أكد خبراء أثريون وقانونيون أن مصر باتت مهددة بتدخل دولي لحماية الآثار التي تتعرض للتخريب بعد حرق المجمع العلمي التاريخي، وطالبوا المجلس العسكري وحكومة الجنزوري بتوفير الحماية المشددة للمنشآت الأثرية والتاريخية حتى لا يمنحوا "اليونسكو" ذريعة لطلب التدخل الدولي في مصر بل وطالبوا أيضًا بتوفير الحماية لجميع المنشآت والمرافق الحيوية. ونقلت شبكة العربية نت عن هؤلاء الخبراء تحذريهم من مخاطر تدخل دولي لحماية المنشآت الأثرية باعتبارها تراثًا إنسانيًا فشلت الدولة المصرية في حمايته. وقال الدكتور حجاج إبراهيم نائب رئيس جمعية الحفاظ على التراث وعضو اللجنة العليا للمتاحف "إن ما حدث في المجمع العلمي كارثة بكل المقاييس، ومن هاجم هذا الصرح التراثي هم التتار الجدد الذين أحرق أجدادهم تراث الإسلام في مكتبة بغداد حينما احتلوا بلاد العالم الإسلامي". وأكد إبراهيم "أنه باستطاعة منظمة اليونسكو الآن أن تطلب فرض حماية دولية على المنشآت التاريخية والأثرية في مصر أو على أقل تقدير أن تطالب بفرض الوصاية على مصر للحفاظ على التراث الإنساني بحجة أننا غير قادرين على حمايتها، وذلك من الممكن أن يحدث من خلال دول مثل فرنسا التي لها حق أيضًا في هذا التراث الذي فقدناه وهى عضو دائم في الأممالمتحدة". وأوضح إبراهيم أن من ضمن ما احترق في هذا المجمع خرائط أصلية لترسيم حدود مصر وهى الخرائط التي استندنا عليها في التحكيم الدولي لاستعادة "طابا" وخرائط أخرى لحدود مصر منذ عام 1800 بالإضافة إلى كتاب "وصف مصر" الذي ألفه علماء فرنسيون إبان الحملة الفرنسية على مصر وبه أيضا خرائط لدول أخرى ومن الممكن أيضًا أن يتم طرد مصر من أي محفل ثقافي دولي". أما ناصر أمين - الخبير القانوني وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان - فيرى أنه ليس من حق اليونسكو أن تفرض الحماية الدولية على مصر نظرًا لتعرض منشأة تاريخية للانهيار أو الحرق في بلد ذات سيادة". وأضاف "أقصى ما يمكن أن تفعله اليونسكو أنها تصدر بيانًا تعبر فيه عن أسفها ولكن لا يوجد سند قانوني لفرض الحماية الدولية على المنشآت الأثرية والتراثية". واستدرك ناصر أمين "لكن توجد حالة واحدة لفرض الحماية الدولية على المنشأة التاريخية وهى حالة تعرض القطر الذي تحدث فيه هذه الأحداث لحرب أو نزاعات دولية، أما بالنسبة للخرائط الحدودية فيؤكد ناصر أمين "أن هذه الخرائط موجود نسخ أصلية منها في أماكن أخرى". ويلقي الدكتور ممدوح المصري - أستاذ الآثار بكلية الآداب - باللائمة على المجلس العسكري لعدم حمايته هذه المنشأة التاريخية الهامة والحيوية، حيث كان يجب عليه الحسم منذ البداية للقبض على هؤلاء المخربين الذين يدعون أنهم ثوار". وتساءل المصري كيف يتم منع رئيس الوزراء من دخول مقر عمله تحت دعوى الاعتصام؟ وكيف سمحت القوات المسلحة بالاستمرار في هذا العبث الذي انتهى بحرق أهم مكان في مصر؟ وأكد المصري على حق التظاهر والاعتصام ولكن في الوقت نفسه على أن يكون هذا الأمر مقنن بحيث لا يؤثر على سير العمل، وإذا استمر المعتصمون على موقفهم كانت هناك طرق أخرى للحوار لإنهاء الأزمة دون الدخول في دوامة العنف. وأشار المصري إلى أن حرق المجمع وبه خرائط الحدود المصرية الشرقية وخرائط سيناء يحمل علامة استفهام وله دلالات، فهذه الخرائط التي استندت عليها مصر في ترسيم حدودها مع إسرائيل، فهل كان حرق هذا المجمع مقصودًا وسط هذه التظاهرات لإخفاء معالم هذه الحدود وأن إسرائيل تخطط لشيء ما، خاصة بعد صعود التيار الإسلامي في البرلمان. أما الدكتور أيمن حسن الدهشان - أستاذ الآثار المصرية بكلية آداب جامعة طنطا - فيصف ما حدث للمجمع العلمي وأحداث مجلس الوزراء عمومًا بأنه مؤامرة بكل المقاييس، فلماذا المجمع العلمي بالذات الذي يتم التراخي في إنقاذه؟ رغم أن المجلس العسكري قام بتصوير ما يحدث لحظة بلحظة، فلماذا تراخى في القبض على هؤلاء المخربين؟. وأضاف حسن "إذا كان المجلس العسكري لا يعرف أهمية هذا المجمع، فإن الذي حرقه يعلم أهميته، فهو يحمل تراث أكبر دولة في الشرق الأوسط، فالمقصود هو تحجيم هذه الدولة، وأما تراخي المجلس العسكري عن حماية هذا المبنى التاريخي فيجعله إما محل شبهة تواطؤ مع هؤلاء المخربين لحاجة في نفس يعقوب أو أنه فقد سيطرته على الأمور، ولا يستطيع تفريق بعض المخربين المدعين أنهم ثوار، بينما هم مأجورون هدفهم الأساسي تعطيل مصالح البلاد والعملية السياسية برمتها". ومن جهة أخرى طالب الدكتور أحمد زويل العالم المصري الحائز على جائزة نوبل للعلوم الثوار الحقيقيين بالانسحاب من ميدان التحرير والشوارع المحيطة به ومجلس الوزراء ووقف التظاهرات لمدة محددة، حتى يتم فرز البلطجية والمخربين من أوساطهم. واعتبر أن هؤلاء البلطجية يعملون لجهات داخلية وخارجية بهدف إسقاط مصر، مشددًا على وقف العنف الفوري من قبل قوات الجيش والأمن المركزي عند مجلس الوزراء. وجاء ذلك في بيان ألقاه زويل على الهواء مباشرة في قناة "سي بي سي الفضائية المستقلة بمصر"، وعقب إلقائه البيان احتقنت عينا زويل وأدمعتا حزنًا على ما جرى ويجري في مصر.