عاشور يهنئ فلوريان أشرف لفوزها بجائزة أفضل دكتوراه في الصيدلة من جامعات باريس    مستقبل وطن بالأقصر يُنظم معرض «أنتِ عظيمة» لدعم الحرف اليدوية والصناعة المحلية    بمشاركة 500 صيدلي.. محافظ قنا يشهد افتتاح مؤتمر صيادلة جنوب الصعيد الأول    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    ارتفاع كبير ب840 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالصاغة (محليًا وعالميًا)    لاند روفر ديفندر 2026 تحصل على أضواء مُحسّنة وشاشة أكبر    مصدر أمني يكشف ملابسات فيديو لمركبات تسير في الحارة المخصصة للأتوبيس الترددي    رسميًا بالزيادة الجديدة.. موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025 وحقيقة تبكيرها قبل العيد    وزير المالية يكشف موعد صرف الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد    طرح لحوم بلدية بأسعار مخفضة في الوادي الجديد استعدادًا لعيد الأضحى    الناخبون في كوريا الجنوبية يختارون اليوم رئيسهم ولي جاي ميونج يتصدر استطلاعات الرأي    البيت الأبيض يعلن استعداد ترامب للقاء بوتين وزيلينسكي    كمين لقوة إسرائيلية في "جباليا" وسقوط 11 جنديًا بين قتيل وجريح    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم المستشفى الإندونيسي في شمال غزة    «أنا مش مغيب!».. تعليق مثير من هاني سعيد على احتفالات بيراميدز بعد مواجهة سيراميكا    محامي دولي يفجر مفاجاة بشأن قرار المحكمة الرياضية المنتظر في أزمة القمة    رسميًا.. اتحاد الكرة يعلن حكام مباراة الزمالك وبيراميدز في نهائي الكأس    جوارديولا: هدفنا التتويج بكأس العالم للأندية    قناة الأهلي: هناك أزمة في مشاركة ديانج بكأس العالم للأندية    مصطفى فتحي: يورتشيتش عوض غياب الجماهير.. وطريقة الحكام تغيرت معي بانضمامي لبيراميدز    مجلس الاتحاد السكندري يرفض استقالة مصيلحي    امتد لسور مدرسة مجاورة.. السيطرة على حريق نقابة العمال بالمنوفية (صور)    في لهجة مغايرة، بيان عاجل من ورثة شريف الدجوي بشأن الصلح ولم شمل العائلة    الحرارة تصل ل 35.. الأرصاد تكشف طقس يوم عرفة    سقوط «نملة» بحوزته سلاح آلي وكمية من المخدرات بأسوان    التعليم: زيادة أفراد الأمن وعناصر إدارية على أبواب لجان الثانوية العامة لمنع الغش    لماذا لا يرغب تامر حسني في دخول ابنته تاليا المجال الفني؟    أحمد السقا يوجه رسالة تهنئة ل ابنته بمناسبة تخرجها    بسبب لحن أغنية.. بلاغ من ملحن شهير ضد حسين الجسمي    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    "أوقاف سوهاج" تطلق حملة توعوية لتقويم السلوكيات السلبية المصاحبة للأعياد    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    طريقة عمل شاورما اللحم، أكلة لذيذة وسريعة التحضير    أخبار 24 ساعة.. برنامج جديد لرد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه في الموازنة    عامل يتهم 3 أشخاص بسرقة شقته في الهرم    الملحن بهاء حسني يتضرر من حسين الجسمي بسبب لحن أغنية في محضر رسمى    صرف 11 مليون جنيه منحة عيد الأضحى ل7359 عاملًا بالوادي الجديد    أسطورة ميلان: الأهلي سيصنع الفارق بالمونديال.. وما فعله صلاح خارقًا    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الثلاثاء 3 يونيو 2025    تقارير: ميلان يحلم بالتعاقد مع لوكا مودريتش    منتخب فلسطين يكرم وسام أبو علي بلقب الدوري المصري    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    4 أبراج «بيعرفوا ياخدوا قرار»: قادة بالفطرة يوزّعون الثقة والدعم لمن حولهم    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    صدق دياب.. وكذب المزايدون والمتآمرون    تعرف على وجبة عشاء وزير خارجية إيران مع وزراء مصر السابقين ب خان الخليلي (خاص)    موعد أذان فجر الثلاثاء 7 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    وزارة الإنتاج الحربي تنظم ندوات توعوية للعاملين بالشركات    أمين الفتوى يحسم حكم توزيع لحوم أو مال بدلاً عن الأضحية    القومي للبحوث يقدم نصائح مهمة لكيفية تناول لحوم العيد بشكل صحي    الإصلاح والنهضة: 30 يونيو أسقط مشروع الإخوان لتفكيك الدولة ورسّخ الوعي الوطني في مواجهة قوى الظلام    في رحاب الحرم.. أركان ومناسك الحج من الإحرام إلى الوداع    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاكل تتعرض لها المرأة فى عالمنا العربى

كثيراً ما تكون المرأة عرضة لاضطرابات نفسية تفاعلية نتيجة تعرضها لسوء معاملة من قِبل الرجال في حياتها. وتعاني المرأة في كل مكان من العالم من تسلّط الرجال عليها، سواء كان هؤلاء الرجال، آباء، أخوة أو أزواجاً، والأزواج أكثر الاشخاص الذكور الذين تُعاني منهم المرأة من سوء المعاملة، نظراً للعلاقة المعُقّدة التي تربط المرأة والرجل بعقد الزواج.
وتعاني المرأة الزوجة كثيراً من سوء سلوك الزوج معها، لأن بعض الأزواج يعتقد بأنه امتلك المرأة تماماً ويستطيع أن يفعل بها ما يشاء.!
ربما تكون المرأة في مجتمعاتنا العربية أكثر معاناةً نظراً للصعوبات التي تواجه المرأة المطلقة أو المرأة التي ترفض العيش مع زوجها. وتمر عليّ قصص متعددة لعلاقات سيئة بين رجال وزوجاتهم ، تكون المرأة فيه هي الجانب الذي يتألم و يُعاني بشكلٍ كبير، ولكنها لا تستطيع أن تسير بعيداً عن زوجها الذي يتولى أذيتها النفسية.

هناك امرأة كان زوجها يُعاني من اضطراب الضلالات الذُهانية، وهي عبارة عن شكوك مرضية؛ حيث يعتقد الزوج بأن زوجته تخونه، برغم أن ليس لديه أي دليل على ذلك، فهو يمنع عنها زيارة الرجال، حتى أشقائها والأقارب المحارم من الرجال، ومع كل هذا يشك بأن ابنته الكبرى ليست ابنته، ويطلب من هذه الابنة التي لا يتجاوز عمرها الخامسة عشرة أن لا تجلس معهم على الطعام ولا تجلس مع بقية أفراد العائلة عند مشاهدة التليفزيون، ودائماً يضطهد هذه الابنة لأنه – حسب شكوكه – يعتقد بأنها ليست ابنته، لذلك دائماً ينعتها بالفاظ قاسية وأنها لا تُشبهه لأنها ليست ابنته.
تصوروا هذه الطفلة الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الخامسة عشرة وهي تسمع من والدها الذي يُفترض أن يكون هو من يُخفّف عنها المشاكل التي تواجهها في مراهقتها.
كانت حياة الأسرة أجمع جحيماً لا يُطاق، فالزوجة التي يُمطرها زوجها بوابلٍ من الاتهامات كل يوم عن خيانتها له ويمنع عنها المصروف، برغم أن دخله الشهري جيد، ولكن لا يُعطي الزوجة والأطفال أي مبلغ مالي. هذا التصّرف جعل الزوجة تطلب علاج زوجها من الاضطراب المرضي الذي يُعاني منه. فعلاً تم إدخاله إلى احدى المصحات المتخصصة في علاج الاضطرابات النفسية، لكن عائلته أخرجته من المصح ليعود مرةً آخرى ليُعذّب زوجته وأبناءه الضعاف.
وعندما أصبح شكه لا يُطاق طلقّ زوجته وطردها من المنزل، ونظراً لأن الزوجة فقيرة وليس لها أي مُعين وعائلتها تُعاني الفاقة الشديدة، فقد اضطرت لأن تستجدي بعض المحسنين وأستأجرت منزلاً بسيطاً دفع لها القسط الأول أحد المحسنين ولكن لم تجد ما تفرش به منزلها، هي وأطفالها، وساعدها بعض الأقارب بفرشٍ مستخدم لتفرش به المنزل الصغير القديم الذي أستأجرته. وبعد فترة اعتذر المحسن الذي تبرع لها بنصف الإيجار، بأنه لا يستطيع أن يدفع لها القسط الثاني من الايجار، ووجدت نفسها في وضعٍ لا تعرف ماذا تصنع في أولادها ونفسها من دون أي معين. وتم تحويلها إلى الشؤون الاجتماعية الذين قاموا بصرف مبلغ 2000 ريال شهرياً مصاريف لها ولأولادها الذين لا يكفيهم خبزاً، فضلاً عن أن لا أثاث في منزلها وليس للأولاد ملابس ومصاريف للمدرسة. أضطرت أخيراً أن تطلب من أقارب لها أن يقُنعوا زوجها بإرجاعها إلى عصمته مرةً أخرى!. كانت كالمسُتغيث من الرمضاء بالنارِ. كانت تعرف بأن الحياة مع زوجها أمرٌ في غاية الصعوبة. وافق الزوج على أن يُعيدها بشروطٍ قاسية. في أول قائمة الشروط التي قبل أن يُعيد الزوج زوجته؛ هي أن تقطع علاقتها بجميع أفراد عائلتها؛ والدها ووالدتها واشقائها وشقيقاتها، وكذلك جيرانها، أخبرت الجميع بأنها لا تُريد أن يزورها أحد أو أن تزور أحداً. وعندما علم أنها تقبض المعونة الشهرية من الشؤون الاجتماعية منع عنها أي مبلغ، وأكتفى بأن يسمح لزوجته وأولاده بالسكن معه في منزله أما أي مصاريف فقد رفع يده عن أي مسؤولية مادية في المنزل. تحاول أن تخبره الزوجة بأن الألفي ريال لا تكفي للغذاء والملابس لجميع من في المنزل، لكنه يمتنع عن دفع أي مبلغ إضافة لما تتقضاه من الشؤون الاجتماعية.
هذه المرأة وابنتها التي يرفض والدها أن يُعاملها معاملة حسنة، أصبحتا مريضتين نفسياً؛ مريضتين بالاكتئاب ويتناولان الأدوية المضادة للاكتئاب!. هاتان المرأتان كانتا في غنى عن الوصول إلى حالة المرض النفسي لو أن الرجل الذي يسّير أمور حياتهما عاملهما معاملة حسنة، وربما لو أن أهل الزوج تركوه كي يتعالج من اضطرابه النفسي، الذي قلب حياة أسرته رأساً على عقب، وجعل زوجته وابنته تُصبحان مريضتين نفسيتين.
***********
حالة هذه المرأة ليست هي الاستثناء فمثل هذه المرأة نساء كثيرات يُعانين من الاضطرابات النفسية بسبب معاناتهن من قِبل رجال، سواء كانوا أباء أو أخوة أو أقارب أو ازواج. سيدة في العقد الثالث من العمر كانت تُعاني من زوجها المدمن على الكحول. كان هذا الزوج في كل مساء يحضر إلى منزله مجموعة من زملائه ليشربوا الخمر ويسكرون وهم بالطبع معهم. كانت هذه السيدة تُعاني من خوفٍ شديد هي وبناتها الثلاث اللاتي كنّ يتجمدن من الخوف بسبب عدم قدرتهن على تفّهم ما الذي يحدث لوالدهن و هؤلاء الرجال من سلوكيات غريبة!. هذه السيدة و بناتها أردن الخروج من دواّمة هذا الخوف اليومي إلى الذهاب عند أهلها – أهل الزوجة – ولكن عندما ذهبت الزوجة وبناتها إلى منزل أهل الزوجة، بدأت عائلتها بمعاملتها بشك وريبة وأي سلوك يُفسّر على أنه سلوك مُريب، وبدأ الأهل يُشددون على ابنتهم في خروجها ودخولها، ما جعل المرأة التي هربت من زوجها بسبب تعاطيه الكحول والخوف على بناتها من الأشخاص الذين يسهرون مع زوجها، تعود إلى زوجها مرةً آخرى ليشملها المثل القائل "نارك ولا جنة أهلي". تعامل أهل هذه السيدة معها جعلها تعود مرةً أخرى إلى نار زوجها ولا جنة أهلها. هذه السيدة أصبحت أيضاً مريضة نفسية بالاكتئاب وتتناول الأدوية المضادة للاكتئاب، ولا أحد يعلم ماذا سوف يكون مصير بناتها الثلاث!.
***********
سيدة ثالثة من القائمة الطويلة للسيدات اللاتي يذهبن ضحية لمرض الزوج. هذه الزوجة تعمل مُعلمة، ومتزوجة ولديها خمسة أطفال. مشكلة زوجها هي الشكوك المرضية ومع ذلك يرفض العلاج ويدّعي بأنه لا يُعاني من أي مرض أو اضطراب نفسي. يُراقب زوجته في كل حركة من تحركاتها. يضع آلة تسجيل في كل مكانٍ في المنزل. وإذا كانت مريضة وتغيّبت عن العمل فإنه يشك بأنها فعلت ذلك لأنها تواعد رجلاً لتُقابله في غيابه. يُفاجئها في كل يوم في وقتٍ مختلف لكي يرى مع من تتكلم، يفتش هاتفها المحمول ليرى من اتصل بها وما هي الرسائل التي وصلتها ويقرأ كل ما في هاتفها من رسائل؛ سواءً كانت الرسائل المرسلة أو الرسائل التى تصل لها. يشك أحياناً في أسماء صديقاتها اللاتي تسجّلها الزوجة وتُخزنّها في هاتفها المحمول. مرات كثيرة يتهمها الزوج بأنها تخونه مع أشخاص لا يعرف من هم!. في مرةٍ اتهمها بخيانته وأعتدى عليها بالضرب فما كان منها إلا أن تركت المنزل وذهبت إلى منزل أهلها الذين غضبوا كثيراً لما يقوله الزوج عن ابنتهم ورفضوا أن تعود إليه مرةً آخرى إلا بعد أن تعهّد بألا يعود لمثل هذه الاتهامات لابنتهم. لكن الأمر كان أكثر من عادةٍ أو أمر طارئ، الأمر كان مرضاً نفسياً، لذا سرُعان ماعاد الزوج إلى سلوكه من الشك المرضي بزوجته وعادت الزوجة للمعاناة ولا تُريد أن تُنهي حياتها الزوجية – برغم العذاب الذي تعيشه جراّء شكوك الزوج المرضي – وتهدم بيتها وهناك خمسة أطفال بينهما، ربما سيضيعون لو انفصلت عن والدهم..!
***********
هذه عينات من حياة نساء كثيرات يُعانين من جراّء اضطرابات نفسية لرجالٍ مسؤولين عنهم، سواء كان هؤلاء الرجال، آباء أو أخوة أو أزواجاً، ويرفضون الذهاب للعيادة النفسية نظراً لأنهم لا يعترفون بأنهم يُعانون من أي اضطرابات نفسية وتبقى المرأة وربما الأطفال يعانون من نتاج سلوكيات هؤلاء الاشخاص الذين يُعطيهم المجتمع الحق في التحّكم في مصير هذه العائلات. إننا بحاجة إلى أن نُدرك مدى المعاناة التي تعُاني منها المرأة وربما كذلك الأطفال ولا يجدون من يساعدهم على الخروج من هذه الدواّمة التي يعيشونها.. وربما بقوا سنواتٍ طويلة فيها ولا تلوح بارقة أمل في الخروج من هذه الدواّمة.كثيراً ما تكون المرأة عرضة لاضطرابات نفسية تفاعلية نتيجة تعرضها لسوء معاملة من قِبل الرجال في حياتها. وتعاني المرأة في كل مكان من العالم من تسلّط الرجال عليها، سواء كان هؤلاء الرجال، آباء، أخوة أو أزواجاً، والأزواج أكثر الاشخاص الذكور الذين تُعاني منهم المرأة من سوء المعاملة، نظراً للعلاقة المعُقّدة التي تربط المرأة والرجل بعقد الزواج.
وتعاني المرأة الزوجة كثيراً من سوء سلوك الزوج معها، لأن بعض الأزواج يعتقد بأنه امتلك المرأة تماماً ويستطيع أن يفعل بها ما يشاء.!
ربما تكون المرأة في مجتمعاتنا العربية أكثر معاناةً نظراً للصعوبات التي تواجه المرأة المطلقة أو المرأة التي ترفض العيش مع زوجها. وتمر عليّ قصص متعددة لعلاقات سيئة بين رجال وزوجاتهم ، تكون المرأة فيه هي الجانب الذي يتألم و يُعاني بشكلٍ كبير، ولكنها لا تستطيع أن تسير بعيداً عن زوجها الذي يتولى أذيتها النفسية.

هناك امرأة كان زوجها يُعاني من اضطراب الضلالات الذُهانية، وهي عبارة عن شكوك مرضية؛ حيث يعتقد الزوج بأن زوجته تخونه، برغم أن ليس لديه أي دليل على ذلك، فهو يمنع عنها زيارة الرجال، حتى أشقائها والأقارب المحارم من الرجال، ومع كل هذا يشك بأن ابنته الكبرى ليست ابنته، ويطلب من هذه الابنة التي لا يتجاوز عمرها الخامسة عشرة أن لا تجلس معهم على الطعام ولا تجلس مع بقية أفراد العائلة عند مشاهدة التليفزيون، ودائماً يضطهد هذه الابنة لأنه – حسب شكوكه – يعتقد بأنها ليست ابنته، لذلك دائماً ينعتها بالفاظ قاسية وأنها لا تُشبهه لأنها ليست ابنته.
تصوروا هذه الطفلة الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الخامسة عشرة وهي تسمع من والدها الذي يُفترض أن يكون هو من يُخفّف عنها المشاكل التي تواجهها في مراهقتها.
كانت حياة الأسرة أجمع جحيماً لا يُطاق، فالزوجة التي يُمطرها زوجها بوابلٍ من الاتهامات كل يوم عن خيانتها له ويمنع عنها المصروف، برغم أن دخله الشهري جيد، ولكن لا يُعطي الزوجة والأطفال أي مبلغ مالي. هذا التصّرف جعل الزوجة تطلب علاج زوجها من الاضطراب المرضي الذي يُعاني منه. فعلاً تم إدخاله إلى احدى المصحات المتخصصة في علاج الاضطرابات النفسية، لكن عائلته أخرجته من المصح ليعود مرةً آخرى ليُعذّب زوجته وأبناءه الضعاف.
وعندما أصبح شكه لا يُطاق طلقّ زوجته وطردها من المنزل، ونظراً لأن الزوجة فقيرة وليس لها أي مُعين وعائلتها تُعاني الفاقة الشديدة، فقد اضطرت لأن تستجدي بعض المحسنين وأستأجرت منزلاً بسيطاً دفع لها القسط الأول أحد المحسنين ولكن لم تجد ما تفرش به منزلها، هي وأطفالها، وساعدها بعض الأقارب بفرشٍ مستخدم لتفرش به المنزل الصغير القديم الذي أستأجرته. وبعد فترة اعتذر المحسن الذي تبرع لها بنصف الإيجار، بأنه لا يستطيع أن يدفع لها القسط الثاني من الايجار، ووجدت نفسها في وضعٍ لا تعرف ماذا تصنع في أولادها ونفسها من دون أي معين. وتم تحويلها إلى الشؤون الاجتماعية الذين قاموا بصرف مبلغ 2000 ريال شهرياً مصاريف لها ولأولادها الذين لا يكفيهم خبزاً، فضلاً عن أن لا أثاث في منزلها وليس للأولاد ملابس ومصاريف للمدرسة. أضطرت أخيراً أن تطلب من أقارب لها أن يقُنعوا زوجها بإرجاعها إلى عصمته مرةً أخرى!. كانت كالمسُتغيث من الرمضاء بالنارِ. كانت تعرف بأن الحياة مع زوجها أمرٌ في غاية الصعوبة. وافق الزوج على أن يُعيدها بشروطٍ قاسية. في أول قائمة الشروط التي قبل أن يُعيد الزوج زوجته؛ هي أن تقطع علاقتها بجميع أفراد عائلتها؛ والدها ووالدتها واشقائها وشقيقاتها، وكذلك جيرانها، أخبرت الجميع بأنها لا تُريد أن يزورها أحد أو أن تزور أحداً. وعندما علم أنها تقبض المعونة الشهرية من الشؤون الاجتماعية منع عنها أي مبلغ، وأكتفى بأن يسمح لزوجته وأولاده بالسكن معه في منزله أما أي مصاريف فقد رفع يده عن أي مسؤولية مادية في المنزل. تحاول أن تخبره الزوجة بأن الألفي ريال لا تكفي للغذاء والملابس لجميع من في المنزل، لكنه يمتنع عن دفع أي مبلغ إضافة لما تتقضاه من الشؤون الاجتماعية.
هذه المرأة وابنتها التي يرفض والدها أن يُعاملها معاملة حسنة، أصبحتا مريضتين نفسياً؛ مريضتين بالاكتئاب ويتناولان الأدوية المضادة للاكتئاب!. هاتان المرأتان كانتا في غنى عن الوصول إلى حالة المرض النفسي لو أن الرجل الذي يسّير أمور حياتهما عاملهما معاملة حسنة، وربما لو أن أهل الزوج تركوه كي يتعالج من اضطرابه النفسي، الذي قلب حياة أسرته رأساً على عقب، وجعل زوجته وابنته تُصبحان مريضتين نفسيتين.
***********
حالة هذه المرأة ليست هي الاستثناء فمثل هذه المرأة نساء كثيرات يُعانين من الاضطرابات النفسية بسبب معاناتهن من قِبل رجال، سواء كانوا أباء أو أخوة أو أقارب أو ازواج. سيدة في العقد الثالث من العمر كانت تُعاني من زوجها المدمن على الكحول. كان هذا الزوج في كل مساء يحضر إلى منزله مجموعة من زملائه ليشربوا الخمر ويسكرون وهم بالطبع معهم. كانت هذه السيدة تُعاني من خوفٍ شديد هي وبناتها الثلاث اللاتي كنّ يتجمدن من الخوف بسبب عدم قدرتهن على تفّهم ما الذي يحدث لوالدهن و هؤلاء الرجال من سلوكيات غريبة!. هذه السيدة و بناتها أردن الخروج من دواّمة هذا الخوف اليومي إلى الذهاب عند أهلها – أهل الزوجة – ولكن عندما ذهبت الزوجة وبناتها إلى منزل أهل الزوجة، بدأت عائلتها بمعاملتها بشك وريبة وأي سلوك يُفسّر على أنه سلوك مُريب، وبدأ الأهل يُشددون على ابنتهم في خروجها ودخولها، ما جعل المرأة التي هربت من زوجها بسبب تعاطيه الكحول والخوف على بناتها من الأشخاص الذين يسهرون مع زوجها، تعود إلى زوجها مرةً آخرى ليشملها المثل القائل "نارك ولا جنة أهلي". تعامل أهل هذه السيدة معها جعلها تعود مرةً أخرى إلى نار زوجها ولا جنة أهلها. هذه السيدة أصبحت أيضاً مريضة نفسية بالاكتئاب وتتناول الأدوية المضادة للاكتئاب، ولا أحد يعلم ماذا سوف يكون مصير بناتها الثلاث!.
***********
سيدة ثالثة من القائمة الطويلة للسيدات اللاتي يذهبن ضحية لمرض الزوج. هذه الزوجة تعمل مُعلمة، ومتزوجة ولديها خمسة أطفال. مشكلة زوجها هي الشكوك المرضية ومع ذلك يرفض العلاج ويدّعي بأنه لا يُعاني من أي مرض أو اضطراب نفسي. يُراقب زوجته في كل حركة من تحركاتها. يضع آلة تسجيل في كل مكانٍ في المنزل. وإذا كانت مريضة وتغيّبت عن العمل فإنه يشك بأنها فعلت ذلك لأنها تواعد رجلاً لتُقابله في غيابه. يُفاجئها في كل يوم في وقتٍ مختلف لكي يرى مع من تتكلم، يفتش هاتفها المحمول ليرى من اتصل بها وما هي الرسائل التي وصلتها ويقرأ كل ما في هاتفها من رسائل؛ سواءً كانت الرسائل المرسلة أو الرسائل التى تصل لها. يشك أحياناً في أسماء صديقاتها اللاتي تسجّلها الزوجة وتُخزنّها في هاتفها المحمول. مرات كثيرة يتهمها الزوج بأنها تخونه مع أشخاص لا يعرف من هم!. في مرةٍ اتهمها بخيانته وأعتدى عليها بالضرب فما كان منها إلا أن تركت المنزل وذهبت إلى منزل أهلها الذين غضبوا كثيراً لما يقوله الزوج عن ابنتهم ورفضوا أن تعود إليه مرةً آخرى إلا بعد أن تعهّد بألا يعود لمثل هذه الاتهامات لابنتهم. لكن الأمر كان أكثر من عادةٍ أو أمر طارئ، الأمر كان مرضاً نفسياً، لذا سرُعان ماعاد الزوج إلى سلوكه من الشك المرضي بزوجته وعادت الزوجة للمعاناة ولا تُريد أن تُنهي حياتها الزوجية – برغم العذاب الذي تعيشه جراّء شكوك الزوج المرضي – وتهدم بيتها وهناك خمسة أطفال بينهما، ربما سيضيعون لو انفصلت عن والدهم..!
***********
هذه عينات من حياة نساء كثيرات يُعانين من جراّء اضطرابات نفسية لرجالٍ مسؤولين عنهم، سواء كان هؤلاء الرجال، آباء أو أخوة أو أزواجاً، ويرفضون الذهاب للعيادة النفسية نظراً لأنهم لا يعترفون بأنهم يُعانون من أي اضطرابات نفسية وتبقى المرأة وربما الأطفال يعانون من نتاج سلوكيات هؤلاء الاشخاص الذين يُعطيهم المجتمع الحق في التحّكم في مصير هذه العائلات. إننا بحاجة إلى أن نُدرك مدى المعاناة التي تعُاني منها المرأة وربما كذلك الأطفال ولا يجدون من يساعدهم على الخروج من هذه الدواّمة التي يعيشونها.. وربما بقوا سنواتٍ طويلة فيها ولا تلوح بارقة أمل في الخروج من هذه الدواّمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.