حالة من التفاؤل تسود القطاع الاقتصادى المصرى بعد زيارة مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالى الليبى لمصر أمس، للاتفاق على عودة العمالة المصرية مرة أخرى وسبل دفع التعاون المشترك فى جميع المجالات الاقتصادية والصحية والاجتماعية وزيادة الاستثمار بين البلدين لإعادة إعمار ليبيا بعد سقوط نظام القذافى وسيطرة الثوار على مقاليد الحكم. فضلا عن توقيع الدكتور حسن يونس -وزير الطاقة والكهرباء- ونظيره الليبى عوض إبراهيم عقد تبادل الطاقة بين الشركات المصرية لنقل الكهرباء وإعادة شبكات الكهرباء المتضررة إلى العمل بكفاءة، واتفاق الجانبين على أن يقوم وفد من الشركات المصرية بزيارة ليبيا عقب عيد الأضحى مباشرة. واعتبر الخبراء أن إعلان المجلس الإنتقالى اللليبى عن اختيار الشركات والعمالة المصرية يعد بمثابة بصيص أمل لعودة الرواج للاقتصاد المصرى مرة أخرى بعد موجة الركود التى ضربت الكثير من القطاعات بعد ثورة 25 يناير ومن أبرزها قطاع المقاولات، إلا أن هناك الكثير من العوامل التى ستحدد مدى تأثير مشاركة مصر فى إعادة إعمار ليبيا على الاقتصاد القومى ومن أهمها عامل التوقيت، فسرعة عودة العمال المصريين مرة أخرى إلى أعمالهم هناك سيخفف من العبء على سوق العمالة المصرى الذى تضرر من عودة أكثر من مليون ونصف عامل خلال الثورة الليبية، بالإضافة إلى مدى جدية منح الأولوية إلى الشركات المصرية وليس شركات دول حلف شمال الأطلسى "الناتو" أو إجراء مناقصات مفتوحة، ووضع عقد عمل موحد للعمالة المصرية للحفاظ على حقوقهم وإلغاء التأشيرة بالشكل الذى يسهل عملية انتقال المصريين من وإلى هناك. واعتبر الدكتور أحمد نجم المدير السابق لمركز القاهرة للبحوث الاقتصادية ان مدى تأثير مشاركة الشركات المصرية فى إعادة إعمار ليبيا يعتمد على توقيت تفعيل هذه الاتفاقيات والبدء فى العمل هناك، لافتا إلى أن عودة العمالة المصرية إلى ليبيا مرة أخرى سيكون أمرا حاسما للسوق المصرى، فعودة حوالى مليون عامل من ليبيا خلال الثورة كان من شأنها التأثير السلبى على الاقتصاد المصرى بسبب الظروف الاقتصادية السيئة التى تمر بها مصر. وأضاف أنه فى حالة الإسراع بعودة هذه العمالة سيكون لها انعكاس جيد على سوق العمالة المصرية وتخفيف العبء على الحكومة فى ايجاد فرص عمل لهم فضلا عن الرواج الذى ستشهده العديد من القطاعات الاقتصادية كالمقاولات وزيادة الدخل من العملة الأجنبية. وأشار إلى أن تحقق هذه الإيجابيات يتوقف على مدى جدية وسرعة تفعيل الاتفاقيات التى من الممكن أن تكون مجرد دعاية سياسية للمجلس الذى لم ينظم أوضاعه بعد. وقال الدكتور أسامة غيث -أستاذ الاقتصاد- إن مشاركة مصر فى إعادة إعمار ليبيا سيكون له انعكاسات ايجابية على الاقتصاد القومى المصرى وعلى سوق العمالة ولكن هذا فى حالة كان التعاقد مع الشركات المصرية على مشروعات كبيرة مثل العمل فى مشروعات البنية التحتية المدمرة والتى يتكلف إصلاحها عشرات المليارات مثل محطات المياه والكهرباء وتوليد الطاقة والمساكن والطرق. وشدد على ضرورة وجود تنظيم بين البلدين للعمل ومنح الشركات المصرية الأفضلية فى العمل، حيث ترددت أنباء عن قرب التعاقد مع شركات دول حلف شمال الأطلسى "الناتو" أو إجراء مناقصات عالمية مفتوحة، وبالتالى يجب على الوزراء المعنيين عقد اتفاقيات مع نظرائهم الليبين مثلما فعل الدكتور حسن يونس وزير الطاقة والكهرباء فضلا عن تنظيم سفر العمالة المصرية وإزالة المعوقات التى كانت تقابلها فى ظل نظام معمر القذافى والمتمثلة فى مشكلة الإقامة وضرورة الحصول على تأشيرة للعمل على الرغم من أن الاتفاقيات بين البلدين تنص على الدخول بدون تأشيرة. وأضاف أنه يجب توقيع اتفاقية شاملة وعقد عمل موحد للعمالة المصرية بالشكل الذى يحفظ لهم حقوقهم وضمان التحويلات النقدية وعدم عودتهم مبكرا، لافتا إلى ضرورة توافر كل هذه العوامل حتى يكون للاتفاقية الليبية تأثير فعال وملموس على الاقتصاد المصرى.