«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معضلة الدور السياسي للتيار الصوفي بعد ربيع الثورات العربية 3/1
نشر في البوابة يوم 13 - 01 - 2013

أثر التشابك وصعوبة الفصل بين مكوّنات الخريطة الصوفية في الأقاليم العربية تأثيرا كبيراً في توحد موقف الطرق الصوفية من ثورات الربيع العربي، وممارستها للسياسة بالشكل المباشر، وأيضا في كيفية إعادة دورها في حماية الأمن القومي العربي. فأكثر من خمسين في المائة من الطرق الصوفية المنتشرة في دول المنطقة تربطها أصول ومعتقدات ومشايخ واحدة، وأغلبها انتقل من حدود الدولة الواحدة إلى الإقليم، ثم عبرت حدود الإقليم إلى دول وقارات مختلفة في الظروف الاجتماعية والثقافية والدينية؛ لتتحول من مجرد تيارات إقليمية إلى حركات عابرة للحدود ، ومتشبعة بالتحولات والتغيرات التي أحدثتها الظروف التكنولوجية والسياسية في الدول الجديدة التي تعايشت فيها، لتنقلها إلى دولها الأصلية التي يعيش فيها الأغلبية من مريديها ومحبيها .
وترتب على هذا التشابه الكبير في شكل الحركات الصوفية في الدول العربية تقارب في مواقفها من الثورات سواء في مصر أو ليبيا أو اليمن أو تونس أو سوريا، فأغلبها إلتزم الصمت، ووقف بجانب الأنظمة الحاكمة خصوصاً في بداية انفجار الثورات، بإستثناء القليل منها الذي اقتصر في تأييده للثورات العربية ببيانات فردية لا تعبر عن موقف طرقي واحد لصوفية الدولة، منطبقا ذلك على الحالة المصرية كما حدث فى “,”بيانات الطريقة العزمية“,”، وكذلك الحالة السورية وما صدر عن “,”الطريقة الشاذلية والرفاعية “,”من بيانات. إضافة إلى أن التمدد الإقليمي لتلك الطرق جعلها تتشابه في تحركها البطيء نحو العمل بالسياسة، بل وأغلبها ظل يمارس السياسة من بوابات خلفية، لا في إطار العمل الحزبي المنظم ، والسبب في ذلك أن جميع طرق الإقليم توحدت في أن تكون مستخدمة سياسيا لصالح الأنظمة الحاكمة قبل سقوطها، الأمر الذي قد يجعلها مستقبلا وبعد انفتاح تلك الأنظمة سياسيا تتحول من دور التابع إلى دور الفاعل السياسي، وتتناقل فيما بينها التجربة الصوفية المصرية في ممارسة السياسة على أرض الواقع من حيث خوض الانتخابات وتشكيل أحزاب سياسية تقتصر عضويتها على أبناء التيار فقط، وهذا التناقل والترابط السياسي الذي قد يحدث بين طرق الإقليم العربي مع إجراء إصلاحات في التيار من الداخل وتوظيفه دبلوماسيا بعد استقلاله عن تبعيته للأنظمة الساقطة سيساعد على إعادة تفعيل الدور الصوفي في المنطقة العربية بعد الثورات .
وبناء على ذلك تنقسم الدراسة إلى ثلاثة اجزاء :
أولاً: الخريطة العامة للطرق الصوفية العربية.
ثانياً: الموقف من الثورات والعمل السياسي.
ثالثاً: ملامح مستقبل الطرق الصوفية العربية وسبل تفعيلها بعد الثورات
***
أولاً: الخريطة العامة للطرق الصوفية العربية.
يقدر عدد الطرق الصوفية المنتشرة في الإقليم العربي والتي اقتربت من بعضها البعض بعد ربيع الثورات العربية وصعود التيار السلفي بحوالي280 طريقة صوفية، وهى ذات تأثيرات كبيرة ونفوذ قوي في الحياة العامة، والتي من أهمها وأكثرها تأثيرا على الساحة السياسية المحلية والإقليمية الآن، الطريقة التيجانية في السودان، والرفاعية والعزمية في مصر، والتيجانية والعلوية في الجزائر والمغرب، والبرهانية في تونس والشاذلية في سوريا والسنوسية والعيساوية في ليبيا، والغزالية في اليمن .
وتتوزع الخريطة الصوفية وتتشابك في المنطقة العربية بين دول شبه الجزيرة العربية “,”كاليمن“,” وشمال أفريقيا كمصر والسودان، و في دول المغرب العربي كما هو الحال فى الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وفي شرق أفريقيا كما فى الصومال وفى غرب أفريقيا كما في موريتانيا، وانتشار محدود وحديث في بعض دول الخليج العربي من بينها الكويت والإمارات والبحرين وعلى وجه التحديد “,”للطريقتين القادرية والنقشبندية “,”.
فعلي سبيل المثال تقترب عدد الطرق الصوفية فى مصر من 76 طريقة، تنتشر في محافظات “,”الصعيد“,”، وفي مدن الدلتا، وفي عشوائيات القاهرة الكبرى ، ومن أشهر تلك الطرق فى مصر العزمية والسعدية والرفاعية والنقشبندية والشهاوية والشبراوية .
وقد بلغ عدد الطرق الصوفية في ليبيا حوالى 13 طريقة بعضها قادم من دول المغرب العربي وشبه الجزيرة العربية، والبعض الآخر شديد الحداثة قادم مصر، ينتشرون في 659 زاوية بين شرق ليبيا وغربها وفي طرابلس العاصمة ، وتعد من أشهر هذه الطرق وأكثرها تأثيرا بعد سقوط القذافي الطريقة العيساوية والزروقية والسنوسية .
وفي الجزائر وصل عدد الطرق الصوفية إلى30 طريقة، تنشر في 9 آلاف زاوية تضم حوالي 4 ملايين صوفي وأشهرها الرحمانية والسنوسية والدرقاوية والطيبية والتيجانية والعلاوية، ولهم تأثير في معظم المحافظات الجزائرية وعلى وجه الخصوص في العاصمة ، وللأغلبية دور حيوي وأمني في الأماكن القريبة من الحدود المغربية خصوصا بين مريدي الطريقتين التيجانية والعلوية .
وفيما يتعلق بالسودان يقترب عدد الطرق الصوفية فيها من 40 طريقة، منتشرة وفاعلة في كافة ربوع السودان. وتتميز السودان بوجود مركز ثقل سياسي واجتماعى لكل طريقة حسب كل منطقة جغرافية ، فتتمركز الطريقة السمائية في وسط السودان وغرب أم درمان، وتنتشر الطريقة التيجانية في دارفور وفي شندي والدامر والأبيض والخرطوم وأم درمان، وتتمركز الطريقة الختمية في شرق السودان وشماله والخرطوم بحري وينتشر الأنصار الذين يتزعمهم الصادق المهدي في النيل الأبيض والجزيرة وأم درمان، أما الطريقة القادرية فتوجد في وسط السودان ومنطقة ولاية النيل، أما الطرق الحديثة البرهانية والدندراوية والأدارسة فمنتشرة في أماكن متفرقة بالقرب من الحدود المصرية .
وفيما يتعلق بعدد الطرق الصوفية في اليمن فقد اقترب من 20 طريقة، منتشرة في المنطقة الشرقية في محافظة حضرموت، والمنطقة الغربية في تهامة وفي المنطقة الجنوبية في محافظة عدن وايضا في المناطق الوسطى في محافظة إب وتعز والبيضاء. وكما هو الحال فى أغلب الدول العربية ففى اليمن تجد طرقاً صوفية محلية النشأة، وأخرى وافدة، ومن أشهر الطرق الصوفية محلية النشأة والوليدة من البيئة الداخلية: الأهدلية والجبرتية والعيدروسية. وفيما يتعلق بالطرق الوافدة المنتشرة في اليمن فهي: القادرية والشاذلية والرفاعية والنقشبندية والسهروردية .
وتتميز الخريطة الصوفية لدولة المغرب بأن عدد طرقها يقترب من عدد الطرق الصوفية في الجزائر؛ نظرا للتقارب الشديد بين الطرق الصوفية في الدولتين ، وتنتشر في العاصمة مراكش وفي دمنات وفي إزيلات، وتنتشر بكثرة في الريف الشرقي. ومن أشهر الطرق الممتدة فى المناطق سالفة الذكر: الحنصالية والعلوية والقدورية الكركرية والدرقاوية والقادرية والشاذلية والشعبيون .
ورغم قدم وجمع الطرق الصوفية فى شمال افريقيا بين الطرق الوليدة فيها، والطرق الوافدة، يختلف الحال فى منطقة الخليج إذ تتسم الخريطة الصوفية فيها بالحداثة، وتتوزع في مناطق محدودة في دولة البحرين وفي الإمارات وفي الكويت. واشهر الطرق التي تواجدت في هذه منطقة الخليج: النقشبندية والقادرية والعلوية الحدادية .
ومع ربيع الثورات العربي من المنتظر أن تقوم الطرق الصوفية بدور سياسي واجتماعي، يستدعى توضيح خريطة الطرق الممتدة على المستوى العالمى والمستوى الإقليمي، وعلى وجه الخصوص الطرق التي من المتوقع تطوير نفسها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا،
* الطرق الإقليمية :
رغم اختلاف الطرق الصوفية في تربية مريديها حسب نشأتها وشيخها والبيئة الاجتماعية والإقليمية التي ولدت فيها، إلا أن غالبية الطرق الصوفية الكبيرة استطاعت بفضل رحلات وندوات مشايخها في مختلف الدول العربية وكذلك بسبب انتشار المكاتبات والتسجيلات والفضائيات الصوفية ان تنتقل من دولها التي نشأت فيها وتمددت الى دول عربية أخرى ، لنشر رسالة ومبادئ شيخها، لتتحول من الطابع المحلي إلي الطابع الإقليمي، بل أصبحت الآن هناك طرق تنتشر بمريديها ومحبيها في أكثر من دولة عربية. فنجد الطريقة القادرية التي أسسهها الشيخ عبد القادر الجيلاني 561ه تنتشر في العراق ومصر وشرق أفريقيا وأريتريا وكذلك الطريقة السعدية التي أسسها الشيخ سعد الدين الجباوي 575ه تتمتد عبر بلاد الشام وأيضا تتواجد الطريقة الرفاعية التي تنسب إلى الشيخ أحمد بن علي الرفاعي 578ه في كل من العراق ومصر وغرب آسيا، بينما يتواجد مريدو وأتباع طريقة السادة آل باعلويا التي أسسها الشيخ محمد بن علي باعلوي سنة653ه في اليمن وأندونيسيا وشرق آسيا والحجاز، وكذلك ينتشر اتباع الطريقة الطريقة الشاذلية التي أسسها الشيخ أبي الحسن الشاذلي سنة 656ه في كل من مصر والمغرب العربي واليمن وسوريا والأردن ، ويتواجد أبناء الطريقة العروسية التي أسسها الشيخ أحمد بن عروس 869سنة ه في كل من تونس وليبيا، ويتواجد مريدو واتباع الطريقة الخلوتية التي أسسها الشيخ محمد بن أحمد بن محمد كريم الدين الخلوتي سنة 986ه في مصر وتركيا وفلسطين والأردن، يتوزع أتباع الطريقة التيجانية التي أسسها الشيخ أبو العباس أحمد التيجاني سنة 1230ه في أماكن متعددة في قارة أفريقيا سواء في المغرب أو السنغال وكذلك في غرب وشرق أفريقيا والجزائر، ويتوزع مريدو الطريقة الإدريسية التي أسسها الشيخ أحمد بن إدريس الفاسي سنة 1253ه في السودان والصومال واليمن، وينتشر مشايخ واتباع الطريقة الختمية التي أسسها الشيخ محمد عثمان الميرغني الختم سنة 1267ه في السودان وأريتريا وأثيوبيا، و يتواجد محبو واتباع الطريقة السنوسية التي أسسها الشيخ محمد بن علي السنوسي سنة 1276ه في ليبيا وشمال أفريقيا والسودان والصومال، وتتوزع خريطة ابناء الطريقة الجعفرية التي أسسها الشيخ صالح الجعفري الحسيني إمام الأزهر سنة 1399ه في المغرب والسنغال وغرب أفريقيا .
• الطرق العابرة للإقليم :
تعد الطرق الصوفية العابرة للاقيلم عن تلك الطرق التي استطاعت مؤخرا الانتقال بأورادها ومعتقداتها وسلوكيات مشايخها من أماكنها وبيئاتها التي نشأت وتربت فيها سواء داخل حدود الدولة الواحدة أو في عدة دول من الإقليم العربي إلى مناطق جديدة في دول وقارات تختلف إختلافا كليًا في الظروف البيئية والاجتماعية والسلوكية والثقافية عن دول نشأتها لتتعايش بين الجاليات العربية المهاجرة إلى تلك المناطق ولتتمدد في الأماكن القربية من مناطق إقامة الجاليات العربية في تلك الدول، لتتحول من مجرد طرق وتيارات إقليمية إلى حركات وجماعات عابرة لحدود الدولة العربية والإقليم، متأثرة بالتحولات والتغيرات التي أحدثتها الظروف التكنولوجية والاجتماعية والثقافية والسياسية في تلك الدول لتتشبع بها وتنقل مخرجاتها الى أماكنها الرئيسية التي تعيش فيها الأكثرية من اتباعها ومريديها داخل حدود الدولة أو خارجها في الإقليم. ومن أبرز ملامح تلك النوعية من الطرق العابرة للإقليم “,”العالمية “,” أنه ليس لديها توجه سياسي واضح مرتبط بدولة النشأة، بل أكثر بعدا عن حدود دولتها أو الإقليم العربي الذي تتشابك بين أجزاءه بمريديها ومحبيها، وتتميز هذه الطرق بأن لديها قدرة على تجديد الطاقات الروحانية وسلوكياتها الاجتماعية بين أجيال عربية أكثر حداثة وثقافة مهاجرة من الدول العربية إلي دول أوربية وغربية تأثرت وتؤثر في بيئتها التكنولوجية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي التحمت فيها، لتنمو بسرعة ويتزايد أعداد مريديها ومحبيها من النخب المثقفة في تلك المناطق الجديدة. وتبدو السمة الغالبة على هذا النوع من الطرق أنها منفتحة ومتواصلة مع العالم الخارجي بعيدا عن إقليم نشأتها لتصبح جزءا من المنظومة المدنية العالمية التي تعبر عن التصوف ذو التوجه الحضري العالمي المؤسس بشكل أكثر ليبرالية وأقل تشددا من التيارات الإسلامية التي سيطرت على الشارع بعد ربيع الثورات العربية .
وأهم الطرق العابرة للاقليم العربي، الطريقة البرهانية الدسوقية التي أسسها الشيخ ابراهيم الدسوقي سنة 676 ه والتي انتقل مريدوها من مصر وليبيا والجزائر والمغرب واليمن وتونس وسوريا والاردن والسودان والكويت والإمارات العربية والتي عبر شيوخها الإقليم العربي إلي دول أجنبية مختلفة وأصبح لتلك الطريقة مريدين واتباعا في السويد والنرويج والدنمارك وألمانيا وهولندا ولوكسمبرج وسويسرا وايطاليا وروسيا وكندا والولايات المتحدة. وأيضا استطاع مشايخ الطريقة المحمدية الفوزوية الكركرية التي أسسها الشيخ محمد فوزي سنة 1396 ه بالمغرب الانتقال والانتشار في بين الجاليات العربية في فرنسا وأندونسيا وإسبانيا. كما استطاع تلاميذ الشيخ محمد بهاء الدين النقشبندي الانتقال بطريقتهم من مصر وسوريا إلي معظم دول قارة أسيا وخصوصا منطقة آسيا الوسطي .
وتوجد العديد من الاسباب التى ساهمت فى انتقال الطرق الصوفية من الاقليم العربي الي المجتمعات الغربية لعل ابرزها :
- التطور التكنولوجي وتعدد وسائل الاتصال وعلى وجه الخصوص “,”صفحات الانترنت والفضائيات “,” التى ارتبطت بظهور جيل جديد من القيادات الشابة في الطرق الصوفية. وقد ساهمت تلك العوامل للطرق الصوفية طباعة ونشر مؤلفاتها ومعتقداتها وأشعارها المتداولة بين مريديها وتدريسها للمجتمعات الغربية. فضلا عن إتاحة التواجد المكثف للطرق الصوفية على صفحات الانترنت فى المجتمعات الغربية للتعرف على الصوفية كحركات عابرة لحدود دولتها .
- الهجرة العربية إلى الدول الغربية وكذلك السياحة الغربية إلى الدول العربية المتصوفة، فقد ساعدت تلك العوامل على نقل الأفكار الصوفية من دول المهاجرين من العرب الي مناطق سكن الجاليات ثم إلي الأماكن القربية من تجمع الجاليات العربية المهاجرة، إضافة إلى جانب دور السياحة في زيارة الأجانب الوافدين إلي الدول العربية لزيارة أضرحة ومساجد المتصوفة والتعرف عن قرب بمعتقداتهم وممارستهم للإسلام المتحضر ومثال لذلك زيارة الأجانب لمقام الحسين بمصر والتعرف ومشاهدة وسماع مشايخ الصوفية وأناشيدهم داخل هذه الأماكن .
- اتجاه السياسة الخارجية للدول الغربية إلى مكافحة الإسلام الجهادي والمتشدد بالحركات الصوفية ذات الدين الوسطي حسب رؤية الغرب، وبإعتبارها الحركات المواجهة للنفوذ الديمقراطي الليبرالي في تلك البلاد,. ولذلك لعبت المجتمعات الغربية دور المهتم بقضايا المهاجرين العرب وخصوصا الصوفيين منهم، ومحاولة دمجهم في المجتمعات الغربية وقد تحول فيما بعد التواجد الإسلامي في الغرب من مجرد عمال مهاجرين للعمل والإقامة المؤقتة إلى جزء من التركيبة المجتمعية السكانية ومن ثم تحولوا من جاليات مسلمة إلى أقليات مسلمة معظمهم من المتصوفة .
- الاهتمام السياسي والأكاديمي الغربي بالطرق الصوفية والتصوف وقد صاحب ذلك الاهتمام عقد كثير من المؤتمرات والندوات الدولية حول حقيقة التصوف كبديل للإسلام السياسي بين الجاليات في معظم الدول الغربية .
) يتبع)
في الجزء الثاني من الدراسة: موقف الطرق الصوفية العربية من الثورات والعمل السياسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.