الوادي الجديد: اتخاذ إجراءات ضد الشركات والأفراد المستحق عليهم مديونيات لصندوق استصلاح الأراضي    مصر تستعرض تجربتها في تطبيق التأمين الصحي الشامل خلال الجلسة الوزارية ل UHC knowledge Hub بطوكيو    وزير الخارجية: مصر لن تقبل تحت أي مبرر بتقسيم السودان    أفواج شاحنات مساعدات غزة تتحرك مجددا من معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم    زيلينسكي يبحث عن ضمانات لحماية الأراضي الأوكرانية ومنع الاعتراف بسيطرة روسيا عليها    أصوات الانفجارات لا تتوقف.. الاحتلال يفتح نيران رشاشاته على دير البلح في غزة    وليد الفراج لمحمد صلاح: أنت أعظم مصري وعربي في تاريخ كرة القدم    كريم بوضياف لاعب الدحيل ل"البوابة": الكل فائز في كأس العرب    الأهلي يواصل التدريبات في مدينة نصر استعدادا لمواجهة إنبي    الداخلية تضبط 397 كيلو مخدرات و220 قطعة سلاح ناري خلال يوم    لعدم التزامه بتعريفة الركوب.. ضبط سائق ميكروباص تعدى على سيدة بالسب لتصويرها سيارته في الإسكندرية    وزير الثقافة يصل أذربيجان للمشاركة في أسبوع باكو للإبداع    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظّم ندوة توعوية بالمدارس حول "احترام كبار السن وتوقيرهم"    تعليم أسيوط يتابع تدوير الرواكد في المدارس الصناعية    حزب الجبهة يفصل مرشحه بالأقصر قبل انطلاق جولة الإعادة في الانتخابات    حمزة عبدالكريم يقترب من برشلونة علي حساب البايرن وميلان .. اعرف الأسباب    ما هي خطوات استخراج شهادة مخالفات المرور الإلكترونية؟    وزير الخارجية يلتقي نظيره السوري بمنتدى الدوحة ويؤكد على رفض أي محاولات للمساس بأمن سوريا    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    الداخلية تكشف تفاصيل توزيع رشاوى إنتخابية على الناخبين أمام جمعية خيرية فى المنيل    نتنياهو: المرحلة الثانية من اتفاق غزة ستكون أكثر صعوبة    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    أحمد فلوكس يصطحب والده فاروق فلوكس لأداء مناسك العمرة على كرسى متحرك    المديريات التعليمية تطلق مبادرة جسمى ملكى لا تلمسه لطلاب المدارس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    "اكتشفها وساعده".. الصحة تكشف عن أعراض تدل على إصابة الطفل بالاكتئاب    وزير الصحة يعلن اليوم الوضع الوبائى لإصابات الأمراض التنفسية .. اعرف التفاصيل    جامعة بني سويف تحقق إنجازًا جديدا بإجراء أول عملية لتقشير أورام الجهاز الهضمي بالمنظار دون جراحة    ثنائي الأهلي يدعم محمد صلاح ضد مدرب ليفربول: أسطورة كل العصور    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    الإعدام شنقًا لقاتل شقيقته في نجع حمادي    قبل الامتحانات بأيام.. المحكمة الإدارية بأسيوط تحيل قضية سحب مقررات أستاذ جامعي لهيئة مفوضي المحكمة    رانيا المشاط تستعرض جهود مصر في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    تقنين دفعة جديدة من أراضي المواطنين بمدينة العبور الجديدة، 2 فبراير المقبل    انطلاق الملتقى الأول للطفل وقوافل المسرح المتنقل بسيوة في أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع    13 عاما على رحيل عمار الشريعي، المايسترو الذي غاص في بحر النغم.. انطلق من شارع محمد علي متحديًا فقدان البصر    مرض غامض يمنع الشيخ طه الفشن من الكلام.. اعرف الحكاية    وزير الثقافة يصل إلى أذربيجان للمشاركة فى أسبوع باكو للإبداع    خبر في الجول - عمر فرج يقرر فسخ تعاقده مع الزمالك    نائب رئيس الزمالك: المجلس يريد استكمال مدته    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء تجيب    التطرف ليس في التدين فقط.. موضوع خطبة الجمعة المقبلة    بعد الخروج من الدوري المكسيكي.. راموس: هذه مباراتي الأخيرة مع مونتيري    محافظة الوادى الجديد: مخاطبة الضرائب العقارية للحجز على المستثمرين المتقاعسين    البنك المركزى: ارتفاع الاحتياطى الأجنبى ل50.2 مليار دولار نهاية نوفمبر الماضى    مصرع شابين وإصابة ثالث في تصادم مروع ببني سويف    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    محمد السيد يتوج بذهبية كأس العالم للسلاح بعد اكتساحه لاعب إسرائيل 15-5    رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    مستشفى كرموز تجح في إجراء 41 عملية لتغيير مفصل الركبة والحوض    تعليمات من قطاع المعاهد الأزهرية للطلاب والمعلمين للتعامل مع الأمراض المعدية    نائب ينتقد التعليم في سؤال برلماني بسبب مشكلات نظام التقييم    الشرع: إقامة إسرائيل منطقة عازلة تهديد للدولة السورية    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخروج من مأزق ذبول الثورة بالذكاء الثوري
نشر في المشهد يوم 06 - 12 - 2011

لا تقوم الثورات في المجتمعات السعيدة التي تنتشر فيها السعادة عبر فئات المجتمع رأسيًا، أي بداية من القلة الحاكمة وصولاً إلى اليد العاملة، وأفقيًا أي عبر الفئات والطوائف المختلفة على المستوى الطبقي الاجتماعي نفسه. تقوم الثورات عندما تؤدي ظروف الحياة إلى توتر ومعاناة وعذاب يعم فئات الشعب المختلفة. ولا تقوم الثورات إلا من خلال طليعة أو فئة معينة من الشعب المعذب، حيث تتميز هذه الطليعة بالوعي بما يمكن أن تكون عليه الحياة من ظروف تزيل العذاب والتوتر وتحقق مطالب الشعب وآماله.
ولذلك فلا يقوم العبيد أو الجوعى أو المرضى أو الأميون بالثورات. وتتميز هذه الطليعة، بوعيها هذا، بذلك الإحساس بالفرق بين الواقع المؤلم والمستقبل السعيد بعد الثورة، ومن ثم فتشعر تلك الطليعة باتساع الفارق بين الواقع والمأمول، وهنا تكتسب ما يمكن تسميته التطلعات المتزايدة ذات السقف العالي. ومن ثم فتتفق هذه الطليعة على أهداف ووسائل معينة تحقق السعادة للشعب. وقد تبلورت تلك الأهداف والوسائل بالنسبة للثورة المصرية في كلمات بسيطة كانت هي المطالب الواضحة والمحددة والدقيقة والمختصرة، ألا وهي العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
قامت ثورة 25 يناير بعد ثلاثين عاما من مقدار من الاستبداد والديكتاتورية والقمع والتعذيب والفقر والمرض والمعاناة ما كان يكفي لتوليد عدة ثورات وليس ثورة واحدة. وبالرغم من حدوث بعض الانتفاضات الفئوية والنقابية والطلابية فإنها كانت تُقمع جميعا إلي أن تبلورت طليعة فعالة بوعيها الشبابي والإلكتروني لكي تفجر ثورة 25 يناير المستنيرة.
ولذلك فقد سجل الشباب المصري ما كان هو أهل له، وما هو متوقع منه لكي يحرك الثورة عبر الأشهر العشرة الماضية بالرغم من المقاومة الهرقلية من جانب المجلس العسكري والقوى الرجعية داخل البلاد وخارجها والتي أدت إلى استشهاد المئات وإصابة الآلاف بالعاهات الخطيرة والمحاكمات العسكرية لأكثر من 12000 من شباب مصر الأطهار.
قامت الثورة من أجل العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. هذه الأهداف هي ما أطلقت في ميادين مصر 20 مليونا من الشعب المصري يوم 11 فبراير، يوم تنحي الطاغية الذي مضى مع كهنته أكثر من ثلث عمره وهو يرتكب الجنايات القانونية والخطايا الأخلاقية في حق رعيته المساكين من شعب مصر. لم تقم الثورة من أجل إحياء الدين الإسلامي في مصر الحبيبة، عقر دار الإسلام ومنار إشعاعه.
لم تكن ثورة وهابية، ولم تكن ثورة أزهرية، ولم تكن ثورة قادها شباب المعاهد الأزهرية، بل على العكس تمامًا كانت ثقافتها الحرية الدينية والتسامح الطائفي الديني لدرجة اختلط فيها الدم القبطي بالدم الإسلامي، وتعانقت فيها المراسيم الإسلامية التعبدية بالمراسيم القبطية التعبدية. فما الذي حدث بعد الإدارة العسكرية الفاشلة لمرحلة ما بعد الثورة التي ما زلنا نتعثر فيها حتى شهرها العاشر الآن؟
لقد تعمدت الإدارة العسكرية منذ لحظة تكليف المستشار البشري ومعه المتشدد صبحي صالح لتعديل المواد الدستورية حتى إطلاق سراح جميع المعتقلين الدينيين فجأة وبصورة جماعية ثم استمرار التودد المتبادل بين المجلس العسكري ورموز التيار الإسلامي إلى أن انتهت المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، وهي المطلب الملح للتيارات الإسلامية والمجلس العسكري علي السواء، بهذا الاكتساح غير المتوقع لهذا التيار في أكبر انتخابات مزيفة في تقديري الشخصي، انتخابات ضلل فيها عقل الشعب وزيفت إرادته بوسائل أعمق من مجرد تغيير أو تزييف أوراق التصويت في الصندوق الانتخابي. وهو تزييف أدى إلى نتيجتين أساسيتين: الأولى - إيهام الشعب البسيط، وهو الغالبية، بأن التصويت هو اختيار بين الإسلام والكفر، الإسلام هو حزبا الإخوان والسلفيين، والكفر هو جميع الأحزاب الأخرى.
النقطة الثانية - الخوف من الغرامة الكبيرة (500 جنيه) وما تبعها من استغلال للخائفين منها، بالرغم من وجود المتمردين على هذا الاستغلال لدرجة أنني سألت مواطنًا أميًا، ولكنه ليس بغبي، سألته من انتخبت؟ فقال أنا عارف .. أنا علّمت على ثلاثة حمير وخرجت. ولن أفصل في هذا الأمر لمجرد الاقتناع بأنه قد سبق السيف العزل. كيف يمكن أن يَرُد من حصد الجميلَ إلى من زرع؟ هؤلاء الذين اعتلوا مقاعد البرلمان، كيف يردون الجميل إلى الشباب المصري صانع الثورة ومفجرها وإلى شهدائها الأطهار؟
أظنهم لن يردوا الجميل، بل ينكرونه بالفعل وقد أعلنوها ثورة وهابية قد ساعدهم المجلس العسكري على إجهاض الثورة الشعبية وسرقتها في تلك الجولة الحالية، والتعبير الأدق هو أنهم هم الذين قد ساعدوا المجلس العسكري على إجهاض الثورة وقمعها. ولكن هل ستستسلم الطليعة الثورية الشبابية الجبارة ومعها شعب مصر الحر؟ هيهات هيهات، فالبضاعة لا بد أن ترد إلى أصحابها، ولا بد أن تتحرك مصائر الحياة نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية غاية كل التغيرات العصرية في القرنين العشرين والحادي والعشرين رغما عن إرادة المجلس العسكري، ورغما عن حكام طرة، ورغما عن إرادة التيار الإسلامي المتواطئ، ورغما عن الإرادة الأمريكية والإسرائيلية، ورغما عن إرادة الدول الخليجية.
ولن يستغرق هذا التحول الصحيح للثورة المصرية إلا سنوات معدودة قليلة وليس 82 سنة مثل الثورة الفرنسية أو أكثر من 90 سنة مثل الثورة الروسية حتى استقرت الديمقراطية في الأولى وعلى وشك التحقق حاليا في الثانية.
أنا لا أخاطب هؤلاء الشيوخ السلفيين أو المتعصبين من الإخوان الآخرين، لأنهم سوف يتعلمون من تلقاء أنفسهم من شبابهم، ذلك الشباب الذي يسمع من شيوخه الآن فيطيعهم دون تردد أو تأمل. ذلك الشباب الذي سيكتشف أن مصلحته ورخاءه في الدنيا والآخرة هي في بناء دولة حرة ديمقراطية قوية كريمة عادلة تُضاء بالعلم وتُوَجه بالسماحة والقيم الإنسانية السامية التي مصدرها دينُ الله سبحانه وتعالى الذي تَمم مكارم أخلاقِه الحبيبُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم.
أيها الشباب من كل الطوائف والطبقات والانتماءات، أنتم من الثامنة عشرة إلى الخمسين تكونون ما يقرب من 60% من الشعب المصري. أنتم الفئة الفاعلة من هذا الشعب، ومن ثم فعليكم مسئولية كبيرة لا يمكن تحقيقها إلا بالوعي والفهم الصحيح والتأمل وعدم الانقياد إلى كل ذي صوت أو كل ذي هالة، تخيروا من تنصتون إليه في كل مقامٍ معين. فعلى سبيل المثال، وفي مجال السياسة وإدارة الدولة وقيادتها هل تنصتون إلى الدكتور البرادعي أم إلى الشيخ حازم أبو إسماعيل.
طبعا الأول أنا أنصتُ له في مجال السياسة حيث يعلم ويتصل بالقوى السياسية العالمية والمحلية، ويعلم كيف يدير الدولة كما أدار 2500 عامل في الهيئة الدولية للطاقة الذرية بكل نجاح وكفاءة، ويعلم كيف ومن يتصل به من كبار رجال الأعمال العالميين والمحليين للاستثمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويعلم كيف يتعامل مع إسرائيل وأمريكا بطريقة حكيمة يتقي فيها شرهما ويوقف بطشهما ... وإلى غير ذلك كثير.
أما الفاضل الشيخ حازم أبو إسماعيل فأنصتُ إليه بقلب خاشع وروح مطمئنة وهو يعلمني التوحيد في المسجد، وهو يعلمني معنى وكيفية تسبيح الله سبحانه وتعالى وتمجيده، وهو يعلمني أخلاق القرآن المتجسدة في سلوك الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم والممثلة أيضًا في سلوك السلف الصالح من الصحابة والتابعين. أما في السياسة فلا يكون سيادته إلا مواطنًا شأنه شأني وشأن سيادتك، وليتفرغ لما هو مؤهل له ولما هو ميسر له. ابني والحمد لله في السابعة والأربعين، يعنى ما زال في فئة الشباب.
ومن ثم فأناديكم أبنائي الشباب تمسكوا من أجل أنفسكم ومستقبلكم ومستقبل أبنائكم بأعظم نعمة وهبها الله لمصر في مطلع هذا العام وهي الثورة الينايرية المستنيرة. تلك الثورة التي ستحيي مصر بعد موات طويل، وتكرم شعبها بعد ابتزاز واستعباد مرير، تلك الثورة التي يحاول الرجعيون إجهاضها الآن، وقد نجحوا جزئيًا حتى الآن، ولكن لن يستمر هذا النجاح طالما أنتم شباب مصر وراءها وحراسها وأصحاب المصلحة الوطنية فيها. والحمد لله أن بشرنا الله بها نحن الشيوخ قبل الرحيل، وهنيئًا لكم بها، وهنيئًا لها بكم، وادعوا معي قبل صلاة الفجر وأنتم في معزل "اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه".. والحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.