"فن الأبرو" ليس فنًا تقليديًا شكليًا، بل هو فن أصيل يرتبط بجذور إسلامية متينة له أسلوبه المتميز وطريقته الخاصة به، إنه يتحلى بالروح والمعنى التي تكمن في لب الحضارة الإسلامية. وتعني كلمة "الأبرو" عند الأتراك، حاجب العين، والورق الملون والمجزّع، أو القماش الملون بألوان مختلفة بشكل مموج يشبه حاجب العين، أو ألوان حجر الرخام، كما تأتي في التركية بمعنى الورق أو القماش الملون الذي يستخدم في تغليف الكتب والدفاتر، عمل الأبرو فيه لمسات فنية جمالية رائعة، ويحتاج إلى صبر وتأنٍ، وقد يتميز هذا الفن بعدم تكرار نماذجه أو بعدم تقليده، ولصنع الأبرو يحتاج ال"أبروزَن" أي صانع الأبرو، إلى ورق يمتص الصبغات وإلى حوض على شكل مربع، فيقوم الفنان بخلط مادة بيضاء صمغية تسمى "كِتْرَه" بمقادير معينة مع الماء، وبعدها تفرغ الصبغات المجهَّزة على وجه الحوض المليء بال"كتره"، ثم تحرك البقع الموجودة على سطح الماء بالفرشاة التي يتكون رأسها من شعر ذيل الحصان أو من إبرة بأشكال متعددة، ونتيجةً لذلك تظهر أشكال مبهرة رائعة، وبعد ذلك توضع الورقة الخاصة على سطح هذه الأشكال ثم تُمسك من الأطراف وترفع ثم تقلب دون هز أو تحريك، وعندها تتشكل النماذج وبألوان زاهية وجميلة. لقد أخذت رسوم الأبرو في القرن السادس عشر مكانة مرموقة بين الأمتعة الثمينة في الغرب، بعد قيام السياح الأجانب برحلات إلى الأراضي العثمانية التي بلغت آنذاك أوج ازدهارها في الفن والثقافة والعلم والتكنولوجيا، وسرعان ما تحول هذا الفن عند الأوروبيين في القرن الثامن عشر إلى مُوضة لا يستغني عنها، وطبعت رسومات الأبرو على معظم مجلدات الكتب الأوروبية. وقد اعتنى الأتراك بفن الأبرو عناية فائقة ومارسوه مدة طويلة في الخط والتغليف، بيد أن هذا الفن لم يحظ بهوية ذاتية حتى أواخر القرن العشرين، وقد تم استخدامه بادئ الأمر من قبل أقلية من الدراويش المتصوفة لإشباع جانبهم الروحي والمعنوي، وهذا حفظ هويته وساعده على الرقي والازدهار رويدًا رويدا، كما أدى هذا الاهتمام الصوفي إلى إحياء فن الأبرو من جديد، واكتسابه هوية ذاتية مستقلة بين الفنون الإسلامية الأخرى.