إن مدينة رشيد هي إحدي المدن الأثرية المهمة بمصر والتي تعد ثاني مدينة بعد القاهرة من حيث ثرائها بالآثار الإسلامية.. وعلي أرضها عثر علي مفتاح الحضارة المصرية القديمة وهو حجر رشيد، تلك المدينة التي تتميز بعمارة متميزة ومبان ذات وظائف متنوعة سواء كانت دور عبادة أو منازل أو غيرها، وذلك بالرغم مما عانته من فترات إهمال لقيمتها ولآثارها، لكنها الآن تحظي بالرعاية والاهتمام الكبير، وأنجزت بها عدة أعمال من الترميم ومازال هناك أعمال مستمرة حتي الآن في ظل مشاريع مستقبلية... رشيد ضحية للإهمال يوضح المهندس علي وهبة - مدير مشروعات رشيد بقطاع المشروعات بالمجلس الأعلي للآثار- أن مدينة رشيد مدينة مميزة طبيعيا وأثريا، فمن ميزاتها الطبيعية أنها تتمتع بموقع جغرافي يجعلها من أجمل المدن الموجودة بمصر، فهي ميناء قديم علي مصب الفرع الغربي للنيل في البحر الأبيض المتوسط، وتتميز باتساع عرض النيل بها، وهو نقي ليس به ملوثات وذلك لعدم وجود مصانع بها سوي مصانع الطوب و اغلب حِرَف سكان المدينة يدوية، أما البحر فلا يوجد به اي خدمات نهائيا، وتعد رشيد أفضل واكبر مدينة لزراعة النخيل ومنها نسبة كبيرة من محصول الموالح المصري. ومن ناحية أخري فهي تتميز بطراز معماري وزخرفي فريد ليس له مثيل في العالم، فمثلا نجد أن واجهة المنازل من الطوب الملون وبها عدد من المشربيات المنفذة بخشب الخرط والمسافات بين تلك المشربيات ضيقة وقد استخدموها حتي لا يري من بالخارج من بداخل المنزل لذا فإن البيوت كان يصعب اقتحامها، ونجد كذلك أن جميع منازل رشيد بها سلالم درجة السلم بها يتراوح ارتفاعها من 20 إلي 25 سم في حين أن درجة السلم العادية حوالي 15 سم ويسمي هذا التصميم بالقلبة الواحدة، وقد صمم في عصر الحملة الفرنسية لإجهاد الجندي وهو صاعد وليصب عليه الأهالي زيت مغلي من أعلي. ويستكمل المهندس وهبة: انه علي الرغم من ميزاتها هذه إلا إنها أصبحت فريسة للإهمال لفترة كبيرة، فمنطقة رشيد لها ظروف مناخية خاصة بها فمناخها شديد الحرارة صيفا وشديد البرودة شتاء، وبما أن موقعها يطل علي النيل والبحر لذا فهي محاصرة برطوبة عالية، بالإضافة إلي انه ليس بها شبكات صرف صحي والشبكة التي نفذت من حوالي سنتين لم تفتتح، فأُهملت وأصبحت مكاناً لإلقاء القمامة وحاليا يحاولون إصلاحها لتعمل بدورها، لذا فالصرف كله يتسرب إلي الشوارع والطرق وحيث إن الشوارع أصبحت علي مستوي طبقي أعلي من ذي قبل التي يقع فيها الأثر، فالمياه التي تتجمع من مياه الأمطار والسيول ومياه الصرف الصحي والمياه الجوفية أو السطحية تصب في أساسات الأثر، وما تختلط به من أملاح ومعادن وكل ما تحمله من ملوثات لها من أضرار بالغة علي الأثر. ولكنه يري أن التعديات علي الآثار برشيد ليست خطيرة، حيث يسهل استرجاعها وتصليح أخطاء كل من قام بالتعدي علي الآثار بها. ترميم المساجد والمنازل ويوضح مدير مشروعات رشيد: إن مساجد ومنازل رشيد لم تطلها يد ترميم منذ وقت إنشائها، فقد كانت مدينة مهملة حتي وجه الاهتمام لها، وبالتالي بدأ المسئولون في أكثر من مجال الاهتمام بها بداية من محافظة البحيرة بالتعاون مع الحي و مع المجلس الأعلي للآثار، وقد أبدي اللواء علي هلال- رئيس قطاع المشروعات- اهتماما كبيرا بترميمات المنطقة، وقد قام السيد المحافظ والسيد شعلان بتذليل العقبات أمام عمل المجلس الأعلي للآثار، وقام الرئيس مبارك بزيارة المنطقة بهدف افتتاح متحف رشيد يوم 31 / 7 / 2009 وتفقد الأعمال الجارية بترميم الآثار هناك وأمر بتطوير و مواصلة ترميم مدينة رشيد بالكامل. ويضيف المهندس علي بأنه قد تم الانتهاء من ترميم مجموعة من المنازل والمساجد الأثرية بمدينة رشيد وتم تسليمهم للمجلس الأعلي للآثار، والمنازل الأثرية هي الجمل و التوقاتلي والبقرولي وأبوهم وجلال والميزوني، وبالنسبة للمساجد الأثرية فقد تم الانتهاء من ترميم خمسة مساجد، وهي مسجد المشيد بالنور والمسجد الصامت ومسجد المعلّق (دومقسيس) ومسجد الجندي ومسجد قبة الخزرجي، وجاري بها المناسك والصلاة ماعدا مسجد المحلي مازالت أعمال الترميم قائمة به، وبعد فترة من انتظار الافتتاح كانت الصلاة تقام في الشارع والمصلون معرضون للمطر والسيول، مما جعل اللواء علي هلال رئيس قطاع المشروعات يصرح بافتتاح المساجد لإقامة الصلاة لإنقاذ المصلين من المطر والسيول، وتكلف مشروع ترميم المساجد والمنازل برشيد ميزانية وصلت إلي 84 مليون جنيه، وقد بدأت المشروعات في 8 / 11 / 2008، وتم الانتهاء من ترميم المنازل في آخر عام 2009م، وانتهاء ترميم وتسليم المساجد الخمسة في نهاية عام 2010م. وتجري حالياً خطة لعملية إحلال المباني القديمة برشيد بمباني جديدة وتثبيت جميع المباني الأثرية والاهتمام القوي بترميمها لإعادتها لما كانت عليه وقت الإنشاء وإرجاع النسيج المعماري القديم علي شكله الاصلي لجعلها متحفاً مفتوحاً مثل مدينة الأقصر، وذلك بالتعاون القائم بين الحي وهيئة الآثار التي عليها سرعة توثيق وترميم الآثار مع إزالة جميع التعديات التي كانت بها وإرجاع المدينة لتخطيطها الاصلي، ويشيد المهندس علي بالجهود التي قد قام بها السيد المحافظ في حل المشاكل مع الاهالي وقيامه بعمل تعويضات لهم وإزالة التعديات التي قاموا بها علي الآثار ساعدت هيئة الآثار للعمل بحرية، وانه في حالة نقل الاهالي إلي المدينةالجديدة فسيكون هذا الوضع أفضل لهم وللأثر في ذات الوقت. ترميمات لآثار أخري كما يذكر مدير المشروعات أنه تم إجراء ترميمات لأثار أخري برشيد بالإضافة إلي المساجد والمنازل، ومنها ترميم أجزاء من قلعة رشيد، فقد كانت الأرضيات والبوابة والسور بجوار مبني الخدمات بحالة سيئة جدا، وقد تم عمل مبني خدمات لخدمة الاهالي للوضوء ولخدمة السياح حتي لا تتسرب المياه إلي داخل القلعة وخارج المسجد، و تم تنفيذها خارج الحرم الأثري للارتقاء بالمكان بالإضافة إلي انه تم عمل حجرتين للأمن والتذاكر وتم ترميم الأرضيات والأسوار والحوائط حول القلعة، أما القلعة نفسها فمازالت تحتاج إلي مشروع كبير خاص بها وقد أجريت هذه الترميمات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منها حاليا. و يستكمل بأنه تم ترميم بوابة رشيد وهي البوابة الوحيدة الموجودة بالوجه البحري وتقع داخل المدينة، وكانوا يستخدمونها الاهالي للمرور بعربيات الكارو مما يعرض البوابة للتهالك وقد تم ترميم البوابة وإعادتها للأصل القديم مع عمل سور خلفي لحماية الأبواب ورصيف عال ومصدات حديدية حتي لا يتم مرور عربيات الكارو بها مرة أخري فتتهالك وتنهار، بالإضافة إلي انه قد تم ترميم القباب المجاورة للبوابة. أما بالنسبة للبرنامج السياحي في مدينة رشيد فيؤكد انه كان ضعيفاً جدا قبل الترميمات، فقد كانت اغلب الزيارات للمدينة هي زيارات مدرسية، أما بعد الانتهاء من الترميمات فقد بدأ الاهتمام بها سياحيا عن ذي قبل وحاليا تتوجه إليها الأفواج السياحية خاصة الفرنسية لأنهم قد بدءوا بالاهتمام بها إعلاميا في فرنسا. وأخيرا يتوجه المهندس علي وهبة باقتراح باستغلال الطريق الدولي الجديد في إحياء المدينة من جهة البحر والنيل، ويناشد المسئولين بالحي في رشيد بأن يقوموا بعمل شبكات صرف صحي لحماية الآثار، كذلك العمل علي توعية الاهالي بعدم الإساءة للآثار والحفاظ علي ما تم بها من ترميمات.