«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منال الطيبى تكتب : تعقيدات الوضع الراهن فى مصر
نشر في المشهد يوم 03 - 03 - 2013


* آخرون
منال الطيبى
تعقدت الأمور وتوالت الأحداث فى مصر بشكل كبير وسريع للغاية، الأمر الذى أدى لعدم قدرة المحللين السياسيين سواء فى الداخل أو الخارج على توقع ما ستسفر عنه هذه الأحداث، أو حتى فهم العلاقات المركبة المعقدة للغاية والتى تربط ما بين أطراف الصراع الرئيسية على الساحة المصرية. مما أدى أيضا إلى تضاؤل الاهتمام من قبل الصحافة العالمية بما يجرى فى مصر، ليس فقط لاهتمامهم بالشأن السورى والإيرانى ولكن أيضا لصعوبة وتعقد الوضع فى مصر واستعصائه على الفهم بشكل كبير. وإذا كان الوضع معقدا ويستعصى على المحللين السياسيين فى الخارج فالوضع ليس أفضل منه بالنسبة للمحللين فى الداخل، وربما يكون أكثر صعوبة.
والحقيقة أن أطراف الصراع فى مصر كثيرة يأتى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل، والجيش، والإخوان المسلمون، والمعارضة السياسية ممثلة فى جبهة الإنقاذ، وأخيرا وليس آخرا الشارع المصرى والحركة الاحتجاجية.
ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا رئيسيا فى صعود الإخوان المسلمين فى مصر، بل وإنها تدعم وجودهم فى السلطة، وأن هذا الدعم لم يتزعزع حتى فى ظل الأحداث الدموية الأخيرة. وليس أدل على ذلك من دفاع جون كيرى- وزير الخارجية الأمريكى عن تصريحات محمد مرسى ضد إسرائيل والتى كان قد قالها مرسى فى عام 2010 وأثارت زوبعة من الانتقادات ضد محمد مرسى وحكم الإخوان وضد الدعم الأميركى لهم بعد وصول الإخوان للحكم.
ففى استجواب الكونجرس لكيرى فى 24 فبراير 2013 سُئل كيرى السؤال التالى: كيف تقبل أمريكا أن تدعم الإخوان بكل هذه الأموال الضخمة وأن تساعدهم على الوصول إلى الحكم فى الوقت الذى توجد فيه تصريحات سابقة لمرسى ضد الصهيونية يصف فيها اليهود بالخنازير والقردة ؟ فأجاب جون كيرى : لقد تم توجيه اللوم إلى مرسى وقام بدوره بالاعتذار وأصدر تصريحين لتصحيح تلك التصريحات المشينة ضد اليهود .. والأمور السياسية لا تسير بالأبيض والأسود .. إن لنا فى مصر مصالح حاسمة من أهمها أمن إسرائيل، وقد تعهد الإخوان بالحفاظ على أمن إسرائيل، وإسرائيل تهتم بشئون تتعلق بالأمن القومي في سيناء.
وتعليقا على هذه الإجابة تم توجيه السؤال التالى لكيرى: ظلت أمريكا تدعم وتغذى الإرهاب الإسلامى الراديكالى مثل تنظيم القاعدة وبن لادن فى أفغانستان بالأموال والأسلحة، وهى تفعل نفس الشيء الآن مع الإخوان فى مصر وسوريا، وفى نفس الوقت وعلى الجانب الآخر، تدعم إسرائيل بالسلاح!! فأجاب جون كيرى معلقًا: من ندعمهم بالسلاح لا ندعمهم بنفس قدر الدعم لإسرائيل فنحن نحافظ على التوازن بحيث تبقى إسرائيل الأقوى.
وتؤكد هذه الأسئلة الموجهة من قبل الكونجرس الأمريكى لجون كيرى وإجابة كيرى ذاته على الدعم الأمريكى للإخوان المسلمين وتمسكهم بذلك، ولكنها فى ذات الوقت تؤكد التخوف الإسرائيلى من هذا الدعم من قبل الولايات المتحدة لجماعة الإخوان المسلمين. وهناك بعض الآراء التى ترى أن إسرائيل لا ترغب فى وجود جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وأنها تفضل وجود الجيش فى السلطة على وجود جماعة الإخوان فيها!!
هذه الآراء ربما لا تلقى قبولا لدى الكثيرين، ولكن إذا نظرنا إلى أن الجيش المصرى لم يشكل أى تهديد أو خطر حقيقى على إسرائيل منذ عام 1973 وحتى الآن، وأن إسرائيل لا تثق فى الوعود التى قدمها محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين باحترام الاتفاقيات الدولية الملزمة لمصر مثل اتفاقية كامب ديفيد، وأنها ترى أن الإخوان المسلمين غير صادقين وأنهم كاذبون ولا يوفون بتعهداتهم مطلقا، ربما كان لهذا التصور بعض الوجاهة، وإن كانت إسرائيل لن تخالف المخططات الأمريكية للمنطقة لكن هذا لا ينفى تخوفها من كذب الإخوان المسلمين. لكن ما يمكن أن يطمئن إسرائيل أيضا هو استمرار حالة التطاحن والصراع والفوضى فى مصر وفى المنطقة التى لن تسمح لا للإخوان ولا لأى جهة بالتفكير فى الدخول فى صراع مع إسرائيل.
أما فى الداخل فقد أدى تصاعد الصراع وتصاعد الحركة الاحتجاجية فى مصر ضد الإخوان المسلمين وتصاعد العنف وعدم استقرار الأوضاع إلى صعود نغمة عودة الجيش. وقد تباينت الأطروحات التى تطالب بها الأطراف المختلفة للطريقة التى يجب أن يتدخل بها الجيش. فهناك من يطالب صراحة بعودة الجيش إلى الحكم، وهناك من ينادى بأن يقوم الجيش بانقلاب عسكرى للتخلص من حكم الإخوان ثم يترك للتحول الديمقراطى أن يأخذ مساره دون أن يكون فى سدة الحكم، وهناك بعض التصريحات الملتبسة مثل ما صرح به الدكتور محمد البرادعى على تليفزيون ال بى بى سى بأن على الجيش دورا وطنيا يجب أن يؤديه إذا تفاقمت الأمور، والحقيقة أنه لم يوضح ما هو هذا الدور؟! كذلك الدعوة التى تمثلت فى المؤتمر الصحفى الذى دعا إليه عدد من الشخصيات العامة والائتلافات السياسية تحت شعار "الأمن القومى المصرى فى الداخل والخارج يبدأ بالجيش"، التى لم تلق قبولا واسعا ربما نظرا لخجل البعض من المشاركة صراحة فى مثل هذه الدعوة مع تبنيهم لها ضمنيا، وشمل المؤتمر الصحفى أيضا الدعوة إلى مظاهرة عند النصب التذكارى للجندى المجهول يوم الجمعة الماضى وقال المنظمون والداعون إلى هذه المظاهرة إنها لدعم الجيش ضد محاولات أخونته وتحولت إلى مطالبة المتظاهرين بعودة الجيش للحكم.
والحقيقة أن الجيش لم يترك الحكم، وهو يشكل دولة داخل الدولة أو بالأصح دولة فوق الدولة، فهو الجهة الوحيدة القادرة على الانقلاب على السلطة أو الانقلاب على أى ثورة شعبية حقيقية للمحافظة على نفس النظام السياسى دون تغيير جذرى يطرأ نتيجة هذه الثورة قد يؤثر على مصالحه ومصالح حلفائه، فالجيش - نتيجةً لرهن إرادته بالرغبة الأمريكية منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد- يمثل نواة الثورة المضادة دائما.
ولكن ماذا عن الجيش ذاته؟
يبدو أن الجيش غاضب بالفعل من الإخوان وذلك لاتجاه الإخوان لأخونة الجيش والتصريحات المتتالية المهينة للجيش من قبل بعض أعضاء الإخوان ومنها اتهام الجيش بأنه وراء عملية مقتل ال 16 جنديا فى رفح، الأمر الذى أدى إلى توجيه إنذارين من الجيش إلى جماعة الإخوان المسلمين. والحقيقة أن الصراع بين الجيش والإخوان المسلمين يدور حول حدود سلطة كل منهما وليس حول ما يجرى فى البلاد، والحقيقة أيضا أن الجيش لن يتحرك من تلقاء نفسه ويتدخل فى الصراع السياسى الدائر الآن إلا إذا جاءه الضوء الأخضر من الولايات المتحدة، وهنا يجب ألا ننسى المعونات التى تقدم سنويا من الولايات المتحدة للجيش والتى تبلغ 3ر1 مليار دولار سنويا، وألا ننسى أيضا أن غالبية قيادات الجيش الفاعلة إنما هى قيادات تلقت تدريبها فى الولايات المتحدة الأمريكية. وربما تكون لدى الجيش الرغبة الحقيقية فى التدخل، ولكنه لكى يتدخل فى الصراع السياسى فى حاجة لإقناع الولايات المتحدة بتغيير مخططاتها والتخلى عن دعم الإخوان المسلمين، وهو ما لن تفعله الولايات المتحدة فى الوقت الحالى، ذلك أن حَرْق الإخوان فى مصر يعنى حرق جماعة الإخوان المسلمين فى كل العالم، مما يعنى بالضرورة حرقهم أيضا فى سوريا حيث تعتمد عليهم الولايات المتحدة فى الصراع الدائر هناك، كما أن الولايات المتحدة مشغولة الآن بصورة أكبر بالصراع الدائر فى سوريا والصراع مع إيران ولن تشغل حساباتها بإحداث تغييرات كبيرة فى مصر، ليبقى الوضع على ما هو عليه، وربما تكون هذه هى الرغبة الحقيقية للولايات المتحدة فى سبيل استمرار الإخوان المسلمين فى الحكم وحالة التطاحن والصراع والفوضى فى البلاد.
وعلى الطرف الآخر فإن النخبة السياسية وعلى رأسها جبهة الإنقاذ قد أثبتت أنها ليست ذات تأثير يُذكر على مجريات الأحداث مهما بدا من مواقف قد تبدو للبعض مواقف قوية قد تؤثر فى الرأى العام العالمى، إلا أن الرأى العام العالمى – وهنا أقصد الدول والحكومات - لا تهمه الديمقراطية ولا حقوق الإنسان فى واقع الأمر ولكن تهمه فى المقام الأول والأخير مصالح هذه الدول والحكومات. وعلى الرغم من إعلان الجبهة موقفا موحدا من الانتخابات البرلمانية بالمقاطعة، إلا أنهم لم يعلنوا صراحة رفضهم لترشح أعضاء الأحزاب المشاركين فى الجبهة كما ورد على لسان أحد قياداتها فى جريدة الشروق (عمرو موسى)، حيث صرح بأن الجبهة لا يمكن أن تحجر على الحقوق السياسية لأعضائها!! مما يعكس موقفا متناقضا، فكيف تتحدث الجبهة عن حملة تقودها لحث الشعب على مقاطعة الانتخابات فى الوقت الذى لا تستطيع فيه إقناع أعضائها بالمقاطعة!!
كذلك فإن الجبهة لم تعلن مقاطعتها للانتخابات بشكل مبدئى من زاوية أن الانتخابات تعنى بناء مؤسسات الثورة المضادة وأنها وأد للشرعية الثورية باسم الشرعية الدستورية، ولكنها أعلنت مقاطعتها للانتخابات لعدم تنفيذ الشروط التى وضعتها ومنها إقالة الحكومة؛ وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى؛ وأن يكون مرسى رئيسا لكل المصريين!!!؛ ضمان نزاهة العملية الانتخابية؛ وتشكيل لجنة لتعديل الدستور. أى أنها تقبل الدخول فى الانتخابات ولكن بشروط.
أما عن رفض البرادعى وحمدين للقاء جون كيرى، فالحقيقة أنه أخذ أكبر من حجمه، فلا شك فى أن الاتصالات والحوارات لم ولن تتوقف بين قيادات الجبهة وبين المسئولين الأمريكيين، حتى وإن رفضوا مقابلة جون كيرى فى القاهرة فهذا لا يعنى أن الاتصالات والحوارات ستتوقف. كما يستطيع البرادعى وحمدين رفض لقاء كيرى لكن هناك أعضاء آخرون من الجبهة قد يقابلونه كما فعلت الجبهة من قبل حين قامت برفض لقاء السفيرة الأمريكية فى حين قام السيد البدوى بمقابلتها وهو أيضا عضو فى الجبهة!! وهو ما حدث بالفعل بمقابلة عمرو موسى وجميلة إسماعيل الأعضاء فى الجبهة لجون كيرى، حتى وإن قيل إن اللقاء تم بشكل شخصى!! والواقع أن جبهة الإنقاذ قد خسرت الكثير من التأييد سواء من الشارع أو من الثوار ولو قبلت دخول الانتخابات أو لقاء كيرى بشكل "علنى" لكانت قد حكمت على نفسها بالنهاية رغم وجود المهللين من أنصار البرادعى أو حمدين لكل كلمة يقولانها أو خطوة يخطوانها على طريقة قطيع الإخوان.
وتهدف زيارة كيرى إلى إعادة الأمور إلى مسارها مرة أخرى باستمرار مسار التحول الديمقراطى (الشكلى) وذلك بالضغط على جميع الأطراف المتصارعة ومنها الإخوان المسلمين وجبهة الإنقاذ وكذلك الجيش، للحصول على تنازلات من جانب كل الأطراف بما يضمن استمرار الإخوان المسلمين فى الحكم وضمان عدم حدوث نزاعات ضخمة قد تؤدى إلى تغييرات كبيرة لا ترغب فيها الولايات المتحدة فى الوقت الحالى. فالولايات المتحدة ترغب فى بقاء الوضع على ما هو عليه مع تقديم تنازلات من كل الأطراف ولكن مع استمرار حكم الإخوان المسلمين، وذلك بأن يقوم مرسى بإقالة الحكومة وتكوين حكومة جديدة تشارك فيها أحزاب المعارضة، على أن تقوم الجبهة بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية وعلى أن يحافظ الجيش على هدوئه تجاه جماعة الإخوان المسلمين وعدم دخوله فى نزاع حاد معهم وأن يعمل على استكمال مسار التحول الديمقراطى الشكلى فى البلاد.
ونأتى إلى الجانب الأهم وهو الشارع والحركات الاحتجاجية. والحقيقة أن شعبية الإخوان المسلمين قد تراجعت فى الشارع تراجعا دراميا، نتيجة فشلهم الذريع فى إدارة البلاد وبسبب التردى المزرى للأوضاع الاقتصادية للأغلبية الساحقة من المجتمع المصرى، ونتيجة أيضا لخطابهم المتعالى المليئ بالغرور، والأخطاء الفادحة التى يرتكبها أعضاء الجماعة فى تصريحاتهم، مما أدى إلى توسع الحركات الاحتجاجية واستمراريتها وانتشارها على نطاق واسع فى العديد من المحافظات والتى لم تتوقف منذ الذكرى الثانية للثورة وحتى الآن - وإن اختلفت قوتها من محافظة إلى أخرى - وكذلك حركات العصيان المدنى فى بورسعيد والمنصورة برغم اختلاف الدوافع فى كل منهما. ومن المؤكد أن الحركات الاحتجاجية والدعوة إلى العصيان المدنى ستنتشران فى محافظات أخرى. وبات من الواضح أن رهان الإخوان المسلمين الذى راهنوا عليه فى كل مرة وهو اعتقاد أنه بمجرد إجراء الانتخابات أو الاستفتاء ستهدأ الأمور قد أصبح رهانا خاسرا، فمن الواضح أن الحركة الاحتجاجية لن تتأثر حتى لو تم عقد الانتخابات. فما حدث فى عقب إجراء الانتخابات النيابية التى تلت أحداث محمد محمود الأولى، أو ما حدث من هدوء نسبى فى أعقاب الاستفتاء لن يتكرر، فالوضع الآن مختلف كثيرا عن السابق ودرجة الغضب والعداء للإخوان فى تزايد مستمر.
ورغم تصاعد هذه الحركات الاحتجاجية إلا أنها تفتقر إلى التنظيم الجيد، والأخطر أنها فاقدة للرؤية البديلة عن حكم الإخوان المسلمين، وإن وُجِدَت بعض الأطروحات البديلة فإنها لا تعدو أن تكون معبرةً عن مراهقةٍ ثوريةٍ ممن يطرحونها. فلقد أًصبح الهدف الأوحد الآن لهذه الحركات هو التخلص من حكم الإخوان المسلمين لصالح أى طرف من الأطراف حتى وإن كان عودة الجيش إلى سدة الحكم بشكل صريح مرة أخرى، وإن كان البعض قد عَبر عن ذلك صراحة كما حدث فى بورسعيد، والبعض الآخر لم يعبر عن ذلك صراحة، إلا أنه ضمنيا لا يمانع فى وجود الجيش فى سدة الحكم مرة أخرى، بمنطق أنه لكل مقام مقال.
ونتيجة لكل ما سبق فإن من الممكن أن تؤول الأمور إلى ما يلى، أولا: ليس واردا أن تتخلى الولايات المتحدة عن دعمها لجماعة الإخوان المسلمين على الأقل فى الأجل القريب، فهذا يعنى إعادة رسم مخططاتها وحساباتها من جديد، ليس فقط لمصر ولكن لكل المنطقة، الأمر الذى يشكل صعوبة حقيقية فى تصورها، حيث يرى البعض أن تخطيط ما يجرى فى المنطقة أخذ من الوقت حوالى عقد كامل من البنتاجون الأمريكى، منذ إعلان جورج دبليو بوش عن مشروع الشرق الأوسط الكبير والذى تم تغيير اسمه فيما بعد - نظرا للوقع السيئ له - إلى الشرق الأوسط الجديد الذى يمتد من المغرب إلى أفغانستان. غير أن من المؤكد بالرغم من ذلك أن لدى الولايات المتحدة سيناريوهات أخرى فى حال فشل السيناريو الأول، وقد يكون من بينها إعادة الفلول إلى الحكم مرة أخرى كما حدث بعد مرور خمس سنوات على الثورة فى رومانيا، وربما كان من شأن هذا السيناريو طمأنة إسرائيل التى تخشى نقض الإخوان المسلمين لتعهداتهم.
ثانيا: بالنسبة للجيش، فإنه لن يتدخل كما قلنا من قبل إلا فى حال تغير تكتيكات الاستراتيجية التى رسمتها الولايات المتحدة للمنطقة (التدمير الخلاق (Creative destructionولن يكون ذلك إلا بتصاعد الأحداث فى مصر بما ينذر بثورة "شعبية" حقيقية قد تطيح بالنظام الإخوانى رغم أنف الولايات المتحدة، ففى هذه الحالة ستعطى الولايات المتحدة الجيش الضوء الأخضر للانقلاب ليس فقط على السلطة ولكن أيضا على الثورة فى آن واحد.
ثالثا: ستظل النخبة السياسية وعلى رأسها جبهة الإنقاذ غير مؤثرة تأثيرا حقيقيا على الأحداث الجارية، وسيظل كم ما يثيرونه من ضجيج إعلامى أقل من أن يؤثر فى سلطة الإخوان المسلمين أو أن يؤثر على الحركة الاحتجاجية التى لا تحركها جبهة الإنقاذ، أو أن يؤثر فى الرأى العام العالمى، أو أن يجعل الولايات المتحدة تغير من استراتيجيتها ودعمها للإخوان المسلمين، فهذا ليس مرهونا بالدور الذى تلعبه جبهة الإنقاذ على الإطلاق، بل هو مرهون بالحركة الاحتجاجية المتصاعدة.
رابعا: ستستمر الحركة الاحتجاجية فى التصاعد حتى لو تم إجراء الانتخابات البرلمانية كما هو مقرر لها فى إبريل 2013، لكن استمرار افتقار الحركة الاحتجاجية إلى الرؤية الثورية البديلة لحكم الإخوان لا يبشر بأنه سيحدث حتى فى حال النجاح فى الإطاحة بحكم الإخوان تغيير جوهرى فى نظام الحكم فى مصر، بل ستكون أقرب للعبة الكراسى الموسيقية، بحيث يكون الجيش أيضا قاسما مشتركا فى الحكم جنبا إلى جنب مع نظام حكم ليبرالى (يمينى) يتبنى نفس سياسات نظام مبارك مع تغيير الوجوه مرة أخرى، مع انفتاح نسبى فى الحريات العامة دون أى تغيير يذكر فى السياسات الاقتصادية والتى تؤثر بالسلب على غالبية الشعب المصرى.
وعلى هذا النحو سيكون الصراع فى مصر طويل الأمد، ولن ينتهى بالتخلص من حكم الإخوان المسلمين، فالصراع الأساسى يتمثل فى التخلص من قيود التبعية، ويتمثل فى تأكيد السيادة الوطنية للقرار السياسى بما يخدم مصالح الشعب المصرى ككل ويحقق العدالة الاجتماعية وليس مصالح الرأسمالية العالمية، ولن يحدث هذا بانتقال السلطة من يمين رجعى تابع (الإخوان المسلمين) إلى يمين ليبرالى تابع أيضا.
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=NW3J4XlTPt4
http://egynn.net/2013/02/28/642072.html#sthash.62UgVRHh.6oDZBCol.dpbs
* رأي
مصدر الخبر : البداية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.