في وقت مبكر من صباح يوم 25 نوفمبر، تحول موقف إدارة أوباما تحولا كبيرا فيما يخص المواجهة الحالية بين العسكريين والمتظاهرين المؤيدين للديمقراطية فى ميدان التحرير فى القاهرة، حيث أدان البيت الأبيض استخدام القوة المفرطة وطالب جميع الأطراف بضبط النفس، وكان الموقف الأمريكي الواضح هو "نقل السلطة بشكل كامل الى حكومة مدنية منتخبة فى أقرب وقت ممكن". عندما وصلت الرسالة الى الحكام العسكريين فى مصر، كان ردهم فى منتهي الشراسة، ولكن معظم المصريين بما فى ذلك الشباب الثوري والنخبة السياسية المدنية دعموا الموقف الأمريكي، وعندما تحدثت إلى مجموعة من السياسيين والمتظاهرين في القاهرة بعد عدة أيام، كان معظمهم غاضبًا من تصريحات جاى كارني المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض ربما لأنه تم اذاعة تصريحاته فى الثالثة صباحا بتوقيت واشنطن. قصة هذا البيان مثال جيد على ان الرئيس أوباما لا يزال يجهل مايفعله كبار مستشاريه وهو أمر يسميه السياسة الخارجية الجديدة لإدارته، فالرئيس الأمريكي الذي بدأ رئاسته بحوار تشجيعي مع العالم الاسلامي من القاهرة، وزار العديد من الدول العربية الأخرى لا يدري واقع مايجري فى المنطقة الان. في النصف الأول من العام الماضي، ألقى أوباما مجموعة من الخطب حول الأحداث في الشرق الأوسط، في وزارة الخارجية والأمم المتحدة. في كلتا الخطبتين ، كان العنوان الرئيسي لهما النزاع الاسرائيلي الفلسطيني المجمد ، ولم يتطرق الى التغيير الثوري فى الدول العربية ، فنادرًا مايتحدث عن التغيير فى مصر او قمع التظاهرت فى البحرين أو الصراع المدني فى سوريا فى حين ان الصحافة الأمريكية وبيانات البيت الأبيض تهتم بذلك أكثر منه. من الصعب الهروب من الحقيقة التالية وهى ان أوباما لا يكافح بشكل جاد من أجل الحرية فى الشرق الأوسط ، كما انها ليست على قمة أولوياته الخاصة، فهو لا يزال يتكلم بشكل استفزازي عن أسباب قيام الدولة الفلسطينية ومنع الانتشار النووي ، ويتجاهل تماما الانقلاب التاريخي الذى يحدث فى المنطقة العربية وبعض دول آسيا. لماذا هذا الأمر؟ لأنها المرة الأولى التى تحتاج فيها الولاياتالمتحدة الى اعادة تقييم علاقتها الاستراتيجية مع دول مثل مصر,..كما انها لم تعد قادرة على القيام بذلك عن طريق كتابة شيكات او توريد دبابات.على مدي العامين المقبلين ، سوف يحتاج الشعب المصري أن يشعر بأن علاقته بالولاياتالمتحدة ليست علاقة مصالح وانما علاقة تحافظ على قيمة المصريين. توضح استطلاعات الرأي ان النظرة الايجابية لأوباما انخفضت الى 34 في المئة ، مقارنة مع 39 في المئة في عام 2009. وعندما سئلوا الناس عن الدول التى لعبت دورا أكبر فى ثوراتهم العربية قالو تركيا وفرنسا فى المركز الأول والولاياتالمتحدة والصين بالكاد فى المركز الثالث. يقول مسؤولون في الادارة الأمريكية إن واشنطن تفضل ان تتوارى في كثير من الأحيان عن الأنظار العامة فيما يخص أحداث الشرق الأوسط، وقد استفادت حتى الآن من دعم فرنسا الواضح للثورات، والحقيقة هي أن عددا كبيرا من العرب إما أنهم لا يعرفون ما هي سياسة الولاياتالمتحدة أو يسيئون فهمها، معظم المصريين الذين تحدثت معهم خلال زيارتي الأخيرة للقاهرة -- بما في ذلك الجهات السياسية المتطورة -- يعتقدون أن أولويات أوباما هي دعم القوات المسلحة المصرية وإسرائيل ، بغض النظر عما يفعلونه. هناك ، بطبيعة الحال ، طرق كثيرة أمام الولاياتالمتحدة لأن تثبت قيمة مصر وجيرانها بالنسبة لها وقد تكون هذه الطرق أكثر أهمية من التصريحات العلنية. فيمكن للولايات المتحدة أن تساعد الاقتصاد الذى دمره اعصار الثورة ، كما يمكن لها ان تتعاون فى المجال الأمني فى أماكن مثل شبه جزيرة سيناء. كما ان القادة العرب بحاجة إلى أن يسمعوا ويروا القادة الأمريكيين وهم يدعمون تطلعاتهم الديمقراطية.وإدارة أوباما تتحرك ببطء في هذا الاتجاه: وزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلينتون، على سبيل المثال ، قد حثت مؤخرا كلًا من الاسلاميين والجيش بالتمسك بالمبادئ الديمقراطية.ومع ذلك ، يجب ان تكون الرسالة أكثر اتساقا والأفضل ان تأتي من الرئيس نفسه.