بورسعيد تزيل 9 مزارع سمكية ومزرعة دواجن مخالفة ضمن المرحلة الثانية من الموجة 26 للتعديات    تصريحات ترامب تحبط الأسواق مجددا.. النفط يرتفع والأسهم تنخفض    محافظ الدقهلية يشارك في جلسة استماع بيئية لمشروع محطة معالجة بهوت: 54 مليون يورو لتحسين الصرف    بنك قناة السويس يحصد جائزة "الأفضل ابتكارًا في التمويل التجاري بمصر لعام 2025" من مجلة MEA Finance    إيران: مقتل عدد كبير من ضباط الاستخبارات الإسرائيليين في الهجوم الصاروخي للحرس الثوري    جولة مشاورات سياسية بين مصر وهولندا فى لاهاى    وزير الخارجية الإيراني يحذر من تسبب إسرائيل في حرب كبرى    أحمد بلال: لدي تحفظ على طريقة لعب ريبيرو.. والأهلي لن يجاري بالميراس    ضربة قاسية لفريق الوداد المغربي.. هذا اللاعب خارج مواجهة مانشستر سيتي    اعتماد نتيجة الشهادة الابتدائية الأزهرية بنسبة نجاح 80.05% بجنوب سيناء    "بحضور السفير الهندى "محافظ أسيوط ورئيس الجامعة يشهدان انطلاق ورشة عمل احتفالًا باليوم العالمي لليوجا    مهرجان الإسكندرية الدولي للفيلم القصير يواصل فعالياته بعرض مجموعة من أفلام    إليسا تحتفى بفسخ تعاقدها مع شركة وترى وتستعد لحفل غنائى فى يوليو    "الصحة": انطلاق ورشة عمل حول التقييم المالي وإعداد دراسات الجدوى للمشروعات الصحية    محافظ المنوفية يتابع أعمال تطوير مدخل شبين الكوم والممشى الجديد    رصاصة غدر بسبب الزيت المستعمل.. حبس المتهم بقتل شريكه في الفيوم    قرار مهم من "التعليم" بشأن سداد مصروفات الصفوف الأولى للعام الدراسي 2026    رئيسة «القومي للبحوث»: التصدي لظاهرة العنف الأسري ضرورة وطنية | فيديو    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    بعد تعرضهم لحادث.. صور مراقبي الثانوية العامة داخل المستشفى بقنا    في أقل من شهر.. «المشروع X» يفرض نفسه في شباك التذاكر    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    ضبط "عامل توصيل طلبات" لقيامه بالتحرش بطالبة بالقاهرة    الرئيس الإسرائيلي يعلّق على فكرة اغتيال خامنئي: القرار بيد السلطة التنفيذية    النواب يوافق نهائيا على الموازنة العامة 2025l2026 بإجمالى 6.7تريليون جنيه    تخصيص بالأسبقية.. مواعيد الحجز الإلكتروني لشقق صبا بأرقام العمارات    أحمد فتحي ضيف برنامج "فضفضت أوي" على Watch It    نور عمرو دياب تثير الجدل بتصريحاتها الأخيرة: "أنا بنت شيرين رضا" (فيديو)    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    ضربة قوية لمنتخب السعودية قبل مباراة أمريكا بالكأس الذهبية    محافظ المنيا يُكرم مديرة مستشفى الرمد ويُوجه بصرف حافز إثابة للعاملين    ماذا يحدث لجسمك عند التعرض لأشعة الشمس وقت الذروة؟    طريقة عمل طاجن اللحمة في الفرن    عرض غنوة الليل والسكين والمدسوس في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    السجن المشدد 3 سنوات لمتهم لحيازته وتعاطيه المخدرات بالسلام    تراجع كبير بإيرادات أفلام العيد والمشروع x في الصدارة    السفارة الصينية في إيران تحث رعاياها على مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    بينها «شمس الزناتي».. أول تعليق من عادل إمام على إعادة تقديم أفلامه    أستاذ هندسة بترول: هناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها من إيران أو إسرائيل    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    "ليست حربنا".. تحركات بالكونجرس لمنع تدخل أمريكا فى حرب إسرائيل وإيران    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    طلاب الثانوية العامة بالفيوم: "امتحان اللغة الأجنبية الثانية فى مستوى الطالب المتوسط لكن به بعض التركات الصعبة جدا    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    جامعة قناة السويس: تأهيل طبيب المستقبل يبدأ من الفهم الإنساني والتاريخي للمهنة    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    موعد مباراة الهلال ضد ريال مدريد والقنوات الناقلة في كأس العالم للأندية 2025    بعد تلقيه عرضًا من الدوري الأمريكي.. وسام أبوعلى يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن رحيله عن الأهلي    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    بعد قصف مقر التلفزيون الإيراني.. طهران تُحذر من استهداف قناتين إسرائيليتين    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود صلاح يكتب: جلست على مقعد أمير الصحافة!
نشر في البوابة يوم 07 - 12 - 2014

نعم جلست على مقعد أمير الصحافة العربية أربع سنوات كاملة. عملاق وأستاذ شارع الصحافة محمد التابعي. صاحب المدرسة الصحفية المميزة. الذي حول المقال الصحفي من مجرد سطور جامدة تعتمد على السرد الممل والألفاظ الرنانة. إلى كلمات جذابة رشيقة ذات معان عميقة. تجسد تماما ما يسمونه أسلوب "السهل الممتنع".
كنت في دراستي الجامعية للصحافة معجبا بأسلوب الأستاذ محمد التابعي. لكن علاقتي به بدأت يوم وفاته ورحيله عن الحياة!
في أول عملي بدار "أخبار اليوم" فوجئت ذات صباح بأستاذي مصطفى أمين رئيس التحرير. يستدعيني ويبلغني أن أمير الصحافة محمد التابعي قد توفى صباح اليوم، ويطلب منى كتابة تحقيق صحفي عنه.
أسرعت بالذهاب إلى منزل الراحل محمد التابعي في شارع ابن زنكي بحي الزمالك. وهناك التقيت بأرملته السيدة هدى التابعي. التي روت لي بدموعها قصة حياتها مع أمير الصحافة. ورحلته مع المرض والآلام حتى النهاية.
كان أمير الصحافة محمد التابعي صاحب مدرسة صحفية مستقلة وكان رائدا للغة البسيطة المتخففة من أثقال المجاز والقاموس اللغوي الكلاسيكي الرصين. ومارس معظم فنون العمل الصحفي. من الخبر إلى التحقيق والقصة الصحفية. إلى المقال السياسي والمقال النقدي الفني بل وكتب في الرياضة والحب والحياة.
ولد محمد التابعي في 18 مايو في عام 1896 في خليج الجميل ببورسعيد. وتوفى والده وهو في السابعة من عمره. وانتقلت عائلته إلى حي المنيرة بالقاهرة. والتحق التلميذ محمد التابعي بمدرسة السيدة زينب. وفيها تعرف إلى صديق عمره الكاتب الصحفي الكبير فيما بعد فكرى أباظة.
وانتقل التابعي إلى المدرسة العباسية الثانوية. التي تخرج منها ليلتحق بكلية الحقوق. التي تفوق فيها وحصل على ليسانس الحقوق. ليرشحه صديقه سليمان نجيب للعمل في قسم الترجمة في مجلس النواب المصري.
وفى عام 1921 كتب التابعي مقالا باللغة الإنجليزية في جريدة "الديلى ميل"، انتقد فيه أعمال الموظفين الإنجليز الذين يستنزفون أموال الدولة دون عمل. وكان ذلك المقال البداية الحقيقية الصحفية للتابعي.
وفى سنة 1920 عمل مع عبدالمجيد حلمي في جريدة "المسرح" ثم في جريدة "الأهرام" وكان يوقع مقالاته باسم "حندس" لأنه كان في وظيفته الحكومية. ثم قرر التفرغ للصحافة وفى عام 1925.. كانت نقطة التحول الكبيرة في حياته. عندما طلبته السيدة روز اليوسف للعمل معها في مجلتها ناقدا فنيا. ثم شجعته روز اليوسف على دخول معترك الكتابة السياسية.
وهنا بدأ محمد التابعي يكتب سلسلة عنيفة من المقالات ضد الفساد السىاسى في مصر. وفى سنة 1927 نشر عدة مقالات. انتقد فيها العائلة المالكة تحت عنوان "ملك تحت ستار الظلام"، وكانت النتيجة أنه حوكم بتهمة العيب في الذات الملكية. وحكم عليه بالحبس ستة أشهر لكن الحكم أوقف مع غرامة خمسين جنيها دفعها له الفنان يوسف وهبي.
وأصدر التابع مجلة "الكرباج" التي غير اسمها إلى "آخر ساعة". وأصبحت واحدة من أكبر الصحف والمجلات توزيعا وانتشارا. وفى سنة 1934 تعرض لأزمة صحية. فباع "آخر ساعة" لعلى ومصطفى أمين. ليتفرغ للكتابة في صحف الدار ومجلاتها.
وكان التابعي قد أنشأ معه محمود أبو الفتح وكريم ثابت جريدة "المصري" عام 1926. ثم باع نصيبه فيها لمصطفى باشا النحاس. وفى أوائل الخمسينات كان التابعي يحصل على أعلى مرتب صحفي في مصر وهو 7 آلاف جنيه. وقضى معظم شبابه مضربا عن الزواج. لكنه تزوج من الفنانة زوزو حمدي الحكيم ولم ينجب منها. وفى عام 1951 تزوج من السيدة هدى التابعي. وأنجب منها شريفة ومحمد.
كانت الصحافة هي حياة محمد التابعي.. ولم يكتف بنقل الأخبار. بل كان هو نفسه الخبر. فقد كان يحصل على أخباره من كبار الساسة والمسئولين بل والملوك الأمراء. الذين أصبح معظمهم من أصدقائه!
وكتب التابعي عدة مؤلفات شهيرة منها "نساء في حياتي" و"أسرار الساسة والسياسة" و" بعض من عرفت " و"ليلة غاب عنها الشيطان" وقصة "حياة أحمد حسنين".
وكان التابعي من أشهر الرجال أناقة في عصره. وكان يعيش حياة مترفة. وينزل في أجنحة الملوك في فنادق البلاد التي يسافر إليها. وكان أميرا للعشاق كما كان أميرا للصحافة. وقصة الحب بينه وبين الراحلة أسمهان معروفة وقد كتبها بنفسه. كما اكتشفت شخصيا ومن خلال بعض أوراقه الخاصة. أنه كانت هناك قصة حب مجهولة بينه وبين أم كلثوم.
وبعد سنوات من وفاة محمد التابعي حدث أن سافرت إلى مدينة استانبول في تركيا في مهمة صحفية ونزلت في فندق قديم مطل على خليج البوسفور، ومن اللحظة الأولى لدخولي غرفتي في الفندق كان يجتاحني شعور غامض غريب لم أعرف له سببا. وبعد أيام دخل إلى غرفتي نادل تركي عجوز. ما أن عرف أنني صحفي حتى أخبرني أنه يعمل في الفندق منذ أكثر من خمسين عاما. وأنه تعرف على صحفي مصري عظيم. كان قد تعود على النزول في هذا الفندق. وفى الغرفة التي كنت فيها بالتحديد. وعندما سألته عن شخصية هذا الصحفي.
قال لي النادل التركي العجوز: كان اسمه محمد التابعي!
وساعتها عرفت سر شعوري الغامض الغريب بمجرد أن دخلت هذه الحجرة!
ثم شاء قدري بعد سنوات أن أكلف برئاسة تحرير مجلة "آخر ساعة". هكذا وجدت نفسي أدخل مكتب أمير الصحافة وأجلس على المقعد الذي جلس عليه لسنوات. في مكتبه الذي صنع فيه بقلمه أمجاد مجلة "آخر ساعة" الصحفية!
وبعد أسبوع فوجئت بمكالمة تليفونية من السيدة هدى التابعي أرملة أمير الصحافة. وفوجئت بها لا تزال تذكر ما كتبته منذ سنوات طويلة عن وفاة التابعي.
وكانت سعادتى ومفاجأتى عظيمة عندما فوجئت بالسيدة هدى التابعى ترسل لى أكواما في من أوراق أمير الصحافة وبخط يده. ما نشر منها وما لم ينشر من قبل. وهالنى هذا الكنز الصحفى. فقد وجدت فيه على سبيل المثال بعض مذكرات التابعى السياسية. ووجدت فيه مجموعة رسائل نادرة متبادلة بىن محمد التابعى وأسمهان ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ. ووجدت فيه الخطابات المتبادلة بين التابعى وأم كلثوم.
وحملت نماذج من هذه الأوراق إلى أستاذ الكاتب الصحفى الكبىر محمد حسنين هيكل. فاطلع علي بعضها في ذهول. واقترح علىّ أن أبدأ بنشرها في "آخر ساعة" تحت عنوان "أوراق أمير الصحافة"، ففعلت ذلك. بل وجمعتها في كتاب يحمل نفس العنوان لمحمد التابعى!
ولم تنقطع الصلة بينى وبين السيدة هدى التابعى يوما. وان كانت هذه الصلة تليفونية في معظمها. ولم ألتق بها وجها لوجه إلا بعد سنوات. وربطت بينى وبين ابنته شريفة التابعى صداقة جميلة وأسعدنى أن شريفة التابعى قد خصصت موقعا على الإنترنت يحمل كل شىء عن والدها. الكتب التي أصدرها وكل ما كتب عنه. وصورا ناردة لمراحل حياته المختلفة.
لقد عاش محمد التابعى أميرا للصحافة. ومات أميرا لها. وسيظل نفس الأمير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.