يري الكاتب محمود الورداني والفائز بجائزة ساويرس عن مجموعته القصصية "الحفل الصباحي" ان الكتابة فعل إبداعي ونوع من الدفاع عن النفس حيث تدرأ عنه الأكتئاب وتعيد له توازنه، فهو قد بني حياته علي الكتابة ولايمكنه الاستغناء عنها. فكان معه هذا الحوار كيف تري الجوائز الحالية وهل توقعت الفوز بالجائزة؟ - الجوائز لاتصنع كاتباً والذي يكتب وعينه علي الجائزة من الأفضل له أن يبحث عن عمل آخر .كما أن معايير الجوائز تختلف عن معايير الكتابة .الجوائز متناقضة ومن الممكن أن تكون مدمرة للكتابة إذا توجه إليها الكاتب. هناك بعض الجوائز غير خاضعة للأهواء والشللية. وقد شعرت بسعادة بالغة لأن عملي نال استحسان زملائي وأساتذتي في لجنة التحكيم فمنحوه الجائزة.وهذا أعطاني ثقة بأن عملي يستحق الفوز. كما أنني لم أتوقع الجائزة لأن لدي قناعة بأن الجوائز ليست دائماً تذهب لمن يستحقها. وعم تتحدث مجموعة "الحفل الصباحي" الفائزة بالجائزة؟ صدرت هذه المجموعة منذ ثلاث سنوات كتبتها في فترة متقاربة علي غير العادة بعدما توقفت عن كتابةالقصة القصيرة بدون سبب عمدي. وهي مجموعة قصص تدور حول القمع والعدوان علي كرامة الإنسان. وقد كُتبت في أعقاب حركة الاحتجاج بين عامي 2005 و2006علي عدد من القوانين والتي تبعها مظاهرات ثم انتهي كل شيء بدون نتيجة.في هذا الوقت شعرت باكتئاب واحباط شديدين فكتبت هذة المجموعة .القسم الأول منهايكاد يكون مشهداً واحداً بزوايا مختلفة. تميل أعمالك للتركيزعلي الطبقة الوسطي دون غيرها فلماذا؟ - أولاً أنا ابن الطبقة الوسطي ولكن لايشغلني أن أكتب عن طبقة معينة بقدر ما يهمني أن أكون صادقاً في التعبير عن تجربة أقدمها جيداً. ومن ناحية أخري الكتابة لا تكون حسب مفهوم سابق ولا أتعمد الكتابة عن شيء معين لكن المهم أن يكون الكاتب في أكثر قوته. مارست مهناً عديدة إلي أن استقر بك المطاف في ممارسة العمل الأدبي. فما تأثير ذلك علي تجربتك الإبداعية؟ - عملي في مهن مختلفة كان له تأثير كبير في كتاباتي فقد كانت تجاربي عديدة حيث عملت بائع ثلج وصبي مطبعة كما عملت بالجيش وكذلك بالعمل الثوري فكانت تجربة عديدة.وإذا كانت كتاباتي مهمة فالفضل يعود لتجربتي الحياتية لأن الحياة أتاحت لي الفرضة في التعرف علي العوالم المختلفة بها. تأثير الصحافة علي الإبداع عملت بالصحافة فهل كان لها تأثيرعلي كتاباتك؟ - أذكر مقولة ماركيز هو وأنه علي الكاتب الذي يعمل بالصحافة أن يتركها بعد فترة محددة ثم يتفرغ للأدب .لم أكن أعلم ذلك إلا عندما مارست الكتابة الأدبية لأن الصحافة تأخذ الكثير من الكاتب فهي سطحية تهتم بالحدث الحالي تنتهك الكاتب وهذه أمور جميعها ضد الكتابة.وكنت حريصاً علي كتابة كل ما هو جيد ولم يملي علي أحد أشياء لكتابتها فكتبت ما اقتنعت به .لكن الصحافة تأخذ من الكاتب بعدوان لذا في وقت ما وبفعل ظروف معينة أفلت منها لممارسة الأدب. وما الذي يدفعك للكتابة وماذا تمثل لك؟ - بنيت حياتي علي الكتابة ولا أستطيع الفرار منها. عندما أكون عاجزًا عن الكتابة أحياناً تكون أسوأ فترات حياتي وأكثرها اضطراباً. فالكتابة تسبب لي نوعاً من التوازن وتدرء عني الاكتئاب.حيث أشعر بسعادة بالغة تجذب كتاباتي أصدقائي لهذه الأسباب أكتب فالكتابة فعل إبداعي ونوع من الدفاع عن النفس، ولدي شيء لا أفهمه وهو لابد أن أكتب وإلا أصبحت إنساناً سيئاً. ما الرسالة التي تحرص علي توصيلها من خلال ما تكتبه؟ - ليس لدي رسالة مباشرة أوواضحة بقدر ما يوجد لدي أحساس بالحياة وموقف منها. كما انني لم أضبط نفسي متلبساً بأن لدي رسالة أود توصيلها .لدي قناعات وموقف فكري وسياسي دفعت ثمنه وسعيد به .لكن الكتابة نفسها رسالة كبيرة وليس من الضروري أن يكون خلفها شيء مباشر لأن الرسالة المباشرة ربما تفسدها وأنا كلي وراء الكتابة لذلك لاأطرح علي نفسي هذا السؤال. قضايا الإبداع الراهنة وهل هناك قضية معينة يجب أن يطرحها الإبداع في الفترة الراهنة؟ - علي الابداع الايكذب أويخون نفسه ودفاعه عن الحرية التي هي أثمن ما يمتلكه الفرد .وأن يواجه القمع الفكري والجسدي .لأن الإنسان دخل في حلف ضده. كما أن الأدب اليوم في أسوأ حالاته من ناحية الاعتداء والمصادرة التي يتعرض إليها. لذلك يجب علي الأدباء الاهتمام بقضايا المصادرة التي يتعرض لها الأدب الحالي بشدة وأن يدافع الأدب عن نفسه. في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ما التحدي الحالي أمام الكتَّاب الجدد؟ - أؤيد الكتَّاب الجدد وأتعلم منهم.والتحدي هو الكتابة ذاتها حيث تقود الكتابة إلي التحدي الذي تطرحه .فالتحدي ليس خارج الكتابة وانما هو جزء منها .والشباب قادر علي مواجهة الظروف الصعبة والكتابة في ظل هذه الظروف هي التحدي نفسه . تكتب الرواية والقصة فكيف تري تصدر الرواية للمشهدالأدبي؟ - الحديث عن تصدر الرواية به جزء كبير من الكذب حيث لعبت الصحافة دوراً كبيراً في الترويج للرواية. في فترة الخمسينات والستينات ازدهر الشعر الحر والشعر الحديث وتعدد شعراءه ثم انتهي الموضوع.من الطبيعي أن يصعد جنس أدبي في فترة معينة وليس معني هذا اختفاء الأجناس الأخري .كما أن القصة القصيرة خفت شيئاً ثم عادت. والتركيبة النقدية حول الرواية غير مقنعة. متي يمكن القول إن هذا الأديب صاحب بصمة خاصة؟ - علي الكاتب الايسعي لكي يكون له بصمة خاصة.فكلما كان صادقاً كان أفضل لة.رغم أن كلمة الصدق تم ابتذالها. وعندما يكذب الكاتب يكون واضحاً وما ينجيه أن يكون حازماً وصاحب عقل وقلب متفتح يتجرد من المصالح .ويقدر الكتابة ويقدسها حينئذ سيكون صاحب بصمة خاصة دونما السعي إليها. كيف تري العلاقة المتوترة بين السلطة والمثقف وهل علي المبدع تبني موقف سياسي معين؟ - لا أعتقد أن هناك كاتباً بدون موقف حتي وإن كان يدعي غير ذلك كي يهرب .نتعرف علي العلاقة بين المثقف والسلطة من خلال التاريخ والذي يوضح أن السلطة دائماً ضد الأدب وتحاربه فهي تريد الأدب التابع الذي ليس له موقف ومثل هذا الأدب لايعتبر كتابة وانما هو نشاط آخر لا علاقة له بالإبداع. أخيرا ما الجديد لديك بعد مجموعة «الحفل الصباحي»؟ - أوشكت علي الانتهاء من كتابة عمل جديد يضم مجموعة من الروايات القصيرة حيث يجمعهم شيء مشترك ولأول مرة اختار اسم العمل قبل الانتهاء منه وهو"شغل".