خسر النظام السوري بعض أصدقائه. عاد الشأن السوري الى صفحات الصحف البريطانية الصادرة صباح الثلاثاء بكثافة بفضل دعوة العاهل الأردني عبدالله الثاني بشار الأسد للتنحي وتجميد الجامعة العربية عضوية سورية. ففي صحيفة الاندبندنت حملت إحدى الافتتاحيات عنوان "الانتقاد العربي لسورية مطلوب، لكن له مخاطره". ولكن ما هي تلك المخاطر؟ تقول الصحيفة إن من الملاحظ أن الدول التي تتحمس لانتقاد الأنظمة التي تواجه انتفاضات شعبية، بدءا بليبيا وانتهاء بسورية، هي أنظمة صديقة للغرب، كالأردن وقطر. هذا يحمل مخاطر أن تستغل الأنظمة ذلك باتهام المحتجين بأنهم يلعبون ورقة غربية، وهذا يشكك في مصداقية الحركات الاحتجاجية وكفيل بخلق بلبلة، وقد استغل القذافي والأسد ذلك فعلا في حرب دعائية ضد منظمي الاحتجاجات. وفي صفحة الرأي في نفس الصحيفة كتب باتريك كوكبيرن مقالا بعنوان "عبدالله أظهر أن الجيران يعتقدون أن النظام لا يمكن أن يبقى"، في إشارة إلى النظام السوري. يقول الكاتب في مقاله "عزلة النظام السوري في ازدياد، وجاءت الضربة الأخيرة حين وجه الملك عبدالله عاهل الأردن دعوة للرئيس بشار الأسد للتنحي، هي الأولى من نوعها حتى الآن من حاكم عربي". ويرى الكاتب في هذا إشارة إلى أن جيران سورية يعتقدون أن النظام السوري لا يمكن أن يبقى، بعد أن أظهر قرار الجامعة العربية تعليق عضوية سورية أنه لم يعد للنظام السوري الكثير من الحلفاء. وقارن الكاتب وضع النظام السوري بالوضع الذي كان عليه النظام الليبي قبل سقوطه، حيث يقول ان تصويت الجامعة العربية فتح الأبواب أمام التدخل العسكري للناتو. أما الفرق بين النظامين أن نظام الأسد يملك جيشا قويا مواليا له، وهو ما لم يتوفر للقذافي، كذلك فأن قمة السلطة منظمة أكثر مما كانت عليه سلطة النظام الليبي. مع ذلك فوضع الأسد لا يبدو مريحا، فهو فقد بعض حلفائه، كتركيا، كذلك فان العراق امتنع عن التصويت في الجامعة العربية، وهذا ليس مؤشرا لدعم قوي، حسب الكاتب. فقدان الأصدقاء النظام فقد الكثير من أصدقائه أما افتتاحية صحيفة الغارديان فجاءت بعنوان "فقدان الأصدقاء". ترى الصحيفة أن قرار الجامعة العربية تجميد عضوية سورية يحمل معنى رمزيا، فليس من الواضح ما هي طبيعة الاجراءات العملية التي ستتخذها ضد النظام السوري. وحتى لو وصل الأمر الى تصويت مجلس الأمن على تدخل عسكري في سورية فإن الفيتو الصيني والروسي كفيل بإحباط ذلك، كما ترى الصحيفة. لكن الطابع الرمزي للقرار مهم، فسورية عضو مؤسس للجامعة، وهي طالما رددت شعارات تصفها بأنها "قلب العروبة النابض"، وقد يكون قرار تجميد عضويتها تمهيدا للاعتراف بالمجلس الوطني السوري، وهي المظلة التي تنضوي تحتها المعارضة. أما السؤال الذي تطرحه الصحيفة فهو : وماذا بعد؟ رد الفعل السوري العنيف على قرار التجميد يشير الى ان النظام لا ينوي سحب قوات الأمن من المدن ولا الإفراج عن السجناء أو العفو عن المسلحين، وهو ما كان النظام قد اتفق عليه مع الجامعة قبل أسبوعين، كما ترى الصحيفة. منذ ذلك الوقت قتل 100 شخص وشنت قوات الأمن هجوما جديدا على حمص، ويبدو أنه في كل مرة يوافق النظام على الوساطة يشن هجمات جديدة على المدن. رجب طيب أردوغان أيضا، الصديق القديم، أصبح يطري "المقاومة المجيدة". سالت دماء كثيرة على الأرض السورية، وترى الصحيفة انه على الأسد أن يدرك أن إبقاء قبضته على البلد لم يعد ممكنا. "وجدت الجامعة صوتها، أخيرا" صفحات صحيفة الفاينانشال تايمز أيضا لم تخل من تقارير وتعليقات على تداعيات الوضع في سورية. ديفيد غاردنر كتب مقال بعنوان "وجدت الجامعة العربية صوتها أخيرا". يقول الكاتب إن الربيع العربي الذي امتد حتى الخريف بدأ يحف بالمفاجآت، وقد جاءت أخراها من الجامعة العربية. كانت الجامعة قد توصلت الى اتفاق مع بشار على وقف قتل المحتجين وسحب الجيش من المدن كحمص وحماة وإطلاق سراح آلاف المعتقلين. لم يكن هناك أي أمل في أن ينفذ نظام قرر شن حرب على شعبه شروطا كتلك، كما يرى الكاتب. صحيح أن قرار تجميد عضوية سورية ما زال بانتظار تأكيد من وزراء الخارجية العرب الذين سيجتمعون في الرباط، إلا أن عملية سحب الدبلوماسيين من سورية قد بدأت. أما الجديد في خطوة الجامعة العربية ، بالإضافة الى قرارها المفاجئ فهو أنها وجهت رسائل الى جهات غير الأسد، الجيش ، مطالبة إياه بعدم إطلاق النار على المتظاهرين، وكذلك بدأت نقاشا حول الاعتراف بالمعارضة، كذلك فهي تريد إشراك مجلس الأمن الدولي . ويرى كاتب المقال أن الوضع الجديد سيجعل من الصعب على الصين وروسيا معارضة اتخاذ قرار في مجلس الأمن.