تعهد عدد من النشطاء والحقوقيين بملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، في مختلف المحافل الدولية، والعمل على تقديمهم للعدالة، مشيرين إلى أن جرائم الحرب والانتهاكات ضد المدنيين لا تسقط بالتقادم، وسوف يأتي اليوم الذي يلقى قادة الاحتلال عقابهم على ما ارتكبوه من جرائم بشعة بحق الشعب الفلسطيني. جاء ذلك خلال اللقاء المفتوح الذي نظمته الجمعية الوطنية لديمقراطية القانون، صباح أمس، بصالة النسيم في محافظة رفح، تحت عنوان "دور منظمات حقوق الإنسان في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين"، ضمن مشروع بأيدينا نصنع التغيير، الذي تنفذه الجمعية بالتعاون مع مؤسسة تروكير الدولية. شارك في اللقاء، راجي الصوراني رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومدير عام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والدكتور إبراهيم أبراش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، كما حضر وساهم في اللقاء نخبة من الشخصيات الاعتبارية والمخاتير والحقوقيين وفئة متميزة من الشباب الطلاب والخريجين من الجنسين، وممثلين عن وسائل والإعلام. وأوضح إبراهيم معمر رئيس مجلس الإدارة أن هذا اللقاء يتزامن مع حلول الذكرى الثالثة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كما يتزامن مع استمرار التهديدات الإسرائيلية بشن حرب جديدة على القطاع غزة، والتي كان أخرها تقرير نشر يوم أمس في وسائل الإعلام الإسرائيلية حول اكتمال استعداد الجبهة الإسرائيلية الداخلية لمواجهة حرب إسرائيلية قادمة على غزة. وحمل معمر، إسرائيل كدولة احتلال المسئولية القانونية الدولية بشقيها المادي والسياسي، بسبب ارتكابها جرائم دولية في قطاع غزة. من جانبه دعا دكتور إبراهيم أبراش في مداخلته إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني بشكل فوري، وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، معربا عن خشيته من أن ما يجرى اليوم من حوار هدفه إدارة الانقسام وليس إنهاءه. وشدد أبراش على أن وجود منظمات حقوق الإنسان في العالم دليل على انتهاك القوانين، وإن تلك المؤسسات تسعى لتصليح أخطاء الحكومات والجماعات. وتطرق أبراش في حديثه إلى الحالة الفلسطينية، موضحا أنه ورغم سيل الانتهاكات والاعتداءات الخطيرة التي مارستها سلطات الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين، إلا أن قادتها لم يتعرضوا لملاحقات ومحاكمات على مستوى العالم، نتيجة للغطاء الأميركي والأوروبي، كونهما لم يعترفا بأن إسرائيل مارست انتهاكات لحقوق الإنسان. وشدد على أن انحياز أمريكا والغرب لإسرائيل، نابع من معادلة هامة تسود العالم منذ القدم، وهي اعتبار المصالح فوق القانون. وأضاف أن الحل يكمن في ضرورة أن يعمل الفلسطينيون متحدين وعلى كافة المحافل، للتأكيد على أن القانون فوق الجميع، وعلى دول العالم صغيرة كانت أو كبيرة أن تلتزم بالقوانين، وضرورة محاكمة من يتجاوزها. وتناول الصوراني تاريخ نشأة مؤسسات حقوق الإنسان، موضحا أن تشكيل المنظمة العربية لحقوق الإنسان في العام 1983، كان بداية للنضال العربي لحماية حقوق الإنسان. وتحدث الصوراني عن عمل المنظمات الحقوقية في قطاع غزة، موضحا أن عملها يسير وفق ثلاث خطوات، الأولى تحويل لانتهاكات من شهادات ووقائع لملفات موثقة وقانونية، حيث توجهت المنظمات الحقوقية بعد ذلك للمحاكم الإسرائيلية، ورفعت قضايا أمامها. وأوضح أن المحاكم والقضاء الإسرائيلي وفرا غطاءً قانونيًا للجيش الإسرائيلي وقادته، وشرع الانتهاكات، وأجاز قتل المدنيين واستهداف المنازل، مبينا أن مؤسسات حقوق الإنسان بدأت تتجه إلى المحافل الدولية والقضاء العالمي. وقال إنه بالتعاون مع منظمات حقوقية دولية، ومحامين متخصصين، تم رفع العديد من الدعاوى ضد قادة إسرائيليين عسكريين وسياسيين، في بريطانيا وإسبانيا وغيرها من الدول. وبيّن أن المنظمات الحقوقية ومناصريها تمكنت بالفعل من استصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين مثل "تسيبي ليفني"، وغيرها من القادة، وحرمت قادة آخرين من دخول العديد من الدول، مبينا أن العمل في هذا الإطار لا يوصف بأنه عمل موسمي، بل هو جهد متكامل ومتواصل، وسيتواصل. كما شدد على ضَرورة لملمة البيت الفلسطيني في إطار عملية مصالحة حقيقية بين أقطاب العمل الوطني الفلسطيني، كما أثنى المشاركون على أهمية دور منظمات حقوق الإنسان، وخاصة المنظمة العربية لحقوق الإنسان بوصفها مؤسسة دولية متخصصة تضم جميع الدول العربية، إضافة إلى تثمين الجهود التي يبذلها المركز الفلسطيني بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان في ملاحقة مجرمي الحرب . وأكد المشاركون على أهمية إنهاء ملف الانقسام وأهمية إعادة الوحدة الوطنية لشطري الوطن، كخطوة أولى نحو توحيد الجهد لملاحقة مجرمي الحرب. كما أثنى المشاركون على دور الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون في نشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني من خلال تنظيم مثل هذه اللقاءات.