة الأولى بنسبة تقارب 40%، ويقدر أن يكون حجم تدفقات الأسهم والسندات قد انخفاض خلال الربعين الثالث والرابع من السنة إلى مستويات لا تتجاوز نصف ما سجلته عام 2010، غير أن المعونة الرسمية من بلدان مجلس التعاون وغيرها نجحت في تعويض جزء كبير (وصل أحياناً إلى أكثر من 100 في المائة) من فاقد السيولة المالية بالعديد من بلدان المنطقة - وساعدت بعض البلدان التي تمر بمراحل انتقالية تعويض العجز المالي. وتواجه المنطقة حالة من الضبابية الشديدة، ومع اضطرارها لمواجهة مخاطر الاحتجاجات المستمرة وأزمة حقيقية تعانيها منطقة اليورو، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بطبيعتها عرضة للتأثر الشديد بتفاقمات الأزمة الأوروبية، بالنظر إلى ما يربط بينهما من صلات قوية وعريضة من خلال التجارة، وتدفقات السائحين، وتحويلات المهاجرين، وكذلك، وإن إم بدرجة أقل، الروابط التمويلية. وحول التجارة، يقول البنك الدولي "ستشعر المنطقة بوطأة شديدة من تأثيرات بطء النمو في أوروبا، والنمو العالمي أيضاً، من خلال القنوات التجارية، ولاسيما النفط، وسيمتد الأمر ليشمل السلع المصنعة، فكل من البلدان المستوردة للنفط والبلدان النامية المصدرة له ،باستثناء إيران، لديها روابط تصديرية قوية مع الاتحاد الأوروبي، وبالأخص سوريا، التي تستأثر بلدان الاتحاد الأوروبي الخمسة والعشرين بنحو 80% مما تصدره من شحنات تصدير الوقود، والجزائر التي يستأثر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالجزء الأكبر من شحناتها". وحول أسعار السلع الأساسية، فقد يشهد مستوردو النفط من بلدان المنطقة تراجعاً في عجز المالية العامة إذا حدث ركود اقتصادي ملموس، في حين يتأثر مصدرو النفط بضعف الطلب وانخفاض الإيرادات نتيجة لتراجع الأسعار. ولفت تقرير الآفاق الاقتصادية لعان 2012 للبنك الدولي إلى أن معدلات تدفق السائحين على المنطقة شهدت انخفاضاً لم يسبق له مثيل، وكانت سوريا هي الأشد تضررا، إذ انخفض عدد زوارها بنسبة 80% عام 2011، وتلاها الأردن 57%، وتونس 55%، ومصر 30%. أما عن التحويلات، فقد بقيت تحويلات العاملين المغتربين قوية نسبياً، حيث ارتفعت بنسبة تصل إلى حوالي 2.6% ، ففي حين كان من المتوقع أن يؤدي ضعف الأوضاع في أسواق العمل الأوروبية إلى انخفاض تحويلات العاملين المغتربين إلى أوطانهم. وقال "إن البيانات المتوفرة تشير إلى ارتفاع القيمة الدولارية لهذه التدفقات بمقدار 500 مليون دولار لكل من مصر والمغرب، وبمقدار 100 مليون دولار للبنان، ولم يتأثر الأردن وتونس إلا بانخفاضات متواضعة، وفي الوقت نفسه ساعدت الإيرادات النفطية بلدان مجلس التعاون الخليجي على تحقيق مكاسب ملموسة في إجمالي الناتج المحلي عام 2011، وهو الأمر الذي أسهم بدوره في تعزيز النشاط الاقتصادي، وتشغيل الأيدي العاملة، وتدفق التحويلات إلى الخارج". وأكد البنك الدولي على أن المخاطر تتجه إلى التفاقم في المنطقة، ونظراً لشدة تأثر العديد من بلدانها بما يحدث في أوروبا واعتمادها على أسعار السلع الأساسية، فان هذه البلدان مطالبة القيام بعمل حاسم لوضع أجندة إصلاحية واسعة النطاق بهدف تعزيز النمو الذي يشمل الجميع بمكاسبه، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، وبناء الثقة، وترشيد التوقعات، وجني الثمار الطويلة الأجل لهذه التحولات التاريخية.