أوردت «صحيفة الوطن» في عدد يوم أمس خبراً غاية في الطرافة جاء فيه أن مديرة منطقة العاصمة التعليمية حذرت مديري ومديرات مدارس منطقة العاصمة التعليمية بكل مراحلها في أثناء اجتماعها معهم من تطرق الإدارات والهيئات التعليمية للأحداث التي تشهدها بعض الدول العربية والمتعارف عليها باسم «الربيع العربي»، حتى ولو كان عن طريق المزاح حتى لا ينعكس الأمر سلباً على المعلمين الجدد. لا بالله خوش تطوير للتعليم، ولكن سعادة المديرة ماذا لو تحدث الطلبة (لن أقول طلبة المرحلة الثانوية فهؤلاء «امبلتعين» بما فيه الكفاية وبعضهم سيشارك في تجمع ساحة الإرادة يوم الجمعة «سطعش» من أيلول) عن أحداث «الربيع العربي» ومعظمهم يحملون أجهزة البلاك بيري والآي فون، فهل سيتم استدعاء أولياء أمورهم مثلاً لتحذيرهم وتوجيه لفت نظر لهم؟. «الربيع العربي» بدأ في تونس يوم حادثة محمد البوعزيزي في 2010/12/17 ووصلت أخباره الى شعب الأسكيمو والمديرة الله يهديها «تحذر» من الحديث، ولو عن طريق المزاح، عن الربيع العربي، حقيقة عقلية القياديين في التربية، ومعهم الكثير من قياديي الدولة في هذه الأيام، ما أدري شلون؟ تسبب قرار أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح يرحمه الله عقب «أزمة عبدالكريم قاسم» في يونيو 1961 عندما تبنى الخيار الديموقراطي ووضع دستوراً للبلاد وقيام برلمان منتخب يتمتع بسلطات غير مسبوقة في المنطقة العربية، بقلق شديد في دول الجوار، كانت المعارضة في الكويت منذ تلك الفترة مصدراً للقلق في تلك الدول بسبب الإلهام الذي تسببه الحريات السياسية والصحافية في الكويت لشعوب المنطقة. آثار «الربيع العربي» لن يكون تأثيرها على دول الخليج العربي شديداً كما هي الحال في مناطق عربية أخرى، دول الخليج معظمها غنية (السعودية، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، وقطر) كما أن سلطنة عمان تتمتع بدخل فرد لابأس به (25109 دولارات للفرد في 2009) وحدها البحرين العزيزة ليست مثل شقيقاتها الخليجيات ولكن دول الخليج دائماً تقف داعمة للشقيقة العزيزة. اضطراب الأوضاع الاقتصادية وما قد ينتج عنه من آثار اجتماعية هو أخطر ما يواجه دول الخليج، واذا كان هناك ربيع قادم في الخليج فهو ربيع أسبابه اقتصادية في المقام الأول، سوف تنطلق شرارته من الكويت، ولكن بو عزيزي الكويتي غير بو عزيزي تونس وباقي الدول العربية، بو عزيزينا يحرق نفسه بسبب كثرة الفلوس و«اتساع ذات اليد وليس ضيقها» الذي نتج عنه نوع جديد من الإدمان لا يوجد إلا في الكويت، انه الإدمان على الانفاق حتى آخر دينار ثم بعد ذلك يولول الكويتي ويندب حظه ويدخل في حال من الكآبة لا تنتهي إلا مع نزول مرتبه الحكومي في حسابه في البنك. في الكويت لم تتعامل الحكومة بطريقة فاعلة مع الفوائض المالية التي لم نحصل عليها بعرق جبيننا أو بسبب تقدمنا التكنولوجي وانما بفضل الله سبحانه الذي سخر لنا «الأجانب الصليبيين» فأخرجوه لنا من باطن الأرض وقاموا بتكريره ولهفوا نصف عائداته بطريقة غير مباشرة أو ربما أكثر، يستاهلون، وصرنا بعدما كنا نترنم مرددين «حالي حال كيف أسوي كيف أحتال» في حال غير تلك الحال. ضعف الحكومة في الكويت وخوفها من مواجهة إضراب المطالبين بالكوادر جعلاها تلعب في ميزانية الدولة بصورة خطيرة غير مسبوقة، هذا العبث بالميزانية والسفه في اتخاذ القرارات سوف تكون له قريباً جداً، عواقب وخيمة على الكويتيين. شعوب الدول المجاورة التي كانت ديموقراطية الكويت وحرياتها ملهمة لها منذ ستينيات القرن الماضي قد تقوم بالضغط على حكوماتها أسوة بما يحدث في الكويت والمطالبة بزيادات مالية كبيرة على الرواتب واستحداث كوادر مالية مرهقة لميزانيات تلك الدول، لو استجابت تلك الدول بالطريقة التي تحدث في الكويت فسوف يؤدي ذلك الى خلل كبير في اقتصاداتها، وهذا يؤدي الى اضطرابات لا أحد يرغب في حدوثها. عن صحيفة "الوطن" الكويتية