كنا نأمل أن يكنس سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في طريقه كل موروثات عهده البائد، لكن يبدو أن نجاحنا في منع توريث نجله، رهين ليمان طرة حاليا، لم يحول دون تسلل إفساده للعملية الانتخابية على مدى 30 عامًا، إلى انتخابات برلمان الثورة الذي نرجوه من الله، ونتمنى أن ينقلنا من عصر الظلمات الى النور، ومن عصر الإفساد الى الصلاح والتقوى، والصراط السياسي المستقيم. العرس الديمقراطي الذي شهدت عليه جميع اللجان الانتخابية في المرحلة الأولى، وأبهر العالم ، بعد أن ظن البعض تلاشي الثورة المصرية في أعقاب أحداث شارع محمد محمود، هذا العرس للأسف الشديد لم يخل من أدران، وبقع سوداء لطخت الثوب الأبيض، في شكل تجاوزرات كنا نتمنى ألاّ نشاهدها ونحن ندلف بوابة عهد جديد. فهذه فتاة منتقبة أدلت بصوتها 15 مرة ببطاقات مختلفة، وبأسماء أخريات في اللجنة رقم 773 بمدرسة العتامنة بمركز منفلوط التابع للدائرة الثانية، بمحافظة أسيوط. الأخت الفاضلة - حسب العديد من الصحف - تم "اكتشافها حينما شك قاضى اللجنة وارتاب فى أمرها بعد ملاحظة نفس الملابس التى ترتديها فى كل مرة، ودخولها وسط الزحام، فتجمع مندوبو اللجان وقاضى اللجنة وكشفوا عن وجهها وبتفتيشها تبين أن معها أكثر من 15 بطاقة رقم قومى، استخدمتها فى الإدلاء بالصوت". الأخت الفاضلة لم تنكر الواقعة لدى سؤالها وأكدت تصويتها عدة مرات. الغريب - وطبقا للصحف أيضا - أن "أهالى القرية تدخلوا لإقناع القاضى بتسوية الأمر وديًا، لكونها فتاة وأخلاق أهل القرية لا تسمح بدخول فتاة قسم الشرطة، "هكذا أخلاق أهل القرية تسمح بالتزوير لكنها لا تسمح بتلقي المزورة العقاب!! واقعة أخرى روتها إحدى الناخبات في مدرسة نجع زريق بمركز البداري الدائرة الثالثة بأسيوط أيضا حول تلقيها عرضًا بالرشوة من شخص ملتحٍ مقابل إعطاء صوتها وأقاربها لحزب يرفع راية الأخلاق والفضيلة، السيدة الكريمة قالت إنها تقدمت بشكوى عن الواقعة. وعن الرشاوى الانتخابية، حدث ولا حرج، فهذا التحالف المصري لمراقبة الانتخابات البرلمانية وقد رصد مراقبوه بمدرسة ناصر الإعدادية بنين بقرية دويح بإسنا بمحافظة الأقصر قيام أنصار أحد المرشحين بتوزيع أقراص مخدرة للناخبين لصالح المرشحين. محافظة البحر الأحمر- كما وصفها أحد المواقع الاخبارية - كانت الأعلى فى بورصة الرشاوى، حيث "شهدت اللجنة رقم 82 بالطب البيطري قيام أحد المرشحين بتوزيع مبلغ مالي قدره 250 جنيهاً مقابل الصوت الواحد." ونواصل حديث الصحف ففي دائرة قصر النيل "الدائرة السادسة" قام أنصار أحد المرشحين على المقعد الفردي "فئات" بشراء أصوات الناخبين مقابل 50 جنيهًا، وذلك أمام كلية الاقتصاد المنزلي بشارع سوق العصر ببولاق، فضلاً عن بعض الرشى العينية، كالبطاطين والمقالم المدرسية. سائق في هيئة النقل العام قال إن أحد المرشحين قدم رشى انتخابية للمواطنين عبارة عن بطاطين و100 جنيه لكل مواطن مقابل صوته، لكن وفق هذا الرجل الطيب فإن العديد من الأهالي الذين حصلوا على الأموال صوتوا للمرشحين المنافسين لصاحب الرشوة. ولأن فلول الحزب الوطني المنحل الأكثر التصاقًا بتقديم الرشاوى، قام أحد هؤلاء بتوزيع عدد من الوجبات عبارة عن "ربع فرخة وقليل من الأرز"على فقراء قرية أبجيج في الفيوم لانتخابه!! تلك عينات من وقائع مرفوضة شكلاً ومضمونًا، ولا تليق بمصر بعد ثورة 25 يناير، هل لا يزال شعب مصر العظيم " ينتوي" على طريقة المخلوع الاحتفاظ بهذه الموروثات الفاسدة من العهد البائد؟ ..لا أظن وعلينا أن نتتطهر قبل أن تعاود بؤر الصديد التجمع من جديد في الجسد الثائر.