ففي الآونة الأخيرة ظهرت مجموعة كبيرة من الكتب الساخرة فعن مفهوم السخرية لدي مجموعة كبيرة من المهتمين به. فيصل تحرير يبدأ حمدي عبدالرحيم الكاتب الصحفي وصاحب كتاب «فيصل تحرير» تعريفه للسخرية بأنها نوع من أنواع الكتابة يطلق عليه «فن المزاح» أو صنعة اللطافة هذا من ناحية التسمية، ومن ناحية أخري حول مفهوم هذا النوع فهناك مفاهيم خاطئة وشائعة حول الكتابة الساخرة منها مخاصمة الجدية، والتعامل مع المشاكل الكبري، والقضايا الكبري بخفة تعتمد فقط علي «الإفيه»، عيوب ما يسمي بالكتابة الساخرة تجعلني ضده لأن عيني دائما علي نماذج عظيمة لفصحاء كانوا يكتبون هذا اللون من الكتابة دونما إسفاف أو استهتار ابتداء من «الجاحظ» وصولا إلي صلاح عيسي، أحمد رجب، محمد عفيفي، أحمد بهجت، محمود السعدني، وأكد أن صاحب هذا اللون من الكتابة يلقي مصرعه بلسانه وأضاف أن هؤلاء الكتاب دائما لهم مشاكل مع السلطة وهؤلاء الكتاب تأتيهم المشاكل أمام «باب بيتهم» وهو لا يسعي وراءها، ولكنه عندما يصطدم بالتابوهات هو يصطدم بالشكلاني منها ولا يصطدم بجوهر الدين أو السياسة أو الجنس. لكن هل يري «حمدي عبدالرحيم» نفسه كاتبا ساخرا؟ فيرد - لا أصف نفسي كاتبا ساخرا برغم أن الكثيرين ينظرون إلي بوصفي كاتباً ساخراً أما كتابي «فيصل تحرير» فهو كتاب تسجيلي ليس فيه شيء من التأليف «الخيال» كلها تجارب رأيتها رؤية العين وتعايشت معها وعشتها بوجداني لم أتعمد أن أكون مضحكا أو ممازحا أو ساخرا إنما راصدا، أنا نقلت ما قاله ركاب الميكروباص بالفصحي وليس لي يد أو دخل أن بعضا من كلامهم كان مضحكا. أهو كلام أما «مؤمن المحمدي» الكاتب الصحفي بالأهرام وصاحب كتاب «أهو كلام» يري أن الكتابة الساخرة ليست نوعا من أنواع الهزار ويجب استبعاد فكرة النية في الكتابة الساخرة بمعني «اللهم إني نويت أكتب كتابة ساخرة». لكن بشكل عام توجد كتابة وعدم كتابة وأن تلجأ للسخرية كسلاح لكشف المسكوت عنه هذا مشروع ولكن الكيفية هي التي لابد أن نرصدها ونتوقف عندها. وأضاف أنه يعتبر «نجيب محفوظ» في الثلاثية «كاتب ساخر» وأن نموذج «سي السيد» هي سخرية «بيور» وأكد أن الكتابة الساخرة لا يوجد فيها إفيهات هي مجرد رصد لواقع من شدة ألمه هو مضحك. أما عن رأيه في ارتباط الكتابة الساخرة بنقد أوضاع السلطة فقط فيقول: الكلام الصريح عواقبه وخيمة ولهذا نلجأ للمفارقة وهذه هي المادة الخام للسخرية. وهو يري في «جلال عامر»: أنه كاتب عملاق يمتلك موهبة فطرية لكن لي ملاحظة بسيطة عندما كان يكتب «زاوية» في جريدة التجمع، كان أفضل من هذه الأيام بكثير. وأضاف إن رأيه في «بلال فضل» أنه موهبة عملاقة في كتابة المقالات فهو يمتلك رؤية وبصيرة وإفيهات حاضرة وذاكرة قوية. الكوميديا والإفيهات والتريقة أما الناقد والكاتب «سيد الوكيل» فرق بين مصطلحات ثلاثة «الكوميديا والإفيهات والتريقة» وأكد أن السخرية تعتمد علي تفجير مفارقات فنية لكي تكون أدبا هذا ما كان يفعله محمد مستجاب وأشار إلي أن ما يحدث الآن أقرب إلي محاكاة لبرامج «التوك شو»، نعم هي تثير الضحك لكنه ليس بالأدب الساخر، فالأدب الساخر يحتاج إلي إحساس عميق بالمفارقة في الواقع وليس فقط في السخرية، مثل نموذج «دون كيشوت» وفي ظني أن «كونديرا» أهم كتاب للأدب الساخر في العالم، أدب عميق وإنساني وليس مجرد تناول أوضاع عامة بالنقد والتريقة أو إطلاق الإفيهات. وأضاف أن السخرية هي فضح ما يبدو عظيماً ومكتملاً وناضجاً، لتكشف الخواء الذي بداخله، وتهدم فكرة المعيار والمثال هذه هي وظيفة الأدب الساخر ومن جانب آخر أشار أن الضحك ثقافة كل شعوب العالم لها طرق في الضحك. مقابل الانتحار ومن جانب آخر يؤكد الكاتب محمد فتحي صاحب سلسلة كتب «مصر من البلكونة» و«دمار يا مصر» و«نامت عليك حيطة» فيقول «إن الكتابة الساخرة بالنسبة لي هي مقابل الانتحار في وطن مثل مصر، وهي بالنسبة لي وسيلة أحاول أن أصنع منها ملهاة من عمق أي مأساة، فكم ذا بمصر من المضحكات لكنه ضحك كالبكاء كما قال الشاعر، هذا الرواج للكتابة الساخرة الآن اعتبره بسبب شهوة التجريب التي استحوذت علي عديد من الأدباء لتخرج نصوصهم في مختلف فنون الأدب فنون غامضة تتعالي علي القارئ وتبتعد عن اهتماماته، لكن الكتابة الساخرة جاءت مفهومة ومختلفة وتتحدث عن تفاصيل يعيشها القارئ يوميا فأحبها إلي جانب الابتسامة التي ترسمها هذه النوعية من الكتابات علي وجه القارئ الذي تعود أن في مصر هم يبكي وهم يضحك لكنه في النهاية يبقي هما ثقيلا عليه، لا أعتقد أن الكتابة الساخرة تنحسر في الجنس والسلطة والدين فقط فهناك تجارب مهمة لجأت للفانتازيا والخيال، لكن حتي لو كان فرضك صحيحا فيمكنك بكل أريحية أن تقول أن هذه السمات أصبحت موجودة في كتابة اللحظة الراهنة التي يسعي الأديب معها للتمرد سواء من حيث الشكل وهو من حيث وسيط الكتابة الذي تحول إلي المدونات وملاحظات الفيس بوك ورسائل الموبايل أو حتي من حيث كسر التابوهات التي تتحدثين عنها. أما عن رأيه في بعض الكتاب فيري أن كتابات إبراهيم عيسي.. مليئة بالعمق والفلسفة وتشعر معها أنك تضحكك وأن كتابته تزغزغك ولكن بسكينة يسيل معها دمك المحروق مما تكتشفه مع كل سطر... إبراهيم عيسي كتاباته تساعدك علي أن تفتح عينيك عن آخرهما ولا تغمضهما أبدا، أما جلال عامر فيري أن كتابته مربكة ومليئة بالتراكيب التي تجعلك توقن أن صاحبها مزاجه عال جدا لكنني شخصيا رغم محبتي الجارفة لعم جلال لم أحب كتابته اليومية بقدر ما أحب كتابته الأسبوعية وشخصياته المصرية الرائعة مثل باتعة الكيكي. أما محمد مستجاب رحمة الله عليه تشعرين أن سخريته نتيجة هرمونات ولد بها حيث لا تكلف ولا ملل من كل ما يكتب، وبلال فضل.. أستاذي الذي أفخر بأنني أتعلم منه إلي يومنا هذا وهو الوحيد تقريبا الذي يقترب بقامته من قامات الكبار مثل أحمد رجب ومحمود السعدني دون أن يكون تقليدا لهما.. بل هو حلقة تكمل دائرة الإبداع، أما عن مؤمن المحمدي فهو «زميل عزيز وكاتب ذو إفيه حاضر لا يتعب في إيجاده أو البحث عنه لكني أحبه أكثر كشاعر»، أما محمد فتحي فهو حرف الياء في الكتابة الساخرة..، ولا يزال أمامه الكثير وخاصة أنه لا يصنف نفسه حتي الآن ككاتب ساخر رغم أن الجميع يرونه كذلك. وعن مشروعه الذي يتمني تحقيقه فيري أنه الخروج بالكتابة من حيز التصنيف حيث التصنيف الوحيد عندي هو الكتابة الجيدة في مقابل الكتابة الرديئة، وحلمي أن يكون مشروعي ينتمي للكتابة الجيدة والممتعة في نفس الوقت سواء لي أو للقارئ، فأنا لا أهتم بأن يري البعض مشروعي بعض كتبي متشابهة لأن معظمها يدور في فلك وصف مصر والمصريين في القرن الجديد بعيون شاب من مواليد الثمانينات.. لكن مع ذلك أكتب القصة القصيرة وفزت بجائزة ساويرس الأولي هذا العام بإجماع لجنة التحكيم، وكتابي القادم سيكون بعنوان «نعيماً» وسيتحدث عن «الحلاقة» التي يتعرض لها المواطن في وطنه كما أنتظر صدور مجموعتي القصصية الثانية بإذن الله، وأتمني أن أصل للحظة التي أعتزل فيها كل أنواع الكتابة وأتفرغ للكتابة للأطفال. طريقة أخري أما الكاتب الساخر جلال عامر فله طريقة أخري في عرض رأيه عن الكتابة الساخرة وله منطقه ومذاقه الخاص فيقول «أنا لم أتغير بسبب لمبات الشهرة سواء كانت «قلاووظ» أو «مسمار» ولا أستطيع التحدث عن غيري فأنا أعرف أولادي بالعافية لكنني أستطيع أن أتحدث عن نفسي كما قدمتها من قبل وأقدمها دائما من الكثير من الصحف اسمي «جلال» وفي البيت «المخفي» وأمام الضابط «فوزية».. وأنا المصري الوحيد الذي كتبت في إقرار ذمتي المالية أن عندي «حصوة» فأنا لا أمتلك «سلسلة مطاعم» بل فقط «سلسلة ظهري» وسلسلة كتب، وحضرت عشرات المؤتمرات الثقافية تحت شعار «دع مائة مطواة تتفتح» ونجوت منها.. وأعرف أن 90% من جسم الإنسان ماء والباقي علاوة.. ولا أصرف معاشا بسبب عيب خلقي وأخوض معكم حرب الثلاث وجبات.. وأرتدي بيجاما مخططة ولعلها الشيء الوحيد المخطط في هذا البلد، وأؤمن أن أعظم كاتب في البلد هو «المأذون» لذلك لا أحب الصراعات والمرة الوحيدة التي تصارعت وتدافعت فيها في الطابور ونجحت في الحصول علي عيش من الفرن سحبوه مني بحجة انني أتعاطي منشطات. علي فكرة أنا عديت الخمسين وأتمني أن أعدي التسعين ويصورني الرادار، وأنه يمكن الاستغناء عن الإصلاح والتغيير بالعلاج الطبيعي وتناول الخضراوات الطازجة وأن انتشار باعة المناديل الورقية يؤكد أننا لسنا أمة «مأزومة» بل «مزكومة» ولا نحتاج إلي «مجموعة اقتصادية» يكفي «مجموعة برد».. فمصر لا تتأثر لا بانهيار العالم ولا بانهيار المقطم وحتي عندما هرب «الحضري» إلي أوروبا سرا وترك قيادة الحملة للجنرال كليبر.. وبدأ الناس يسألون هيه حضارة سبعتلاف سنة يعملوا كام باليورو؟ وأصبح لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالرشوة وعاد الشباب يتجمعون أمام أي فرصة عمل محشورة في ماسورة وأصبحت الفتاة تخشي أن تبور لأنها عندما تبور قد يتم استصلاحها وتوزيعها علي شباب الخريجين.. وعندي قناعة أن اللقاء نصيب والفراق قدر.. وأعلم أن الحكومة رفعت المرتبات إلي حد الاحتشام وضبطت الأسعار في وضع مخل وأن القضاء «مستقل» لكنني لا أعرف مستقل عربية أم مستقل أتوبيس وعندما حدث الانهيار المالي الرأسمالي الأخير كنت خارج المنزل فلم أتأثر به.