مرت الانتخابات المصرية بانواعها المختلفة سواء كانت رئاسية أو نيابية أو محلية بالعديد من التغيرات السياسية وخضعت لسيطرة أمزجة وأهواء وإملاءات الكثير من الأشخاص الذين ظلوا يتحكمون في اختيارات المواطنين ويفرضون إرادتهم على الوطن بتشكيل المجالس وفق أغراضهم ومصالحهم الشخصية، فقد سخرت الحكومات في العصر البائد كل طاقاتها وإمكانياتها ورجالها لتزوير الانتخابات مرة بإلقاء الصناديق وسط الزراعات أثناء نقل الصناديق من مقر اللجان إلى أماكن الفرز واستبدالها بصناديق أخرى، ومرة بتديل الأوراق، ومرة ثالثة بتسويد البطاقات وغيرها من الحيل التزويرية التي كانت تلجأ اليها الحكومات المتعاقبة لتشكيل المجالس النيابية وفق رؤيتها، ولكن بعد ثورة يناير تغير الحال وأصبحت الحكومة تقف على الحياد وتتعامل بشفافية بنفس لون الصناديق الزجاجية، وتخلت عن أفعالها القبيحة في تزوير الإنتخابات ولكنها أبت أن يتم وأد هذه الظاهرة والقضاء عليها نهائياً، وإنما تركتها للمواطنين سواء كانوا ناخبين أو مرشحين، فقد شهدت الإنتخابات الأخيرة عدة أحداث تشير إلى إنتقال التزوير من الحكومة إلى المواطنين. أولاً: لأول مرة يسيطر المال السياسي على انتخابات مجلس النواب لدرجة دفعت أحد المواطنين للتواصل مع المرشحين يعرض عليهم صوته لمن يمنحه أعلى مبلغ من المال في ظاهرة لم تعرفها مصر من قبل. ثانياً: قال احد القضاة لأحد السيدات خلال الانتخابات يجب أن تختاري شخصين حتى لايسقط الصوت ردت السيدة قائلة "هم اعطوني بطانية واحدة علشان كده هختار واحد فقط"، علما أن هذا الموقف تكرر في العديد من اللجان. ثالثا: في إحدى اللجان دخلت سيدة وقالت للقاضي عايزه أنتخب الاستاذ "أ" والميكروفون فسألها القاضي من هو صاحب رمز الميكرفون قالت لا اعرف هما قالو لي كده. رابعا: ُسألت إحدى السيدات عقب خروجها من لجنة الانتخابات عن الشخص الذي انتخبيته ؟ قالت الحمدلله انتخبت المرحوم". خامساً: طلب أحد رجال الامن من بعض المرشحين توكيل من اجل السماح لهم بدخول اللجان وعندما اعترض المرشحين على ذلك، قال المسؤول للمرشحين لماذا لم تعملوا لانفسكم توكيلات حتى تدخلوا دون مشاحنات!؟. سابعا: قام الكثير من المرشحين بتوجيه وبرمجة الناخبين من خلال الجولات المنزلية وتوفير وسائل المواصلات ذهاب وعودة للناخبين للإدلاء باصواتهم ولكن صراع المرشحين على الناخبين أدى إلى انتشار المزايدات المالية العلانيةواصبح الصوت لمن يدفع أكثر!. هذه الممارسات وغيرها الكثير كانت حاضرة في الغالبية العظمى إن لم يكن كل اللجان الانتخابية لذلك حملت الانتخابات الكثير من علامات الاستفهام، ولكن أخطر مافيها قيام المواطنين بدور الحكومات في التزوير، فلاشك أن تزوير الحكومات أسهل وأخف وطأة من تزوير المواطنين حيث يمكن تغير الحكومات بسهولة، ولكن تغيير سلوك المواطنين يحتاج إلى زمن طويل وجهد كبير!. المشهد .. درة الحرية المشهد .. درة الحرية