أكد تقرير أصدره الائتلاف الوطني السوري على أن مشكلة الأطفال السوريين تتفاقم، خاصة في ظل الوضع السوري المتصاعد، خاصة فيما يتعلق بالحق في التعليم. وسلط التقرير الذي جاء تحت عنوان "الأطفال السوريون يفقدون حق التعلم" الضوء على مأساة الأطفال السوريين الذين شردوا وأصبحوا خارج المدارس، حيث لم تقتصر الأضرار التي تعرض لها أطفال سوريا منذ أكثر من ثلاث سنوات على استشهاد أكثر من 16 ألفا و422 طفلًا منهم حتى الآن، وفقدانهم منازلهم، بل تجاوزتها إلى حرمانهم من التعليم وابتعادهم عن مقاعد الدراسة في بلدهم أولًا التي عمل نظام الأسد فيها على قصف المدارس وتدميرها أو تحويلها إلى ثكنات عسكرية، وفي بلدان اللجوء ثانيًا، التي لم تعد قادرة على استيعاب عدد أكبر من الطلاب اللاجئين. وقال التقرير أنه وفي الوقت الذي تبذل فيه وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني السوري جهدًا كبيرًا لاستيعاب الطلاب، تبدو إمكانياتها المادية المحدودة غير كافية لتلبية الاحتياجات التعليمية المتنامية. ويلفت التقرير إلى تقرير لمنظمة اليونيسيف، والذي أصدرته مؤخرًا، أشارت فيه إلى أن أربع سنوات من النزاع عمقت الانتهاكات لحقوق الطفل في سورية، فقد بات 10.8 مليون شخص بحاجة لدعم إنساني من بينهم 5.8 مليون منهم من الأطفال. وأوضحت المنظمة أن نحو 3 ملايين طفل نزحوا داخل سورية، من بينهم مليون طفل أضحى خارج المدارس، في حين أن مليونًا آخر مهدد بالتسرب من المدراس بسبب انعدام الأمن، بينما يحصل حوالي 255 ألف طفل داخل سورية على تعليم غير رسمي، ويتلقى 50 ألف طفل سوري دعمًا نفسيًا. وكانت المنظمة قد كشفت في تقرير سابق أن نحو مليوني طفل سوري( في سوريا وخارجها) أعمارهم بين سن 6 و15 عاما، أي ما نسبته 40 في المئة من إجمالي السوريين في هذه الفئة العمرية، باتوا خارج المدارس. ويتحدث تقرير اليونسيف عن أن أكثر من ثلاثة آلاف مدرسة تعرضت للتدمير أو لحقت بها أضرار، كما أن حوالى 900 مدرسة أخرى تشغلها عائلات لنازحين هربوا من أعمال العنف. أما فيما يتعلق بأرقام الائتلاف فيقول عبدالرحمن الحاج مستشار التربية في الحكومة السورية الموقتة التابعة للائتلاف الوطني السوري، أن هناك حوالي 5 ملايين طالب تتراوح أعمارهم بين ال6 وال15 سنةً، لا يتلقون تعليمًا مناسبًا. وأشار إلى أن هذه الأعداد تشمل 3.2 إلى 3.5 مليون طفل لا يتلقون تعليمًا على الإطلاق، فيما يحصل الباقون على تعليم في ظروف صعبة للغاية. ويضيف الحاج أن 5 ملايين طالب يتواجدون في المناطق المحررة وكذلك في دول الجوار، ما يعني أن أعدادهم تشمل الاجئين ومن في حكمهم، وأن 20 في المئة ممن يتلقون تعليمًا يقصدون مدارس ميدانية داخل سورية. في حين لا تتعدى هذه المدارس كونها غرفًا متواضعة في منزل ما أو أحد ملاجئ الأبنية. ويلفت التقرير إلى أنه وبعد بدء السنة الرابعة للثورة في سوريا، وتواصل التصعيد مع عدم وجود نهاية لما يجري فيها، تلوح في الأفق مشكلة غياب التعليم، فقد نزح أكثر من 3 مليون نازح، والعديد منهم واجهوا اختيارًا بين البقاء في البلاد أو الفرار منها إلى بر الأمان إلى أجل غير مسمى. وقد اختار أكثر من 2.1 مليون الخيار الثاني، وهم يعيشون الآن في مصر والعراق والأردن وتركيا، وكذلك في لبنان، وأكثر من نصف هؤلاء الاجئين هم من الأطفال. وقبل الثورة، كان معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية في سوريا قد تجاوزت 90 ٪ ولكن التعليم تضرر بشدة، وسط تفكك البنية التحتية الحيوية الأخرى، وخلال العام الدراسي الماضي، تسرب ما يقرب من مليون طفل سوري تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و15 عامًا خارج المدرسة بسبب النزاع والنزوح. وفي حين أن العديد من الأطفال أصبحوا لاجئين، فإن هناك أكثر من نصف مليون طفل - ما زالوا خارج المدارس داخل سورية (وأصبحوا حسب تقرير اليونيسيف الجديد في 2014 مليون طفل). وفي المناطق التي يتواجد فيها مرافق تعليمية، فإن المخاوف الأمنية تجعل الآباء يترددون في إرسال أبنائهم إلى المدرسة في كثير من الأحيان. وهناك أطفال آخرون في الصفوف يجدون أن الضغوط النفسية أثرت سلبًا على قدرتهم على التطور والتعلم. ويؤكد التقرير على أن حرمان المزيد من الأطفال من حقهم في التعليم لا يعرقل نموهم الفكري فحسب، بل إنه يقلل الفرص المتاحة لهم في المستقبل أيضا، وعندما تبدأ سورية بالتعافي يومًا ما، فإنه سيكون طريقًا طويلًا، وسيكون المواطنون المتعلمون هم أكثر ما تحتاجه البلاد لتبدأ طريقها. ويشير التقرير إلى أن نظام الأسد إلى تدمير المدارس السورية في محاولة لتدمير مستقبل أجيال من الأطفال والطلاب، يرى فيهم عدوه القادم، وخاصة في المناطق التي خرجت عن سيطرته، لافته إلى أن نظام الأسد دمر مايقارب على 7300 ألف مدرسة من بينها 2400 مدرسة تعرضت للتدمير بشكل كلي، بالإضافة إلى 2500 مدرسة تستعمل لإيواء الاجئين أو كثكنات عسكرية. واختتم التقرير بالتأكيد على أنه وفي ظل وضع يزداد صعوبة في سورية، تتفاقم مشكلة الأطفال الاجئين الذين هجروا مدارسهم وبحثوا عن فرصة جديدة للحياة والتعلم في البلدان المجاورة.. فرصة قد يكون من الصعب على الحكومة السورية المؤقتة وحدها تأمينها في ظل ضعف التمويل، وعجز البلدان المضيفة عن استيعاب طاب أطفال أكثر، كما تتفاقم المشكلة باستمرار نظام الأسد في استهداف المدارس وقتل الطلاب والأطفال والمدنيين بشكل عام، ويبدو من الضروري بمكان اتخاذ المجتمع الدولي اجراءات ملزمة تجاه نظام الأسد من جهة، وتقديم الدول مساعدات تدعم جهود الحكومة المؤقتة ومنظمة «اليونيسيف» في هذا الإطار.