على مدار سبعة عشر عاماً تحول جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى فرعون الكرة العالمية انطلاقا من المثل الشعبي"قالوا لفرعون إيش فرعنك قال ما لقيتش حد يردني " فقد جسد هذا المثل حالة جمهورية "الفيفا" على مدار خمس دورات متتالية، تربع خلالها بلاتر على عرش الكرة العالمية،حتى أصبح مثل العنكبوت تسللت خيوطه إلى جميع الاتحادات العالمية بالترغيب أحيانا وبالرهيب أحيانا أخرى. أعتمد بلاتر في حكمه لدولة الفيفا على مايفعله القادة العرب في حكمهم لأوطانهم، وكأنه من طلابهم النجباء، فقد تحول من رئيس للفيفا إلى ملك معصوم يأتمرالجميع بأمره ويسعى الكل لإرضائه، وفشلت كل حركات التمرد والمعارضة في إقصائه،وكأنها معارضة صورية على غرار الأحزاب والحركات المصرية. فظل على مدار أربع دورات يجيد لعبة المكر والدهاء وتسديد الأهداف دون أعتراض، حتى سقط في مصيدة التسلل وأجبرته الولاياتالمتحدةالامريكية وأوروباعلى الاستقالة وأشهرتا له الكارت الاحمر بعد أن ظل يحتمي بأصوات تعبد الاستبداد ولاتعرف طريق الأحرار،(اتحادات افريقيا وآسيا وامريكا الجنوبية). فقد أعتمد بلاتر في رفضه للتغيرعلى اتحادات الدول الفقيرة التي ظلت تسانده حتى اللحظات الأخيرة وكأنها لاتعرف سوى الاستبداد ولاتتمنى الخروج إلى عالم الاحرار، وتعمل وفق مبدأ" الريس اللي تعرفه احسن من الريس اللي متعرفوش" ففي كل مرة كانت الاتحادات الافريقية والاسيوية أكثر الداعمين واللاهثين وراء بلاتر حتى بعدما ضرب الفساد أركان الفيفا وسقطت الاقنعة قبل الجولة الانتخابية الاخيرة بأيام قليلة، لم تزأر وتضجرهذه الاتحادات ولم تشكك فيه وكأنه ملاك من السماء، وليس رجل تدور حوله الشبهات، فهرعت تلك الاتحادات تمنحه صوتها حتى أن جبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم سقط في سحره وتحول من مهاجم لاسرائيل إلى مشجع لطيف أمامه. الغريب صوت مصر ذهب إلى بلاتر وفق تصريحات العديد من المسؤولين، وخرج الاتحاد المصري يتغنى بالأمير على أبن الحسين بعدما شعر أن السهام الامريكية تحاصر بلاتر وأن الفضيحة ستكون بجلاجل على غرار فضيحة الصفر المونديالي، فقد أعلن الاتحاد قبل الانتخابات مراراً وتكراراً أن صوته لجوزيف بلاتر قبل أن يعلن سيف زاهر عضو الاتحاد المصري لكرة القدم في اللحظات الاخيرة أن صوت مصر سيذهب للأمير على ابن الحسين، ويبدو أن هذا الاعلان كان لمجرد ذر الرماد في العيون، فلم يتم الاعلان بشكل رسمي عن منح صوت مصر للمرشح العربي، ولم تكن مصر وحدها التي سارت في دعم بلاتر بل شاركها في ذلك الكثير من العرب وكأن العرب يخشون التغير. كنا نتمنى أن تقود مصر تحالف كروي لهزيمة بلاتر ثأراً من هزيمتها المديوية بحصولها على صفر المونديال عام 2010،على يد ذلك الرجل، تلك الهزيمة التي نالت من هيبة وسمعة الدولة المصرية سواء كان السبب في ذلك استبداد وفشل المسؤولين المصريين أو الرشى الفيفاوية، ولكن يبدو أن الاتحاد المصري لازال يعيش في جلباب الماضي. السؤال الذي يطرح نفسه إذا كانت امريكا هى التي قادت التغير في دولة الفيفا، فهل يعنى ذلك أن التغير العربي وثورات الربيع والخريف كانت صناعة أمريكية وكانت الجماهيرالعربية كانت مجرد أداوات للتنفيذ أم أنها كانت ثورات حقيقية نابعة من إرادة شعبية؟.