فى رحاب العارف بالله سيدى طلحة أبى سعيد التلمسانى بمدينة كفرالشيخ، ولد الفنان د. محمد زغلول ناسكًا متصوفًا، يبحث عن حقيقة الوصول لمعرفة الفروع والأصول، فالتزم تعلم التجليات وترديد المأثورات، التى ما انفكّ يرددها حتى اكتشف أسرار الجمال الكامن فى موسيقاها، فانطلق يعزف على الربابة. وفى فرقة الفنون الشعبية بقصر ثقافة كفرالشيخ، كان ميلاده فنانًا لا يشق له غبار، وجنبًا إلى جنب مع تحصيله العلوم الصوفية واشتغاله بالإنشاد، حصّل من العلوم الأكاديمية ما تيسّر له حتى حصل على الماجستير فى فلسفة الفن الشعبى، ليصبح كبير باحثى أطلس الفولكلور المصرى بوزارة الثقافة. وما إن أُسند إليه هذا المنصب المهم، حتى انطلق هائمًا فى رحاب الأولياء الصالحين، والعرفاء القديسين – مسلمين وأقباطًا - لا يترك ذكرى أحدهم فى أىٍ من ربوع المحروسة إلًا حضرها، يجمع السِيَر الشعبية ويقارن بينها وبين ما نُسِج من الأساطير المرتبطة بالكرامات، ويدقق ويحلل ليستخلص فى النهاية معلومة صحيحة ما إن يتأكد من دقتها حتى يسرع إلى أوراقه ليدوّن فيها ما انتهى إليه. وعندما تنتهى جولته – فى الدلتا كانت أو فى الجنوب – يذهب إلى مكتبه ليصب ما تحقق لديه معلومات تراثية فى كأس معرفته، ويبدأ فى نقلها رويدًا رويدًا، كأنما يستخلص الدر، إلى الأوراق الرسمية ليسجّل فصلًا جديدًا فى أطلس الخبز المصرى، أو أطلس الآلات الموسيقية الشعبية، اللذين يشارك فى صياغتهما، مساهمًا فى حفظ تراثنا الشعبى وتقديم خدمة جليلة للأجيال القادمة، ثم يعود مجددًا إلى جولة جديدة مع سيرة ولى أو قديس آخر، رحّالة لا يكف عن التطواف. ولم تفلح سن الستين التى بلغها "زغلول" منذ أعوام قلائل، فى إثنائه عن عزمه الذى لا يزال شابًا عن مواصلة رحلة البحث عن الحقيقة الغائبة. زغلول بالإضافة إلى كونه مدربًا لفرق الموسيقى والغناء الشعبى والإنشاد الدينى بمديرية الثقافة بكفرالشيخ، فهو يكتب القصة القصيرة التى تغلب عليها اللمحة الصوفية، وسبق له الحصول على جائزة افضل مدرب فنى لفرق الموسيقى الشعبية على مستوى الجمهورية 2009. من المشهد الأسبوعى