اهتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية بالتوقعات الصادرة عن شخصيات إسرائيلية بشأن مستقبل مصر، في ظل أوضاعها الحالية، بداية من احتمالات وصول الإخوان إلي الحكم، وانتهاء باندلاع حروب جديدة في المنطقة. من جانبه، استبعد رئيس الموساد السابق، مائير داجان، وصول الإخوان المسلمين إلي الحكم في مصر، أو اندلاع مواجهة عسكرية بالمنطقة علي المدي القريب. وقال داجان - في اجتماع لمجلس السلام والأمن في جامعة تل أبيب، منذ أيام - إن الإخوان المسلمين لن يصعدوا إلي الحكم في مصر، رغم حماسهم في الميدان، لان خطوة كهذه من شأنها أن تجلب معها مصاعب شديدة لمصر في الساحتين الداخلية والخارجية، وأضاف أن الإخوان أنفسهم يخشون أن يظهروا في صورة من قاد مصر إلي كارثة. واستبعد اندلاع مواجهة عسكرية بالمنطقة رغم التحولات الجارية في الشرق الأوسط، وقال: "من حيث المخاطرة العسكرية، نحن في أدني مستوي في التاريخ". وحذر من ان "السلوك السياسي لإسرائيل من شأنه أن يمس بشرعيتها وعلاقاتها التجارية"، وانتقد سلوك نائب وزير الخارجية، داني ايالون الذي أهان السفير التركي، لكنه استبعد ايضا وقوع مواجهة عسكرية مع الأتراك. وقال إن رئيس وزراء تركيا، رجب طيب اردوغان، يستخدم الهجوم علي إسرائيل لتحقيق مصالحه الخاصة، وعلي رأسها الحصول علي الزخم الذي يحتاجه لتغيير الدستور في بلاده. وأضاف: "من الناحية السياسية، أعطي لاردوغان علامة تقدير 100%، فهو سياسي ذكي، ونحن نقع في الفخ الذي يعده لنا". وتطرق رئيس الموساد السابق إلي أزمة البرنامج النووي الإيراني، وقال انه لا يفضل الخيار العسكري، وأضاف: "لم نصل بعد إلي نقطة اللاعودة في هذا الموضوع". وتوقع ان يواصل الرئيس السوري بشار الأسد أعمال القمع العنيفة للقضاء علي الثورة الشعبية في بلاده، وقال إن سقوط نظام الأسد سيؤدي إلي إضعاف حزب الله في لبنان وتراجع النفوذ الإيراني علي الشرق الأوسط. سنوات صعبة اما سفير إسرائيل الأسبق لدي مصر، تسفاي مازال، فتوقع أن تواجه مصر عدة سنوات صعبة للغاية، مليئة بالعنف وعدم الاستقرار، وقال إن الرئيس السابق حسني مبارك كان يعمل لصالح الإسلاميين، ولم يفعل شيئا من اجل توطيد السلام بين مصر وإسرائيل. وأضاف مازال - في سياق حديث مطول لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، نهاية الاسبوع الماضي - أنه التقي مبارك عشرات المرات، خلال لقاءاته مع رؤساء الحكومات ووزراء الخارجية الإسرائيليين خلال زيارتهم لمصر، وقال إن مبارك بذل قصاري جهده من اجل الحفاظ علي السلام بين الدولتين والقيام بأعمال الوساطة بين الفلسطينيين وإسرائيل، لكنه اتهم مبارك بعدم تأهيل شعبه بثقافة السلام، مما أدي إلي بقاء السلام علي مستوي الحكومات فقط. كما اتهمه باللعب لصالح الإسلاميين، حين سمح بتزايد الدراسات والمناهج الإسلامية في عهده. وقال "مازال": "شهد عهده أعمال تعذيب وفساد، لكنني أشفق عليه، وأعتقد انه لم يكن ينبغي ان يحدث له ما يحدث الآن.. ورغم غضبي عليه، اعتقد انه لا توجد دولة متحضرة يمكنها وضع رئيسها المريض علي فراش خلف القضبان وأمام الجميع". وأشاد "مازال" بالرئيس الراحل محمد أنور السادات، وقال إن مصر حطمت اقتصادها في الحروب مع إسرائيل، حتي جاء السادات وقرر وقف ذلك وتحقيق السلام، وأضاف: "حقا إن الدول العربية لم تسر معه كما كان يتمني، لكن السلام منح مصر استقرارا علي مدي 30 عاما.. وبالطبع كان يمكن استغلال هذا الاستقرار بشكل أفضل كثيرا، لكن مصر ربحت منه علي أية حال". واستبعد سفير إسرائيل الأسبق لدي القاهرة أن يطالب أي نظام للحكم في مصر بإلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل، بمن فيهم الإخوان المسلمين، وقال إن السلام يمثل مصلحة أساسية لمصر، وانه يعني "الحفاظ علي سيناء كأرض محايدة منزوعة السلاح". وقال "تسفاي مازال" إنه من واقع خبرته في مصر، التي عاش فيها ثماني سنوات، كان من الصعب عليه أن يصدق أن تغييرا كبيرا سيحدث، ووصف المجتمع المصري بأنه يعاني تخلفاً وعدم تنمية منذ مئات السنوات، وسيطرت عليه أنماط التفكير الديني الإسلامي والعقليات الإقطاعية، مشيرا إلي أن البعض كان يأمل خيرا عندما شاهدوا الشباب المصري ينزل إلي الميدان مرتديا ملابس عصرية، لكنه حذر من عدم وجود تراث ليبرالي في مصر، ولا في أي دولة عربية أخري. وتوقع أن تواجه مصر عدة سنوات صعبة للغاية، مليئة بالعنف وعدم الاستقرار، مشيرا إلي تضاعف معدلات ارتكاب الجرائم وغياب الشرطة، وتراجع الاقتصاد، وقال: "هذا أمر خطير بالنسبة لهم ولنا أيضا، لأننا بوابة الجحيم، ففي اللحظة التي تعاني فيها أية دولة عربية من عدم الاستقرار، يتم توجيه كل العداء والكراهية باتجاه إسرائيل". تجميد علاقات في المقابل، توقع تقرير إسرائيلي تجميدا عميقا للعلاقات بين مصر وإسرائيل، لكنه استبعد تطور الأمر إلي مواجهة عسكرية بين الجانبين، ودعي الجيش الإسرائيلي إلي الاستعداد لمواجهة المخاطر المترتبة علي وصول جماعة الإخوان المسلمين إلي الحكم في مصر، وسيطرتهم علي الجيش الذي وصفه بأنه "أكبر جيش ذي تسليح غربي في المنطقة". وقال المحلل العسكري امير بوحبوت - في تقرير نشره موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي، منذ ايام، بعنوان "حصاد العام: ماذا ينتظرنا في المستقبل؟" - إن إسرائيل باتت تحت حصار سياسي، جعلها تضع كل عملية سياسية أو عسكرية تحت الميكروسكوب، "وأصبح من الصعب علي الجيش الإسرائيلي أن يشن عملية عسكرية تفتقد إلي الشرعية"، لكنه طالب بالاستعداد لحرب متعددة الجبهات، وأضاف: "علينا أن نستعد لعهد لن يكون بوسعنا فيه تهدئة الشارع العربي في الدول المجاورة لصالح الوضع القائم". ووصف "بوحبوت" السنة القادمة بأنها سنة الفرص التي ينبغي علي إسرائيل أن تستغلها، وإلا ستتحقق تحذيرات قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، العميد ايال ايزنبرج، بأن "يأتي شتاء لا احد يعرف من سيصيبه البلل فيه، ومن سيغرق في البوص". وكان لافتا أن يخصص المحلل الإسرائيلي فقرة خاصة لأوضاع كل دولة بالمنطقة، في إطار توقعاته لتأثير الأحداث علي إسرائيل، بينما خصص فقرة مستقلة لسيناء، وفقرة أخري لمصر. وقال إن منظمات تابعة لتنظيم الجهاد العالمي وتنظيمات فلسطينية باتت تسيطر علي مناطق في سيناء، مستغلة تدهور الأوضاع عقب سقوط نظام "مبارك"، وتتجول فيها "خلايا إرهابية" بانتظار اللحظة المناسبة لتنفيذ عمليات في إسرائيل، وهو ما يفرض علي الجيش الإسرائيلي الانتشار بطول الحدود مع مصر. وفي الفقرة الخاصة بمصر، قال امير بوحبوت إنها ما زالت مضطربة ومشغولة برسم مستقبلها، وتعاني عدم الاستقرار، وبرزت الانشقاقات والتمزقات بالمجتمع، وتتضمن الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة المصرية تحريضا ضد إسرائيل واتفاقية السلام، التي "تمثل كنزا استراتيجيا لمصر أيضا"، علي حد تعبيره. وتوقع الكاتب الإسرائيلي ان تشهد العلاقات المصرية الإسرائيلية تجميدا عميقا، تظهر آثاره بوضوح في العلاقات الاقتصادية، لكنها لن تصل بالضرورة إلي المجال العسكري. وقال إن الاقتصاد المصري بعد رحيل حسني مبارك - الذي وصفه ب"أبي الهول"- عن الحكم، يمر بمرحلة سيئة للغاية، حيث تدهورت السياحة وتزايدت البطالة والجرائم وبات معدل النمو بالسلب، لكنه شدد علي أن الخوف الحقيقي لدي الغرب وإسرائيل يتمثل في وصول الإخوان المسلمين إلي الحكم، ووصفهم بأنهم القوة الأكثر تنظيما في مصر، وقال: "في وضع متطرف كهذا سيكون اكبر جيش ذي تسليح غربي بالمنطقة في أياد معادية، ولذلك ينبغي علي الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعدا لهذا التهديد الذي لا يلوح في الأفق القريب، لكنه موجود علي أية حال".