معايير اختيار رؤساء التحرير.. الشوري يؤكد حياديته والصحفيون يردون: كرامتنا أهينت * فتحي شهاب الدين: التقرير النهائي لمعايير اختيار رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف القوميه سيتم الانتهاء منه تمامًا في 10 يوليو المقبل * النائب محمد عبدالمجيد الفقي: لابد من إحالة ملفات الفساد الخاصة بالصحف القومية ورؤساء تلك الصحف إلي النائب العام فورًا * ابراهيم خليل: تلك المعايير نوع من الإهانة لجموع الصحفيين ولنقابتهم باعتبار أن هذا المنصب المرموق الذي يتطلع له كل صحفي لا يمكن أن يكون مسابقة للقوي العاملة أو للتعيين اختيار رؤساء تحرير الصحف والمعايير التي سيتم الاختيار وفقها هي حديث الساعة في الأواسط الصحفية، فالكل يترقب وينتظر فلربما حالفه الحظ وصار رئيسا لتحرير صحيفته التي يعمل بها منذ سنوات ولم يكن لديه أدني أمل في أن يترقي فيها لمنصب أكبر من رئيس قسم!! وما أن اجتمعت اللجنة العامة بمجلس الشوري الثلاثاء الماضي لوضع هذه المعايير حتي حبس الجميع أنفاسه في انتظار ما سيخرج عليهم به الدكتور احمد فهمي رئيس المجلس، وبعد انتهاء الاجتماع الأول للجنة تعالت الأصوات بين مؤيد ومعارض رغم مواصلة مجلس الشوري عقد جلساته يوم الأحد 10 يونية الجاري "وحتي مثول الجريدة للطبع"، برئاسة الدكتور "أحمد فهمي" -رئيس المجلس- حيث يناقش عددًا من التقارير التي أعدتها اللجان النوعية. واستعرض المجلس التقرير النهائي للجنة المشتركة من لجنة الثقافة والإعلام والسياحة، ومكاتب لجان الشئون المالية والاقتصادية وتنمية القوي البشرية والإدارة المحلية، عن موضوع معايير وضوابط اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية لدورة جديدة، واستيضاح كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لهذه المؤسسات بما يكفل استقلالها. أكد التقرير أن الأوضاع المالية بالمؤسسات الصحفية القومية تعاني حالة ارتباك وتردي، لافتًا إلي أن الأوضاع الإدارية وصلت إلي حالة من التردي والسوء بسبب انفراد رؤساء مجالس إدارات هذه المؤسسات بالقرار، وتمتعهم بسلطات لا حدود لها، نتيجة تخلي مجلس الشوري -المالك الحقيقي لهذه المؤسسات- عن دوره، مما جعل هذه المؤسسات تحيد عن الطريق الصحيح، كما أنه لم تكن هناك معايير واضحة ومحددة لاختيار رؤساء مجالس الإدارات ومراقبة أدائهم، وكذلك شغل المناصب الإدارية بالمؤسسات، مما أدي إلي إصابة الهيكل الإداري بالخلل، واستغلال السلطات الواسعة من أجل خلق مراكز قوي لتكن السلطات كلها في يد شخص واحد أو عدد من الأشخاص، دون أن توازيها مسئوليات، مما أدي إلي صنع ديكتاتوريات من نوع جديد. الثقة والولاء ويشير التقرير إلي أن المعيار الأساسي لاختيار قيادات المؤسسات الصحفية القومية كان هو الثقة والولاء للسلطة في مواجهة الكفاءة والخبرة المهنية والمهارات القيادية، فيمن يتولي منصب رئيس مجلس إدارة المؤسسة أو رئيس التحرير مما أوصل الكثير من المؤسسات والإصدارات التابعة لها إلي هذا الوضع المتردي. كما يناقش المجلس عددًا من طلبات المناقشة حول الثروة المعدنية في مصر المقدمة من عدد من السادة أعضاء المجلس، كما يتم استكمال مناقشة الاقتراحات برغبة عن موضوع إضراب أعضاء هيئة التدريس بجامعة جنوبالوادي. حيث قال المهندس فتحي شهاب الدين، رئيس لجنة الإعلام والثقافة في مجلس الشوري، إن التقرير النهائي لمعايير اختيار رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف القوميه سيتم الانتهاء منه تمامًا في 10 يوليو المقبل، وبعدها بشهر تقريبًا سيكون الموضوع قد حسم بكل عناصره ويتم تعيين صاحب الكفاءة في موقعه الطبيعي. وأضاف «شهاب» إن الاختيار سيكون عن طريق المعايير التي ستوضع من قبل اللجنة، والذي يري أنه تنطبق عليه المعايير سيقدم أوراقه للجنة، ثم تعلن الأسماء، وبعدها يفتح الباب للطعون، وإذا كان صحيحًا، واللجنة تفحص الملفات المطلوبة وهي السيرة الذاتية، والأرشيف الصحفي، وخطة تطوير المؤسسة، بالإضافة إلي عناصر الذمة المالية. وتابع «شهاب» قائلاً: «المعايير ستكون دقيقة والكثير من رؤساء التحرير يقاومون هذه المعايير، لأنهم عينوا من النظام السابق عن طريق الفساد، والمحسوبية، وتدخل الأمن السافر، وليس معني هذا التغيير أنه ضد رؤساء التحرير الحاليين، لأن بعضهم ذو خبرة وكفاءة جيدة». إهانة المنصب من جانبه أكد ممدوح الولي نقيب الصحفيين، أن معايير اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية التي حددها مجلس الشوري جاءت عقب الحوار الذي تم إجراؤه مع ممثلي الصحف القومية بنقابة الصحفيين والذي وضع 7 شروط لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية وكان أهمها ما يختص بالأمور المادية. أضاف الولي أن مجلس الشوري استعان بعدد من أساتذة الإعلام وكبار الصحفيين الذين وضعوا تلك المعايير والضوابط بعد استعانة بما أسفر عنه الحوار الذي تم في نقابة الصحفيين، وأضافوا عليها أيضا شروطا أخري وهي علاقته بالنظام السابق والحزب الوطني. وردا علي رفض بعض رؤساء تحرير الصحف لتلك الشروط واعتبروها إهانة لمنصب رئيس التحرير وتقليلا من شأنه، وكأنها وظيفة شاغرة وهم عاطلون يتقدمون إليها أكد الولي أن أي وظيفة في العالم يكون لها مواصفات ومعايير وضوابط للجودة فلماذا نرفض تلك المعايير التي جاءت بعد حوار عام وأسس وآراء لكبار الصحفيين وأساتذة الإعلام. الفساد المالي فيما طالب النائب محمد عبدالمجيد الفقي رئيس لجنة الشئون الأقتصادية بإحالة ملفات الفساد الخاصة بالصحف القومية ورؤساء تلك الصحف إلي النائب العام فورًا وقال بدورنا ينبغي أن نحول تلك المخالفات للنائب العام للتحقيق فيها ورد الأموال التي استولي عليها البعض بغير حق خاصة أنها أموال الشعب المصري الكادح". وأكد الفقي أن اللجنة الاقتصادية أعدت في وقت سابق تقريرًا عن الفساد الخاص بالمؤسسات القومية بناء علي تقرير الجهاز المركزي للمحاسابات والتي أثبتت أن مؤسسة الأهرام علي سبيل المثال كانت بها العديد من المغالاة في الهدايا والدعاية حتي بلغت 30 مليونا و9 من 21 مليونا و400 ألف خاصة هدايا رئيس مجلس الإدارة فيها. كما كشفت تقارير المركزي للمحاسبات عن صرف ماكافآت قدرها 205 آلاف لعدد من المسئولين داخل تلك المؤسسة بحجة أنها علاوة ومكافأة لشرائهم قطعة أرض علي الرغم من أنها كانت بالمزاد العلني ولم يفعلوا بها شيئًا. وكشف الفقي عن صرف تحويلات عمولات علي شيكات مردودة، ودفع 206 ملايين جنيه تم دفعهم عن قضايا مرفوعة علي مجلة أكتوبر في حين لم تذكر ماهي تلك القضيا، واكد الفقي أن كل تلك الملفات المسئول عنها الجهاز المركزي للمحاسبات ، وأن أعضاء الشوري فقط يعرضون مانص عليه تقرير المركزي للمحاسبات دون الدخول في تفاصيلها. صحافة الغضب وعلي جانب آخر سادت حالة غضب عارمة الوسط الصحفي إثر الإعلان عن معايير مجلس الشوري لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، وقد اشترطت المعايير أن يكون المرشح للمنصب يمتلك خبرة بالعمل الصحفي لا تقل عن 15 عاما، وأن يكون قد أمضي السنوات العشر الأخيرة متصلة في العمل بالصحيفة، وألا يزيد عمره علي 60 عاما، وأن يكون من داخل الإصدار نفسه أو الصحيفة، وإن لم يتوفر، فيكون من المؤسسة نفسها التي يتبعها الإصدار أو الصحيفة، وأن تكون مدة التعيين في المنصب 3 سنوات، وأن تتم مراجعة أرقام التوزيع والكفاءة المهنية كل عام ، حيث يمكن ألا يستكمل أي رئيس تحرير مدته بناء علي هذه المراجعة السنوية. من جانبه أوضح حلمي النمنم رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال أن العقلية التي تقف خلف هذه المعايير في مجلس الشوري هي نفس عقلية جمال مبارك الذي رأي أن أزمة المؤسسات الصحافية في قياداتها فأدخل معايير جديدة وأزاح معظم القيادات، وأتي بمن يدينون بالولاء المطلق له، والآن الأمر يتكرر حرفيا. ووصف النمنم المعايير التي تناقشها اللجنة بال"مضحكة"، ودلل علي ذلك قائلاً ان من بينها إتقان رئيس التحرير لللغة العربية، وكأن الصحفي العادي ليس متقنا للغة العربية!، كذلك أن يكون المتقدم للوظيفة عضواً بنقابة الصحفيين منذ 15 عاما، وهو ما يعتبره النمنم إجحافاً للموهبة فكيف نحكم علي صحفي شاب في موهبة أحمد بهاء الدين، أو فتحي غانم، أو جلال الحمامصي بعدم تقلد هذا المنصب، رغم أن هؤلاء العظام وغيرهم وصلوا إلي منصب رئيس التحرير قبل أن يمضي 15 عاما علي عضويتهم بالنقابة، أو عملهم لمدة 10 سنوات متصلة بالمؤسسة الصحفية التي ينتمون إليها. وأوضح النمنم أنه من حق مجلس الشوري أن يغير القيادات الصحفية، لكن ليس من حقه أن يتهم القيادات الحالية بالفساد أو الفشل؛ لأننا بهذا المنطق يمكن القول ان مجلس الشوري نفسه ظاهرة فساد فقد أسسه الرئيس السادات في السبعينات ليكون بابا للوجاهة والحصول علي مكافآت لأنصاره الذين لم يتمكنوا من دخول مجلس الشعب. كرامة الصحفي ومن ناحيته اعتبر الكاتب الصحفي إبراهيم خليل رئيس تحرير جريدة "روزاليوسف" أن المعايير التي وضعتها لجنة مجلس الشوري لاختيار رؤساء تحرير الصحف نوع من الإهانة لجموع الصحفيين ولنقابتهم؛ باعتبار أن هذا المنصب المرموق الذي يتطلع له كل صحفي لا يمكن أن يكون مسابقة للقوي العاملة أو للتعيين. وانتقد خليل نقابة الصحفيين التي لم تدافع عن كرامة الصحفي ولم تعترض علي تلك المعايير، قائلاً انه من المهين للمهنة الصحفية أن يكون التقدم لهذا المنصب المهم - رئيس التحرير - باعتباره وظيفة شاغرة في قطاع عام ك"باتا" أو "عمر أفندي"؛ لأن تقلد هذا المنصب يجب أن يكون عن جدارة ومهنية، من خلال الانفرادات والحملات الصحفية، وكشف ملفات فساد، وعبر فترة طويلة من العمل بهذه المهنة. ليست الكفاءة وحدها هي المطلوبة كما يقول خليل، بل ضرورة إلمام رئيس التحرير بكل أدوات المهنة، وهذا ما يرشحه أن يكون في هذا المنصب، ومن الممكن أن يكون هذا الصحفي عمل بمجال الصحافة فترة خمس أو عشر سنوات لكنه يتمتع بخبرة أكثر من صحفي آخر ظل يعمل في الصحافة أكثر من ثلاثين عاما ولم يحقق أي إنجاز؛ لأن الصحافة موهبة في الأساس، ودأب علي العمل، وإلمام بأدوات المهنة والتمكن منها؛ لذلك فإن هذه المعايير التي وضعها مجلس الشوري مغلوطة لأنها تتعامل مع مهنة الصحافة وكأنها وظيفة يخضع العاملون بها للترقي وتقلد المناصب بغض النظر عن موهبتهم. وأشار رئيس تحرير "روزاليوسف" إلي أن أحمد بهاء الدين تولي رئاسة تحرير مجلة "صباح الخير" وهو يبلغ من العمر 28 عاما، وكذلك محمد حسنين هيكل عندما تولي جريدة الأهرام، وهناك العديد من عباقرة الصحافة الذين مارسوا المهنة لمدة سنوات قليلة لكنهم أصبحوا رؤساء تحرير وكانوا بمثابة مواهب فذة وعلامات مضيئة في تاريخ الصحافة مثل مصطفي أمين، أنيس منصور، إحسان عبد القدوس، وصلاح حافظ وغيرهم الكثيرون. واعتبر خليل أن تلك المعايير التي يناقشها مجلس الشوري تدل علي عدم الإلمام بقواعد المهنة الصحفية، منتقداً تنظيمهم لأمر لم يلموا بقواعده من قبل. وتساءل خليل لماذا التلويح بهذه المعايير والشروط التي تجعل من الصحفي موظف وليس مبدعا أو كاشفا للفساد. اللجنة محايدة فيما اعتبرت مصادر باللجنة العامة لمجلس الشوري، أن المعايير التي تم وضعها لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، تتسم بالموضوعية، وجاءت نتيجة مناقشات واسعة مع العديد من المعنيين بالأوضاع المهنية والاقتصادية للمؤسسات الصحفية القومية. حيث أوضح النائب عز الكومي، عضو اللجنة العامة، أن من أهم المعايير التي سيتم الاختيار علي أساسها، ألا يكون المرشح لمنصب رئيس التحرير من المشاركين في إفساد الحياة السياسية، أو من أعضاء الحزب الوطني المنحل، وأن يكون ذا كفاءة وثقافة عالية، وممن يتمتعون بنظافة اليد، والبعيدين عن المخالفات الإدارية وعن أي شبهة فساد، وألا يزيد عمره علي 60 عاما. وقال: إنه تم الاتفاق علي تشكيل لجنة من 13 عضوا، من بينهم خمسة من أعضاء مجلس الشوري، عن لجان الثقافة والإعلام واللجان الاقتصادية والتشريعية والتنمية البشرية والإدارة المحلية، وثمانية أعضاء من خارج المجلس، من أساتذة الإعلام والإدارة والاقتصاد ونقابة الصحفيين والمجلس الأعلي للصحافة، للنظر في أوراق الترشيح المقدمة لشغل مواقع رئاسة التحرير. وأضاف، أنه سيتم ترشيح ثلاثة أسماء لكل إصدار، واختيار أنسبها وأكثرها تحقيقا لهذه المعايير، علي أن يتم رفع توصية اللجنة إلي المجلس، الذي سيكون له الرأي النهائي، من خلال هيئة مكتبه ورئيسه. ولفت إلي أن اللجنة العامة تسعي للإسراع في الانتهاء من هذا الملف، واستيفاء جميع الجوانب فيه، سواء فيما يتعلق بأوضاع المؤسسات المالية والاقتصادية، وما إذا كان سيتم دمج بعضها في البعض الآخر، أو الإبقاء عليها وتطوير الأداء فيها، وفصل الإدارة عن التحرير في بعض المؤسسات، أو من حيث الانتهاء من مناقشة معايير اختيار رؤساء التحرير والاتفاق عليها.