ينادي رشوان في "المصري اليوم"بحكومة إخوانية سلفية غير ائتلافية، وبسوء ظن بسيط، يريد أن يُوقِع الإخوان والسلف في شر أعمالهم، أما نافعة في نفس الجريدة فينادي بحكومة سياسية، وكأن المهمة الحقيقية للحكومة ليست على باله على الإطلاق. أما العبد لله فلا يهمه إلا أن تكون هذه الحكومة الجديدة محققة لأهداف ثورة 25 يناير، وبصورة خاصة التنمية والإنتاج والعدالة الاجتماعية وتحقيق الدولة الحديثة المهابة. نقطة الانطلاق هي الاختيار الصائب لرئيس الوزراء برؤيته الثورية والتنموية والتنظيمية والإدارية الثاقبة والذي بدوره سوف يختار الوزراء الكفوئين، والذين هم بدورهم سيختارون من تحتهم بنفس الأسلوب والنتيجة وجود وزارة كفء تحقق أهدافها السابقة بكفاءة وذلك من حيث القيادات. وهنا أتمنى أن يكون البرادعي أو حسام عيسى هما المرجوانلرئاسة الوزارة. وأرجو أن يبتعد الاقتصاديون عن رئاسة الوزارة، فعقلية الاقتصادي عادة ما تكون متحجرة حول الاقتصاد التقليدي فقط كما تمثلت بصورة صادقة تمامًا في ردِّ دكتورة نسيت اسمها تداخلت مع لميس الحديدي مجيبة على سؤال لميس حول نصائحها الاقتصادية للوزارة الجديدة، وهذه الدكتورة هي المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية الكائن ببرج التجارة العالمي على كورنيش النيل، وهو مركز كان يظنه البعض مُدارا بجمال مبارك وعز وشلة كانوا يطلقون عليها لفظًا أستحي ذكره ولكنه مرتبط بسلوك جمال مبارك وعصابته. المهم أن هذه الاقتصادية ذكرت ثلاث نقاط في نصيحتها تعبر عن الرأسمالية المتوحشة، وهي الاقتراض من البنك الدولي والصندوق والهيئات العالمية، ومحاولة سد عجز الميزانية بالتوقف عن السلوك الاستهلاكي الذي قصدت به بصورة خاصة في نقاشها عدم دفع العلاوة ال 15% التي قررها الرئيس مرسي، ثم تشجيع الاستثمارات. الاقتصادية "المرموقة" لا ترى إلا الحلول المالية للاقتصاد والتنمية، وليتها تتعلم من صباحي أو حتى حسن مالك في برنامجي تنميتهما إبان الدعاية الانتخابية لرئاسة الجمهورية. نعود للجانب الآخر، بعد القيادات، وهو التنظيم والهيكلة، وهنا يتركز هذا المقال، حيث يعتبر التخطيط والإدارة والتنسيق واللامركزية من بين أهم التغيرات المؤسسية الضرورية الكثيرة لبناء الدولة الفتية. ونحن نقترح هنا مقترحًا بنائيًّا أو هيكليًّا يهدف إلى تحقيق التنسيق واللامركزية والتخطيط والإدارة التشاركية والعمل بالجماهير من أجل الجماهير والتنمية. ومن المعتقد أن هذا المقترح جدير بالنظر والدراسة والتقييم من جانب رئيس الوزراء الذي سوف يكلف بتشكيل الوزارة الآن. المقترح سوف يحرر السلطات المركزية من الكثير من الأنشطة الجزئية المحلية، ويسمح لها بمساحة أكبر لممارسة الواجبات الإستراتيجية المتعلقة بمهام التخطيط والتنسيق واللامركزية والسياسات الوطنية الداعمة للمحليات والسياسات الاقتصادية والتجارية الدولية والتمويل والمساعدات الدولية التقنية وسياسات الضبط والرقابة والثواب والعقاب والقضاء والعدالة وبناء العنصر البشري الفعال. يتمثل المقترح في الدمج التدريجي لإدارات الوزارات المعنية بالتنمية المحلية تدريجيًّا بدءًا بمستوى المحافظة، ثم بمزيد من الدمج التدريجي الإداري على مستوى المركز، ثم انتهاءً بوحدة واحدة على مستوى القرية الأم أو على مستوى الحي بالمدن. العجيب أن الفكرة كانت مطبقة في مصر سابقًا من خلال البلديات والمراكز الاجتماعية والمجمعات القروية التي كانت أشكالًا تنظيمية تحاول تحقيق هذا المبدأ التنموي على المستوى المحلي، ولم تنقرض إلا بسبب عدم استمرارية سياساتنا التنموية، وهدم ما سبق من علامات النجاح لأسباب شخصية في غالب الأحيان. مركزية ولا مركزية هناك نوعان من الوزارات: وزارات ذات طبيعة مركزية، وهذه تبقي وإداراتها على حالها سواء على المستوى المركزي أو المستويات المحلية، وأما الوزارات الأخرى فهي بجانب طبيعتها المركزية تنخرط في معظم أعمالها في أعماق الريف والأحياء وأواسط الصحارى. هذه الوزارات الأخيرة ذات الطابعين المركزي والمحلي لا يفترض أن تعمل في خطوط متوازية دون تنسيق بينها، لأنها جميعًا ترتبط ببعضها، بالإضافة إلى أنها تنقسم إلى مجموعات ترتبط كل مجموعة ببعضها ارتباطًا عضويًّا أي حيويًّا. ومن ثم فقد ظهرت المشكلة التنظيمية الأزلية، سواء بين العلماء أو التنفيذيين، وهي مشكلة ضعف أو حتى انعدام التنسيق المنبثقة من تدني التخطيط، وسوء الإدارة والمركزية الطاغية، وذلك إذا ما عملت كل وزارة بطريقة رأسية في حدود إداراتها على مستوى العاصمة والمحافظات والمراكز والقرى. والوزارات المركزية هي: الدولة للإنتاج الحربي- الدولة للتنمية الإدارية- الدولة لشؤون البيئة- التعليم العالي والدولة للبحث العلمي- العدل- الدفاع – الدولة للشؤون الخارجية- الطيران المدني- التنمية المحلية. ويلاحظ هنا أن وزارة التنمية المحلية بالرغم من مسماها التنفيذي إلا أنه يغلب عليها الطابع المركزي؛ لأنها تسعى بجانب مهامها الخاصة إلى التنسيق بين الوزارات المعنية بالتنمية المحلية، ومن ثم يصعب إدماجها أو حصرها في مجموعة وزارية تنفيذية معينة.
والوزارات ذات الصبغتين المركزية والمحلية هي: * مجموعة الزراعة واستصلاح الأراضي، الموارد المائية والري، التجارة والصناعة، الكهرباء والطاقة، والبترول والثروة المعدنية. وهذه يقترح دمج إداراتها على مستوى المحافظة في "إدارة التنمية الزراعية والصناعية." * مجموعة التعليم، الصحة، الدولة لشؤون الأسرة والسكان، القوي العاملة والهجرة، التضامن الاجتماعي، الأوقاف. وهذه يقترح دمج إداراتها في إدارة "تنمية الموارد البشرية" على مستوى المحافظات. * مجموعة الثقافة، والإعلام، والسياحة، والداخلية. وهذه يقترح دمج إداراتها في إدارة "الأمن والعلاقات العامة والسياحة" على مستوى المحافظات. * مجموعة المالية والتأمينات الاجتماعية، الاقتصاد، والتعاون الدولي. وهذه يقترح دمج إداراتها في إدارة "الإدارة". ------------ * أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية