في مقدمتها لكتاب الباحثة داليا يوسف (تجليات الأديان علي الإنترنت..أشواق الكترونية إلي السماء) تقول د.رشا عبدالله:نقدم لكم اليوم دراسة شيقة عن الروحانيات وتجليات الأديان علي الإنترنت..وهي دراسة مهمة وشيقة أحسبها الأولي من نوعها في العالم العربي. وتضيف د.عبدالله قائلة: تأخذنا الباحثة في رحلة فريدة من نوعها عبر مفهوم ما يسمي بالدين الافتراضي علي الإنترنت وما يعنيه هذا المفهوم بالنسبة لقطاعات عديدة من مستخدمي الإنترنت حول العالم وعبر مختلف الأديان..فنعرف أن مصطلح الدين الافتراضي قد يطلق علي كل تمثيل للدين علي الإنترنت أو قد يطلق علي كل وجود للمؤسسات والأنشطة الدينية في مساحة افتراضية لتأخذ شكل الواقع.. والمدونات والمنتديات والشبكات الدينية وكذلك المجموعات الإخبارية الدينية التي تزيد من أهمية الدين الافتراضي. الإنترنت والأديان وفي نهاية مقدمتها تشير د.عبدالله إلي قلة الأبحاث العلمية والمقالات التي تتناول العلاقة بين الإنترنت والأديان والنابعة من المنطقة العربية برغم كون هذه المنطقة هي منبع الأديان وقِبْلتها.أما الباحثة داليا يوسف فتستهل بحثها هذا قائلة:قد يبدو للبعض دراسة الخطابات والممارسات الدينية المختلفة علي الإنترنت مجرد فرع من دراسة محتوي وخصائص الإعلام الالكتروني ولكن المسألة لا تقف بالنسبة لي عند هذا الحد..بل هي تشكل مدخلاً لرصد وتحليل تقاطعات وتشابكات بين حقول معرفية مختلفة وهي بشكل أساسي تعيد أسئلة مركزية احتلت لعقود طويلة مساحات اهتمام لدي عدد كبير من الباحثين. الدين الافتراضي ثم تضيف الباحثة:ويظل تمثيل الدين علي الإنترنت (الدين الافتراضي) وتعريفه محل تنازل وقد استعرض باتريك ماكسويل محاولات التعريف المبكرة ففي 1990 قدم تعريفاً يشمل كل تمثيل للدين علي الإنترنت. ثم تورد الباحثة ما قاله الباحث المغربي عبد النور إدريس في مقال له عنوانه سيسيولوجيا الأديان الرقمية إذ يقول: إن العامل الأول في أي إيمان هو الاعتقاد بالخلاص من خلال الإيمان ومن هنا يمكننا أن نفهم فكرة عدم استطاعة العلم محو الدين. وتستطرد الباحثة قائلة:أنا لا أنكر أن هناك علاقة بين التكنولوجيا والروحانية وذلك ببساطة لأن كليهما جانبان من عناصر ومنتجات وثمار الطبيعة الإنسانية.إن تمييز التكنولوجيا عن الروحانية والتقنية التكنولوجيا عن المنهج الروحاني والروحانية يسمح لنا بفهم الافتراضات الأساسية المتعلقة بالإنترنت المقدس. نكهات المتدينين وتحت عنوان الإنترنت بنكهات المتدينين المتعددة تقول الباحثة:إن مما يعقد الأمور أن بعضاً من التقاليد الدينية تأتي ضمن تنوع من نكهات واتجاهات مختلفة:الأرثوذكسي المتطرف.. المحافظ..الليبرالي والراديكالي..الما بعد حداثي..والبعض من هذه الاتجاهات قد يكون أكثر ملاءمة للإنترنت من غيره.أما ماكسويل فيري أن البعض ممن لديهم اهتمام بالشأن الديني يكونون علي الإنترنت إما لأسباب أكاديمية أو معلوماتية بينما آخرون يهتمون بالعلاقات العامة والبروباجندا والتبشير. ولا يمكن تصنيف الخطاب الديني علي الإنترنت بمصطلحات جامدة وفاصلة ولكن كترتيبات مائعة تمازج في طيف واسع.ومتحدثة عن المدونات الدينية تقول الباحثة: إذا ما حاولنا رسم خريطة المدونات الدينية فيبدو لنا أنها أبعد ما تكون عن كونها سطحاً أملس متجانساً وإنما طبيعتها تتفاوت وتحدد رسماً طوبولجياً خاصاً بها.وتقول الباحثة في موضع آخر:أما القيمة المضافة التي يمكن أن توفرها الإنترنت للبني الدينية التقليدية فهي الاتصال السلمي ما بين المحلية والعالمية بما يبرز أن الإنترنت هو تكنولوجيا اجتماعية. الرحلة المعرفية ثم تثير الباحثة سؤالاً مهماً يقول:كيف يمكن للإنترنت أن تتحدي أو تخلق أشكالاً جديدة من السلطة الدينية علي الإنترنت؟..هذا وتتحدث الباحثة في مواضع أخري من كتابها هذا عن الويب.. عن المعرفة الدينية والمصادر المفتوحة..عن الرؤية اليهودية للتكنولوجيا..عن النساء والإنترنت..عن الإنترنت وإدراكات أصحاب الأديان السماوية..عن الإنترنت والحكم الديني الذاتي..عن المؤسسات الدينية والمحاكاة الجمعية علي الإنترنت وكذلك عن مواضيع أخري..وتختتم الباحثة كتابها أو بحثها هذا قائلة:رغم الخصائص التي يجب أن تتميز بها مثل هذه الدراسات من دقة واستقامة منهجية فعليها ألا تفقد سمة الرحلة المعرفية بالانتباه لتحديها ومنطلقها الأساسي من فهم تفاصيل مكابدة الإنسان - بكل تعقيده وحيرته - في محاولة التجاوز والسمو رغم ما يشغله علي الأرض من تعبيره عن أشواقه إلي السماء.. إلي الله. بقي أن أذكر أن الكتاب صدر ضمن إصدارات سلسلة الثقافة الرقمية والتي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة.