يترقب الأردنيون تبعات تنفيذ الحكومة قرارها برفع أسعار الكهرباء في منتصف أغسطس القادم وسط مواقف مختلفة للحراك الشعبي (المعارضة) بين داع للتوعية وآخر لبناء جبهة شعبية تراكمية مناوئة للقرار . وتبرر الحكومة الأردنية قرار الرفع، بالرغبة في معالجة ديون وخسائر شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) ووقف نزيفها مع العام 2017، والذي يتوقع أن تبلغ ديون الشركة حينها -مع تنفيذ قرار الرفع- ما يعادل 5.5 مليار دينار (7.75 مليار دولار) أما إذا لم يتم رفع الاسعار ستبلغ الخسائر 7.5 مليار دينار (10.6 مليار دولار) حتى العام 2017 وهي قيمة تعادل موازنة الدولة للعام الحالي . ومهدت الحكومة لهذا القرار، عبر الدخول في حملة علاقات عامة لتسويقه، لكن الخطوة الأهم كانت في الدخول في مواجهة مع مجلس النواب ونيل موافقته على موازنة العام للسنة المالية 2013 المتضمنة للرفع في جلسة كان فيها التصويت على الموازنة مثيراً للجدل لكنه حاز على أغلبية 55 نائبا من أصل 83 . وللقرار آثار يحذر منها الخبير الاقتصادي حسام عايش بقوله إن القرار “,”سيزيد من ارتفاع كلفة المعيشة ويؤدي إلى زيادة معدل التضخم وإلى اضطرابات في أسعار السلع والخدمات في السوق؛ ما يؤدي حكما إلى انخفاض مستوى معيشة المواطن “,”. ويضيف أن “,”ارتفاع الكلف وتراجع القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار، تعني بداية اضطرابات اجتماعية قد تكون لها أهداف سياسية؛ الأمر الذي سيعقد المشهد الاجتماعي والسياسي، وبالتالي فإن رفع أسعار الكهرباء في هذا الوقت سيكون له نتائج خطيرة إذا لم يصاحب ذلك إصلاح اقتصادي حقيقي وانفتاح سياسي أكبر مما هو قائم الآن “,”. وإزاء هذا الرفع تجد الحكومة الأردنية نفسها أمام “,”ورطة“,”- على حد وصف نشطاء- يرون أن التحدي أمامهم ليس إسقاط الحكومة الذي هو “,”آخر ما يريدونه“,”، بل استبدالها ب“,”توعية الشارع “,”. قرار الرفع عادة يعيد إلى أذهان الاردنيين أحداث دوار الداخلية (وسط العاصمة) الذي شهد “,”هبة تشرين“,” التي أطلقها الحراك الشبابي الأردني حينها في العاصمة عمّان، في 14 تشرين الثاني / نوفمبر 2012، عقب القرار الحكومي برفع الدعم عن المحروقات ورفع الأسعار للسلع الرئيسية بمعدلات غير مسبوقة . تصريحات الناطق الإعلامي باسم حراك ذيبان (بمحافظة مادبا وسط الأردن) محمد الهواوشة، لا يعتقد أن الحراك الشعبي “,”سيثور على رفع أسعار الكهرباء أو أنه سيغضب كما غضب من قبل“,”؛ ما سيبعث الطمأنينة في صدر الحكومة“,”، لكنه يتفق مع حراكيين (نشطاء معارضين) في أن إصرار الحكومة على رفع أسعار الكهرباء “,”يعد دليلاً دامغاً على غياب الخطط الاستراتيجية “,”. محمد الهواوشة، الذي فقد شقيقه الناشط الحراكي في ذيبان عدنان الهواوشة، إحدى عينيه، نتيجة اعتداء من أحد مؤيدي النظام في ذيبان قبل نحو عام، يقول : “,”على الحراكيين توعية الرأي العام قبل وإقناعهم بتغوّل الدولة على حقوقهم قبل الذهاب إلى خيار الثورة “,”. ويتابع أن عليهم أيض ً ا “,”التأسيس لحالة شعبية تجبر الدولة على الالتفات لهم وسماع صوتهم . لكن رغم ذلك يعتقد مراقبون أن هناك حالة من القلق لدى الحكومة من قرار الرفع إلى جانب ترقب المواطنين ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، خصوصا وأن القرار يأتي بعد أيام من رفع قيمة الضرائب على أجهزة الهواتف المحمولة بنسبة 16% وعلى خدماتها بنسبة 24 %. فبالنسبة لمنسق التيار التقدمي الأردني خالد رمضان الذي لا يلتفت كثيراً لمبررات الحكومة، يرى أنه “,”حتماً، سترتفع نسبة الاحتقان في الشارع الذي لا يرى من الضروري أن يكون يوم القرار يوماً للهبة الشعبية الحقيقية، لا بل إن الحراك الشعبي مسار وسياق وعمل تراكمي “,”. غير أن عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي الأردني، عمر عواد، يعتقد أن المطلوب لمواجهة النظام يتمثل في “,”خلق شعار سياسي واضح لجمهور الكادحين؛ يتيح المجال لأوسع شريحة شعبية تناضل من أجل انتزاع مساومة تاريخية في مسار الدولة الأردنية، وإن لم يكن بشكل مباشر فنحن نؤمن أن التراكم سيؤدي بالنهاية إلى ما يتوق له الأردنيون من أهداف “,”. في موازاة ذلك رفضت جماعة الإخوان المسلمين ما أسمته ب“,”إصرار الحكومة على سياسة إفقار المواطن“,”؛ معتبرة أن سياسة رفع الأسعار غير المنتهية، تشكل خطورة كبيرة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية بين أفراد المجتمع الأردني، ومبينة خطر ذلك غير المباشر وانعكاساته على تكاليف العلاج والتربية والتعليم والصناعة والتجارة والغذاء . الأناضول Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA