ما بين عشية وضحاها تبدل حال رئيس وزراء تركيا، رجب طيب أردوغان، من "بطل قومي" حلم كثير من المصريين بحمله على أعناقهم، إلى "شخص غير مرغوب فيه"، لدرجة دفعت أنقرة إلى إلغاء زيارته التي كان من المقرر أن يقوم بها إلى قطاع غزة، خلال شهر أغسطس الجاري. هذا السقوط المفاجئ في شعبية رجل تركيا الأول، الذي خاض معركة دولية ضد الكيان الصهيوني، في أعقاب الهجوم على قافلة "أسطول الحرية" في عام 2010، انتهت باعتذار إسرائيلي "غير مسبوق"، جاء بسبب موقفه من ثورة 30 يونيو، التي أنهت نظام حكم جماعة الإخوان لمصر. وكشفت مصادر صحفية تركية أن مسؤولين مصريين أبلغوا أنقرة بأن زيارة أردوغان إلى قطاع غزة "لا يمكن إتمامها عبر مصر"، كما أفاد هؤلاء المسئولين بأن رئيس الوزراء التركي "لن يكون موضع ترحيب" من الشعب المصري، بسبب تصريحاته المؤيدة للرئيس "المعزول" محمد مرسي. وبحسب ما أوردت صحيفة "وطن" التركية الثلاثاء، فإن "العداء المتزايد" ضد أردوغان يأتي أيضاَ بسبب عدم اعتراف حكومة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، وهو أيضاً من الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية، بالحكومة الجديدة في مصر، وبنظام "الرئيس الانتقالي" عدلي منصور. وكان الهدف من زيارة أردوغان إلى غزة، بحسب ما ذكر وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي جون كيري، مواصلة جهود المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وتمهيد الأجواء لاستئناف مباحثات السلام مع الكيان الصهيوني. وخلال زيارته للقاهرة في سبتمبر 2011، تحول أردوغان إلى "نجم إعلانات" في الشارع المصري، حيث انتشرت صوره على لوحات الإعلانات الشهيرة في مختلف أحياء العاصمة المصرية، مكتوباً عليها "معاً يد واحدة من أجل المستقبل"، وفي خلفيتها صورة للعلمين المصري والتركي. ولعب الموقف التركي من إسرائيل، في أعقاب الهجوم على "أسطول الحرية" والذي أسفر عن سقوط عدد من القتلى غالبيتهم من الأتراك، بقطع العلاقات الدبلوماسية وتخفيضها لأدنى مستوياتها، دوراً كبيراً في حالة الارتياح المصرية، حيث رأي قطاع كبير من المصريين أن أردوغان ، اتخذ موقفاً قوياً على عكس الموقف المصري. تزامن الكشف عن إلغاء زيارة رئيس الوزراء التركي لقطاع غزة، مع إعلان السلطات المصرية عن إحباط محاولة لتهريب كميات كبيرة من مستلزمات الأسلحة، وملابس عسكرية مصرية وأفغانية، وجهاز لتزييف العملات الورقية، بحوزة راكبين مصريين قادمين من مدينة اسطنبول التركية.