أظهرت دراسة جديدة أعدَّها باحثون من كلية طب وايل كورنيل في قطر وكلية لندن للصحة والطب الاستوائي (LSHTM)في المملكة المتحدة، أن انتقال فيروس الكبد الوبائي"سي" من الأمهات إلى أطفالهن يتسبب سنوياً بما يصل إلى خمسة آلاف إصابة جديدة بالمرض المزمن في مصر. ومن المعروف أن مصر تتصدر بلدان العالم من حيث أعداد المصابين بفيروس الكبد الوبائي "سي"، إذ تشير الدراسات إلى أن 14.7% من سكانها يحملون الفيروس، لكن لم تتوافر في السابق دراسات علمية عن أعداد الإصابات الجديدة التي تتسبب بها الطرق المختلفة لانتقال الفيروس. وتقدر هذه الدراسة غير المسبوقة، في مصر وبقية بلدان العالم، عدد الحالات الجديدة من فيروس الكبد الوبائي "سي" الناجمة عن انتقال الفيروس من الأمهات المصابات بالمرض إلى أطفالهن.
ويقدّر مؤلفو الدراسة أن انتقال الفيروس من الأمهات إلى أطفالهن تسبب في عام 2008 بثلاثة إلى خمسة آلاف إصابة جديدة في مصر، وقد ينتقل الفيروس أثناء الحمل أو الولادة أو بعد الولادة. كذلك أظهرت الدراسة أن انتقال الفيروس من الأمهات إلى الأطفال من أهم أشكال انتقال المرض إلى الأطفال دون سن الخامسة، حيث يتسبَّب بما بين ثلث إلى نصف الحالات الجديدة لدى الأطفال ضمن هذه الفئة العمرية المذكورة. ونُشرت الدراسة المهمة التي كشفت عن المزيد من الحقائق اللافتة بشأن انتشار فيروس الكبد الوبائي "سي" في مصر في الدورية العلمية المرموقة Hepatology المتخصصة في أمراض الكبد.
وتحدثت لينكا بينوفا، المؤلفة الرئيسة للدراسة والباحثة الزميلة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي وكلية طب وايل كورنيل في قطر: "استطعنا للمرة الأولى أن نحدد عدد المواليد الجدد الذين يصابون بفيروس التهاب الكبد الوبائي "سي" سنوياً في مصر، ولا بدّ من اتخاذ التدابير اللازمة للحدّ من أعداد الأطفال الذين يصابون بمرض ذي أبعاد وبائية مخيفة. ولا بدّ أيضاً من إجراء تقييم عاجل للعقاقير الدوائية التي يمكن وصفها للسيدات أثناء حملهن لعلاج التهاب الكبد الوبائي "سي"، وكذلك التدابير الممكنة لتوفير عقاقير فعالة للنساء قبل الحمل".
من جانبه، قال الدكتور ليث أبو رداد كبير الباحثين الاستقصائيين للدراسة وأستاذ الصحة العامة المشارك في مجموعة وبائيات الأمراض المعدية في كلية طب وايل كورنيل في قطر: "أظهرت دراستنا بُعداً مهماً لم يكن مفهوماً في السابق بقدر كاف عن استشراء المرض وبائياً. وفي ضوء ما كشفته الدراسة عن انتقال الفيروس بأعداد مقلقة إلى الأطفال، وما يترتب عليه من تبعات إكلينيكية ومجتمعية، نحن بحاجة ماسة إلى مبادرات ملائمة في مجال الصحة العامة للتغلب على هذا الجانب من الوباء".
يُشار إلى أن هذه الدراسة تمّت بتمويل من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، عضو مؤسسة قطر، وبدعم من مختبرات بحوث الإحصاءات الحيوية والوبائيات والرياضيات الحيوية بكلية طب وايل كورنيل في قطر.