شدد المشاركون في ندوة حول المسرح وتشكيل الوعي، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الثالث والثلاثين في ملتقى الأدب، على أهمية دور المسرح في تشكيل وعي الجمهور، وضرورة استمرار المسرح والعروض المسرحة حتى لو حضرها شخص واحد. وأكدوا أن المسرح يساهم بصورة أو بأخرى في بناء الوعي لدى جمهور المشاهدين من خلال مجموعة من المضامين التي تضج بها المسرحيات على تنوعها بين التاريخي والإنساني والحركي والمتخيل. وشارك في الندوة، التي عقدت أمس الأحد الكاتبة والباحثة الدكتورة الكويتية نيرمين الحوطي، والمسرحي والإعلامي الإماراتي مرعي الحليان، والكاتب المسرحي المغربي يوسف فاضل، وأدار الندوة إبراهيم مبارك. من جانبها قالت الدكتورة نيرمين الحوطي، إن المسرح هو أداة عريقة من أدوات صناعة الوعي، فهو وسيلة مباشرة للتخاطب والتفاعل بين الممثل والجمهور منذ الحضارات القديمة وما زال كذلك، وسيبقى بالتأكيد وفق هذا التصور، وهو أبو الفنون. وأوضحت أنه مرآة تعكس واقع المجتمع، وفي نفس الوقت أداة نقدية للمجتمع. وأكدت على أهمية مسرح الطفل والمسرح المدرسي، وكيفية جذب الطفل له، فهو أساس متين في صناعة وتشكيل الوعي منذ المراحل العمرية المبكرة. وأوضحت أن التغيير الذي يحدثه المسرح ومساهمته في تشكيل الوعي لدى الجمهور لا ينتهي بانتهاء العرض المسرحي، بل هو حالة مستمرة. وأضافت أن العرض المسرحي والإعلامي مرعي الحليان، عرض لتجربة ومسيرة المسرح الإماراتي منذ ما قبل ميلاد الدولة، وأخذ الجمهور في رحلة عبر المسرح الإماراتي منذ خمسينات القرن الماضي، وعرج على أهم المحطات في مسيرة المسرح، مؤكدًا على أهمية المسرح ودوره، وأن أبسط وأول الدروس التي تعلمها هو وجيله من المسرحيين، هو أن يستمر العرض المسرحي حتى لو كان الحضور شخصًا واحدًا. وأوضحت أن الحليان عمل مسرحي يعتبر عملًا مركبًا، يبدأ بفكرة لدى الكاتب أو المؤلف تعبر عن وعيه وتصوره، ثم تنتقل إلى مخرج يتفاعل معها ويضيف عليها، ويبني رؤيته الفكرية عليها، ثم تنقل إلى الفنان التشكيلي ومصمم المناظر ليدخل عليها الألوان والتصورات الجديدة الخاصة به وبفهمه للنص والإخراج، من خلال ألوانه وخطوطه ورسوماته، ومن هناك تنطلق الفكرة المجسدة إلى الممثلين الذين يؤدون الأدوار ويستلموا الكلمات والادوار، وهناك أيضًا الإضاءة والفنيين والصوت والعاملين عليه، حيث يتفاعل هؤلاء جميعًا بما لديهم من أضافات وإبداعات ليقدموا للجمهور مادة غنية وخصبة قادرة على التأثير في تشكيل وعيهم، ويتفاعلوا معها بشكل عملي وحيوي. وقالت إن هذا يعني أن العمل المسرحي فعليًا بدأ كفكرة فردية سرعان ما دبت فيها شرارة الوعي من قبل كل شخص شارك في صنع ذلك العمل، إلى أن وصلت لخشبة المسرح ليشاهدها الجمهور، وهنا يتجلى دور المسرح في تشكيل الوعي ضمن عملية مركبة جدًا. وبدوره، تحدث الكاتب المسرحي يوسف فاضل، عن المسرح العربي في المغرب العربي وفي المشرق العربي في المرحلة السابقة من منتصف القرن الماضي والعقود اللاحقة، حيث كان مسرحًا متطورًا، في حين أن اليوم يشهد حالة تراجع كبيرة وملفتة. وتساءل: "هل ما زال المسرح اليوم قادر على تشكيل الوعي، حيث صالات وقاعات المسارح فارغة، لا تشبه تلك التي كانت في الماضي القريب"، مشيرًا إلى أن المسرح يبدو اليوم وكأنه لا يثير فضول أحد، خصوصًا أن غالبية الجمهور هذه الأيام لا تدخل المسارح مطلقًا، لكنه لم ينف التفاؤل في استمرار ألق المسرح ودوره في تشكيل الوعي لدى الجمهور.