تناولت وسائل إعلام عالمية زيارة شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، إلى ألمانيا مؤخراً، على أنها تأتي ضمن جهود مصر لتوظيف "قواها الناعمة" في نزع فتيل الأزمات الطائفية بمنطقة الشرق الأوسط. وأبرزت العديد من الفضائيات والمواقع الإخبارية دعوة شيخ الأزهر إلى "إعادة إحياء العلاقة الأزلية بين الدينين الإسلامي والمسيحي، قبل التفكير في إشاعة السلام بين الشرق والغرب." جاءت تلك الدعوة خلال لقاء شيخ الأزهر وأسقف الكنيسة الإنجيلية في برلين، خلال زيارته لألمانيا، والتي قال الطيب إنها تهدف إلى "تأسيس علاقات الصداقة بين علماء الدين الإسلامي ورجال الدين المسيحي." ولفتت "روسيا اليوم" إلى أن الأزهر الشريف، أكبر وأعرق مؤسسة دينية وتعليمية في العالم الإسلامي، أسند إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي مهمات ترتبط بتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام، بعد ظهور جماعات إرهابية بنحو رأى فيها بعضهم تمثيلا لجانب من العقيدة الدينية للمسلمين. وهو الأمر، الذي انطلقت معه مساعي المؤسسات الدينية في مصر لتصحح الخطاب الديني، ولتُوصل ما انقطع من دعوات إلى الحوار بين أتباع الأديان المختلفة، وتفسح المجال كذلك لحوار بين أتباع الطوائف والمذاهب الإسلامية، بما يفسح المجال بشكل أكبر لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام أمام العالم من جهة، ومن جهة أخرى لوأد فتنة طائفية، يمكن أن تتحول إلى حرب لا تبقي ولا تذر. وكان السيسي، في خطاب له في مصر، قد شدد على ضرورة القيام بثورة دينية، تصحح المفاهيم، وتزيل الشبهات العالقة بالشريعة الإسلامية، ثم دعا في خطاب تالٍ إلى تجديد الخطاب الديني في مصر، ثم في ثالث إلى إشراك المثقفين والعلماء من مختلف التخصصات مع المؤسسات الدينية. وطلب الرئيس المصري من العلماء الإدلاء بدلوهم في الوصول بالخطاب الديني إلى الشكل، الذي يمكِّن المسلمين من إزالة الصورة الذهنية الخاطئة، التي ترسخت عن المسلمين في الخارج، بحيث وُصف معها الإرهاب ب"الإسلامي"، رغم أن الإرهاب لا دين له ولا وطن. صراعات الشرق الأوسط، وأزماته المتلاحقة في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، وحتى في مصر.. جميعها اتخذت أبعاداً دينية وطائفية، وعُرفت المؤسسة الدينية المصرية في العالم أجمع بأنها كانت دائما "قلعة للوسطية والتعدد المذهبي." وتشهد المؤسسة الدينية المصرية حالة من الاستنفار الكامل في مواجهة قضايا تجديد الخطاب الديني، والثورة الدينية، ومكافحة "الإسلاموفوبيا." ففي الوقت، الذي أنشأت فيه دار الإفتاء مرصداً لفتاوى الإرهاب، وآخر "للإسلاموفوبيا"، فإن مفتي مصر زار البرلمان الأوروبي قبل شهرين، وألقى خطابا مهماً عن الإسلام، لاقى قبولاً واسعاً. كما نجحت دار الإفتاء في ملء مكان واسع في الصحف ووكالات الأنباء العالمية، التي أخذت تُسمع الغرب صوتاً عاقلاً عن الإسلام، فيما يقوم مفتي مصر حالياً بزيارة إلى الهند، ألقى خلالها خطاباً مهماً. وشملت زيارة شيخ الأزهر الحالية إلى ألمانيا، إلقاء خطاب تاريخي في البرلمان الألماني "البوندستاغ"، أعقبه لقاء مفتوح مع النواب، أجاب خلاله على كثير من القضايا المثارة، وأكد أن المسيحية كانت الحاضنة الأولى للإسلام. ومن المتوقع أن يعلن شيخ الأزهر خلال زيارته الحالية إلى ألمانيا، والتي ستعقبها زيارة مماثلة إلى فرنسا الشهر المقبل، عن عودة "الحوار الإسلامي- المسيحي"، بعد توقف دام لنحو خمسة أعوام.