قضت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عبد الحميد متولى وزكى الدين حسين نائبى رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار محافظ كفر الشيخ السلبى بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر من هذه المحكمة فى الدعوى رقم 16971 لسنة 14 ق تنفيذا صحيحا. كانت المحكمة قضت بإلزام المحافظ بتمكين المدعى على فايق جميل من استلام عمله فى وظيفته القيادية مدير عام إدارة شرق كفر الشيخ التعليمية، استنادا إلى ما انتهت إليه لجنة القيادات بالمحافظة بحسبان أن امتناع المحافظ عن تنفيذ الأحكام القضائية خرق دستوري وجرم جنائي وإثم تأديبي، وأمرت المحافظ بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان وألزمت المحافظ بالمصروفات. ووصفت المحكمة المحافظ بأنه بذلك "يعيش بمعزل عن الدستور وتوجهات الدولة ورئيسها فى اختيار الكفاءات القيادية" ودعت المحكمة رئيس الجمهورية الى محاسبة محافظ كفر الشيخ على ما وصفته "خرقا دستوريا وجرما جنائيا وإثما تأديبيا" فى امتناعه عن تنفيذ الأحكام القضائية. قالت المحكمة إنه سبق لها أن أصدرت حكما لصالح المدعى على فايق جميل بإلزام المحافظ بتمكينه من استلام عمله فى بوظيفته القيادية مدير عام إدارة شرق كفر الشيخ التعليمية، استنادا الى ما انتهت اليه لجنة القيادات وإلى قرار المحافظ ذاته، إلا أن محافظ كفر الشيخ امتنع عن تنفيذ هذا الحكم ولم يحرك ساكنا فى ظل إصرار رئيس الجمهورية على الانتقال الديمقراطى الذى يسعى اليه الشعب ويأمل تحقيقه بقيادته الجديدة، وتأكيد رئيس الجمهورية - تنفيذا لاحكام الدستور الجديد - لرئيس الحكومة بضرورة اختيار اهل الكفاءة فى المناصب القيادية وإجلال السلطة القضائية التى حرص الدستور على إلزام تنفيذ أحكامها، مما يعكس أن محافظ كفر الشيخ يعيش بمعزل عن احكام الدستور وتوجهات الدولة ورئيسها نحو احترام الشرعية وسيادة القانون وعلى قمتها امتناعه عن تنفيذ الاحكام التى تصدر وتنفذ باسم الشعب، الأمر الذى يلقى بظلال كثيفة من الشك حول مصداقية ممثلى النظام على نحو ما كشفت عنه الدعوى فى احترام الدستور دون رادع مما يكون معه لرئيس الجمهورية محاسبة أو مساءلة محافظ كفر الشيخ الممتنع عن تنفيذ الأحكام. وأضافت المحكمة أن وكيل وزارة التربية والتعليم شكل لجنة لتمكين المدعى وتسليمه عمله مديرا عاما لادارة شرق كفر الشيخ التعليمية استنادا لما انتهت اليه لجنة القيادات، ثم خاطب اللواء مدير امن كفر الشيخ من اجل مصاحبة الشرطة للجنة اثناء القيام بعملها لكن السيد مصطفى مرعى عطية القائم بعمل مدير الادارة التعليمية اعترض على تنفيذ الحكم وهو ما يعد جرما تأدبيبا وخروجا منه على مقتضى واجبات وظيفته يتعين معه إحالته للتحقيق يتولاه ممن يكلفه المستشار رئيس هيئة النيابة الادارية نائبا عنه، بل تجمهر عدد من موظفى ادارته طالبين من اللجنة مغادرة المكان وكأن الوظيفة العامة تدار فى غابة لا مجتمع يحترم القانون وكان ذلك تحت بصر هيئة الشرطة التى كان يتعين عليها فرض النظام والشرعية وتحرير المحاضر لمن تسول له نفسه الاعتداء الاثيم على ما للاحكام القضائية من حجية وفقا للدستور والقانون، وما كان لهذا العبث الوظيفى والجرم الجنائى والاثم التأديبى أن يحدث ممن اعترض على تنفيذ الأحكام لو أن محافظ كفر الشيخ قام بواجبات وظيفته كما أناطه بها الدستور والقانون كممثل للسلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس الجمهورية فى فرض سيادة القانون وبادر إلى تنفيذ الحكم الحائز على قوة الامر المقضى به وهو ما لم يقم به. وأكدت المحكمة فى حكمها المستنير أنه قد بات مسلما بعد ثورتين للشعب فى 25 يناير 2011 و 30 يونيو 2013 انه من مصلحة الوطن ان يحتفظ للسلطة القضائية بمكانة متميزة بين سائر سلطات الدولة وهيئاتها حتى تظل كلمتها هى كلمة الحق وفصل الخطاب، لذا وضعت كافة الشرائع قاعدة تعلو على كافة القواعد القانونية وتسمو عليها هى قاعدة "حجية الامر المقضى" وتعنى أن ما قال به الحكم القضائى عنوان للحقيقة وهو أصل من الاصول القانونية تمليه الطمأنينة العامة وتقضى به ضرورة استقرار الحقوق والروابط الاجتماعية، وان امتناع كبار المسئولين عن تنفيذ الاحكام القضائية مثل محافظ كفر الشيخ يعد عدوانا صارخا على الدستور الذى أنشأ القضاء ورتب اختصاصاته واناط بمجلس الدولة وحده حق الرقابة على القرارات الادارية، وامتهانا لحقوق الانسان التى لا يصونها الا قضاء مستقل، ونيلا من حجية الاحكام السامقة منزلة العالية مكانة وبهذه المثابة فإنه من المصلحة العليا للبلاد ان تخضع الحكومة وممثلوها وهيئاتها لأحكام القضاء حتى تظل سيادة القانون إحدى القيم الكبرى التى تحكم مسيرة المجتمع نحو التقدم والتطور فى نظامها الحاكم الجديد. واختتمت المحكمة حكمها بقولها إن امتناع محافظ كفر الشيخ عن تنفيذ الاحكام القضائية يشكل قرارا سلبيا مشوبا بعيب جسيم ومعتورا بعوار مشين وموصوما بالتطاول والافتئات على ما هو ثابت للاحكام من حجية مطلقة على الكافة واجب إجراء مقتضاها مما يمثل امتناعه خرقا دستوريا وجرما جنائيا واثما تأديبيا لانه يحرم المدعى من أخص حقوقه الدستورية فى العمل على أساس الكفاءة دون محاباة او وساطة وعلى الرغم من أن الوظائف هى تكليف للقائمين بها لخدمة الشعب وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم مما يجعل نصوص الدستور حبرا على ورق بفعل من تغافل عن هذه الاهداف .