وصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما، اليوم الأحد، إلى هانوفر بشمال ألمانيا، في زيارة تستمر يومين يعتزم خلالها الترويج مع المستشارة أنجيلا ميركل لاتفاقية التبادل الحر بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، التي تثير خلافات. وحطت طائرة البوينج الرئاسية في مطار هانوفر في زيارة أوباما الخامسة والأخيرة على الأرجح كرئيس لهذا البلد، على ما أفاد صحفي في وكالة فرانس برس. ومن المقرر أن يناقش أوباما مع المستشارة الألمانية خلال محادثاتهما، الجهود المبذولة للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات. كما أن السبب الأساسي لزيارة أوباما لألمانيا، هو إنفاذ اتفاقية الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار المعروفة باسم (TTIP)، وهو ما يدفعه للالتحاق بمعرض هانوفر، وهو أكبر معرض تجاري وصناعي في العالم. وكان آلاف الألمان شاركوا في مظاهرات، أمس السبت، احتجاجاً على مشروع اتفاقية للتبادل الحر عبر الأطلسي، عشية زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للدفاع عن هذه المعاهدة. ومن المفترض أن يقود باراك أوباما، وفدا مكونا من عدة شركات أمريكية لدى افتتاحه أضخم معرض صناعي في المدينة الواقعة شمال ألمانيا اليوم الأحد، أملاً في غزو أسواق خارجية جديدة. وقد بدأت المظاهرات قبل الظهر، لدى تجمع 16 ألف معارض للاتفاق حول ساحة أوبيرا وسط المدينة، وفقاً لتقديرات أولية للشرطة. وتوجه المتظاهرون إلى وسط هانوفر، كما ذكرت مراسلة لوكالة «فرانس برس»، ورفعوا عدداً كبيراً من اليافطات المعارضة لاتفاق التبادل الحر، الذي يجري الاتحاد الأوروبي مفاوضات في شأنه حالياً، كما وضع بعض منهم نعشاً أسود صغيراً على الأرض، يجسد «الديموقراطية التي قتلها المال»، كما قالوا. وقد صرحت الشرطة إن ما يزيد على 20 ألف شخص قد شاركوا في تلك المظاهرة، كما تظاهر ما بين 150 و250 ألفاً، ضد هذا الاتفاق في أكتوبر الماضي في برلين. ووصفت المنظمات غير الحكومية والنقابات مشروع الاتفاق، بأنه «إهانة حقيقية للمجتمع الأهلي، وتهديد للديموقراطية، كما يعرض المعايير الاجتماعية والبيئية للخطر، ويتناقض مع المصالح الأميركية والأوروبية». ويُتوقع أن تعطي زيارة أوباما وافتتاحه «معرض هانوفر الصناعي» حيث للشركات الأميركية حصة كبيرة ويتوقع أن يعطي لقائه بالمستشارة انجيلا مركل، دفعاً جديداً للمفاوضات حول اتفاقية «الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار»، الأهم من نوعها في العالم، في وقت تشهد تعثراً. وجدد أوباما الدفاع عن مشروع الاتفاق، معتبراً في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية، أنه «أحد أفضل السبل لتعزيز النمو واستحداث وظائف، كما سيعزز التجارة وينشئ فرص عمل في الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي». ومن المفترض أن تنطلق غداً الاثنين دورة مفاوضات جديدة حول اتفاق الشراكة في نيويورك، هي ال13 منذ العام 2013، وسيشكل هذا الموضوع أبرز النقاط التي سيناقشها أوباما مع مركل اليوم. وأوضح الناطق باسم المستشارة الألمانية شتيفن سيبرت، أنها «ستؤكد مجدداً الهدف المتمثل باختتام المفاوضات مع نهاية العام الحالي». اذ تعتبر ألمانيا التوصل «إلى اتفاق طموح، أنه مشروع أساس» في العلاقات عبر الأطلسي. كما تضغط الأوساط الاقتصادية الألمانية المتمحورة حول التصدير، بهذا الاتجاه، ورأى اتحاد الصناعة أن «لا رابحين وخاسرين بعد الآن». وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أن اتفاق الشراكة «سيعود بالبلايين على اقتصاداتنا». لكن التشكيك يتعزز في صفوف المجتمع المدني، تحديداً وسط مخاوف من تقليص المعايير الصحية والأمنية. إذ بات 17 في المئة من الألمان و15 في المئة من الأميركيين فقط، يعتقدون أن اتفاق الشراكة «أمر جيد»، في مقابل اكثر من 50 في المئة عام 2014 ، استناداً إلى استطلاع لمؤسسة «بيرتلسمان». وحذر وزير التجارة الأمريكي مايكل فرومان في صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية من «حصول غموض كبير حول قدرتنا على إنجاز الاتفاق، في حال عدم التوصل إليه هذه السنة». وأشار وزير الزراعة الأمريكي توم فيلساك، إلى أن نهاية ولاية اوباما الرئاسية «تشكل فرصة جيدة» لبلوغ نقطة «تكون فيها المفاوضات أكثر ثباتاً مما هي عليه». أنصار الاتفاق يؤكدون أن خفض التعريفات الجمركية ومواءمة القواعد ستمنح الشركات دفعة هي بحاجة إليها في ظل الشكوك التي تحيط بالاقتصاد العالمي. وعلى رغم استبعاد التوصل إلى اتفاق كامل قبل الاستحقاق الرئاسي الأميركي في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، تصرّ مركل على تحديد «الخطوط الكبرى» للاتفاق قبل انتهاء ولاية اوباما. ولكن نظراً إلى الصعوبات التي تواجه هذا الاتفاق، فقد يحول اوباما تركيزه على ملف آخر، هو المصادقة الجارية لاتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، وهو اتفاق للتجارة الحرة بين الولاياتالمتحدة ودول منطقة آسيا – المحيط الهادئ.