8 مرشحين يتنافسون على المقاعد الفردية لمجلس الشيوخ بالفيوم في ختام فترة التقديم    تسليم 200 ميكروباص جديد ضمن مبادرة تطوير منظومة نقل الركاب بالمنيا    أوبك تخفض توقعات الطلب العالمي على النفط للسنوات الأربع المقبلة    وزارة النقل تستهدف جذب مليون سائح سنويا من محطات الكروز السياحية    وزير الخارجية الأمريكى: متفائلون بشأن اتفاق فى حرب غزة    الأزهر يعرب عن استنكاره الشديد لزيارة من وصفوا أنفسهم بالأئمة الأوروبيين لإسرائيل    رسميًا.. الهلال يتعاقد مع ثيو هيرنانديز    آرسنال يضم الدنماركي كريستيان نورجارد كصفقة ثالثة في الميركاتو الصيفي    شيكابالا يوجه رسالة دعم لإبراهيم سعيد: "لا شماتة في الأزمات"    بتيشيرت دفعة تخفيف المواد... طالبات الثانوية العامة بكفر الشيخ يحتفلن بانتهاء الامتحانات (صور)    متحدث الوزراء: الدولة لا تعتمد على سنترال واحد ومنظومة الاتصالات أثبتت كفاءتها    رحلة دير أبو مينا الأثري بالإسكندرية.. من الغرق في المياه الجوفية إلى رفعه من قائمة التراث المُعرض للخطر    «قصر العيني» تستقبل سفير كوت ديفوار لبحث التعاون في إطلاق البرنامج الفرنسي الطبي «KAF»    الجريدة الرسمية تنشر ضوابط الدعاية الانتخابية فى انتخابات مجلس الشيوخ    الصين تدعو الحوثيين إلى التوقف عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر    بعد مقتل إسرائيلي في هجوم فلسطيني بالضفة.. أبوعبيدة: من الخليل إلى جنين يواصل الفدائيون بطولاتهم    تعليم البحيرة تعلن بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي الفني    ما لك وما عليك.. تطبيق قانون العمل الجديد رسميا أول سبتمبر    هل تختلف أسعار شرائح الكهرباء بين العدادات القديمة وابو كارت؟.. «تنظيم الكهرباء» يوضح الحقيقة    محافظ كفر الشيخ يهنئ أبطال المحافظة المشاركين في تتويج منتخب مصر البارالمبي للكرة الطائرة ببطولة إفريقيا    تقارير تونسية: انتقال غربال إلى الزمالك يبدو صعبًا.. وأوروبا أولوية اللاعب    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب (زواج–تملك) بالعاصمة الإدارية الجديدة    "وزير قطاع الأعمال: العمال العمود الفقري ولن يتطور القطاع دون مشاركتهم    محامٍ يسلم نفسه لتنفيذ حكم بالسجن 10 سنوات في قضية تزوير توكيل عصام صاصا    الأمن الاقتصادي: ضبط 5600 قضية في حملات موسعة خلال 24 ساعة (تفاصيل)    تحرير 521 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 943 رخصة خلال 24 ساعة    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب بالعاصمة الإدارية الجديدة    بسبب حريق سنترال رمسيس .. 10 جيجابايت تعويضا لمشتركي الإنترنت الأرضي    موعد ومكان عزاء المخرج الراحل سامح عبد العزيز    مشاركة متميزة لقنصلية دولة فلسطين في معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    إغلاق باب المشاركة في دورة «كوكب الشرق» ب ملتقى القاهرة للمسرح الجامعي    ياسر ربيع يكتب : من قلب ال " فيلينج " للتشكيلية مها الصغير: " انا لا ارسم ولكني اتجمل"    وزير الصحة يعقد اجتماعًا لمتابعة العمل بمنظومة خدمات نقل الدم القومية    وزير الصحة يعقد اجتماعًا لمتابعة مستجدات العمل بمنظومة خدمات نقل الدم القومية    المفتي السابق يوضح حدود الاستمتاع بين الزوجين أثناء الحيض    وكالة الأنباء المغربية: إعادة فتح سفارة المملكة المغربية في دمشق    لله درك يا ابن عباس.. الأوقاف تنشر خطبة الجمعة المقبلة    أحمد عصام السيد فديو بلوجر في فيلم "الشاطر" أمام أمير كرارة وهنا الزاهد    فيلم "أحمد وأحمد" يتصدر المركز الأول    "مش عارف أقولها إزاى".. مهيب يفجر مفاجأة حول إمام عاشور بسبب زيزو    الهيئة العليا للوفد تطالب عبد السند يمامة بالاستقالة    "من حق بيراميدز".. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على "كوبري" إبراهيم عادل    "الصحة" تنظم أول ورشة عمل في مصر بالتعاون مع مركز برشلونة لسرطان الكبد    تصل للفشل الكبدي والأورام.. دليلك للوقاية من مضاعفات الكبد الدهني    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    باريس سان جيرمان ينهي سجل ريال مدريد المثالي في كأس العالم للأندية    أهالي القنطرة شرق ينتظرون تشييع جثمان الفنان محمد عواد وسط أجواء من الحزن    قراءة مبسطة فى قانون الإيجارات القديمة بعد التعديلات.. إجابات للمستأجرين والملاك    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    متحدث «الصحة العالمية»: مئات الشاحنات تنتظر خارج معبر كرم أبو سالم    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 4 محافظات    طلاب الثانوية العامة بفيصل: امتحان الرياضة التطبيقية مباشر    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    بعد مطالبته ب82 مليون جنيه.. التسلسل الزمني لأزمة زيزو مع الزمالك    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    وزير الدفاع الأمريكي يبحث مع نتنياهو عملية "مطرقة منتصف الليل"    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارفعوا أيديكم عن الأزهر الشريف
نشر في البوابة يوم 01 - 12 - 2012

عبر مسيرة التاريخ المصري منذ أكثر من ألف سنة، مثّل الأزهر الشريف دومًا حصن الوحدة الوطنية ومنارة إنتاج وإعادة إنتاج الوسطية والاعتدال، وظلت مؤسسته، من جامع وجامعة، تقع على أخطر نقاط التقاطع والتحديات المعبّرة عن روح مصر وعن صحيح الإسلام. على أن هذه المنارة تتعرض اليوم لسخائم من الطمس والتشويه، تقودها السلطة الحاكمة، وتؤازرها الجماعات السلفية، فجنب القضاء والشرطة والإعلام والجيش، يجيء الدور على الأزهر في السيطرة عليه، عبر محاولات دائبة ومستمرة لتهميشه، واستلاب دوره الريادي في العالم الإسلامي، سواء من قبل قوى خارجية خليجية ترى مصلحتها في إنهاكه، أو ما توضحه ممارسات الداخل التي بدأت مع إنشاء مرجعيات وكيانات موازية أو بديلة له، جنبًا مع إنشاء ائتلافات وهيئات، أظهرت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ومجلس شورى العلماء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومؤخرًا، وضح ترصد هذه القوى للأزهر، مع مشروع قانون إعادة تنظيمه، التي تقدمت به في الدورة الأخيرة لمجلس الشعب المنحل، ولجوء البعض من أتباع السلفية لحصار مقر مشيخة الأزهر، ومحاولاتهم التنكيل بمواقف وفتاوى تبنتها هذه المشيخة، جنبًا مع طردهم لعدد من أئمة المساجد، وتوسيع قاعدة انتشار جماعة الإخوان المسلمين داخل هيئات التدريس بجامعته، على رغم تطهيرها من أنصار مبارك، والنص في المادة الرابعة من الدستور على زيادة دور وسلطة أعضاء هيئة كبار العلماء، بما سيُيسر للإسلاميين السيطرة على هذه الهيئة وتفسير الشريعة حسب رؤيتهم.
وشهدت الأيام السابقة، بيان بعض شباب الدعوة السلفية المُوجّه إلى شيخ الأزهر لاستتابته، وترك المذهب الأشعري، وتهديد د. أحمد كريّمة أستاذ الفقة المقارن بالتصفية الجسدية.
ويشار هنا أن الجامع الأزهر قد أنشئ مع بداية الفتخ الفاطمي لمصر سنة (970) ميلادية، واعتبر في التاريخ المصري الحديث “,”مصدر الشرعية“,” قبل الجيش، وانتمى منتسبوه، علماء ومشايخ وطلاب، إلى النسيج الأساسي للجماعة المصرية، وأنه لم يكن يومًا مؤسسة كهنوتية، بل ظل على تواصل حميم بجماعته، وإن تعرض في أحيان لتدخلات القوى السياسية. ولعب رجاله دورًا بارزًا في الحركة الوطنية، منذ مقاومتهم الغزو الفرنسي نهايات القرن الثامن عشر، من كونهم قادة هذه الجماعة، كأئمة وقضاة ومعلمين ومأذونين وميقاتيين وفقهاء، مرورًا بعرضهم الولاية على “,”محمد علي“,” بشروطهم سنة (1805)، ووقوفهم مع عرابي في ثورة سنة (1881)، حين أفتى الإمام شمس الدين الأنبابي، بعدم صلاحية الخديو توفيق للحكم، ونوالهم النصيب الأوفى من السجن والنفي إثر هزيمة عرابي، حتى مشاركتهم في ثورة 1919، حين تحول الجامع الأزهر إلى معقل للثوار ومركز للوحدة الوطنية، وإن جاز القول بأن وسطيته قد تفقد حيثيتها من حياتهم السلبية، وهو ما حدا به أن يمارس دورًا نشطًا في المجال العام بعد قيام ثورة 2011، يحقق له استقلالية عن السلطة السياسية، وهو ما توضحه “,”وثيقة الأزهر“,” التي شرفت منذ عامين بالمشاركة في إعدادها، وجاءت ترجمةً لشعار الوسطية والاعتدال الذي يتبناه.
ويتراءى هنا سؤال ماثل: هل يمكن النظر إلى محاولات السلفيين الراهنة في النيل من الأزهر، كامتداد للصراع المذهبي بين الحنابلة والأشاعرة.. اعتبارًا من أن مرجعية الأزهر أشعرية منذ القديم.. في حين أن مرجعية السلفيين حنبلية وهابية؟
والثابت تاريخيًا أن المشروع السلفي خاض مواجهات سجالية مع فرق اعتبرت مخالفة كليًا أو جزئيًا له، كالخوارج والمرجئة والجهمية والمعتزلة، وأيضا المتصوفة والمتكلمة والمتفلسفة والأشاعرة. وقد بدأ هذا المشروع مع أحمد بن حنبل، مؤسس آخر المذاهب الفقهية السنية الأربعة الأساسية في نهاية القرن الثاني الهجري، ثم تبلور وتقعّد مع الفقيه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ليستعيد حيويته بعد ذلك على يد محمد بن عبدالوهاب في نجد نهاية القرن السابع عشر، عبر ما ارتآه مقاومةً لأشكال الوثنية والانحراف التي تسربت إلى عقيدة التوحيد وقواعد التعبد، ليتحول بعدها إلى أرضية فكرية لمعظم حركات الإصلاح الفكري والسياسي التي شهدها العالم الإسلامي، وما تفرع عنها تاليًا من تيارات واتجاهات.
وعبر هذه المسيرة، تواصل المشروع السلفي من دائرة المعتقد إلى لُحمة الثفافة العامة، حتى صوْغ تيار حركي. يمتلك في الراهن تواجده اللافت. أما الأشعرية، فتنسب إلى أبي الحسن الأشعري (260-324ه). سليل الصحابي أبي موسى الأشعري، وكان أبوالحسن إمامًا من أئمة المعتزلة، وهجرها إلى أهل السنة، رافعًا شعار الوسطية والاعتدال. في محاولة منه للتوفيق بين مذهبي المعتزلة والسنة، وأسس لذلك مذهب “,”أهل السنة والجماعة“,”. ومنذ أيامها، انقسم الفقاء إلى حنابلة وأشاعرة، وتزايدت قوة الأشاعرة التي أفادت منهم الخلافة العباسية، فيما استطاع المذهب أن يقدم الصيغة التعبيرية “,”الملائمة“,” لها حول علاقة الراعي بالرعية.
وفي مصر، لم ينل المذهب الحنبلي حظًا بين أهلها من السنة، ولم يحظ بشيوع بين العامة، مع أنه عكس ما يشاع عنه، كان أخف المذاهب في المعاملات كالبيوع والإيجارات وما إليها، حيث الأصل عنده فيها على الإباحة، حتى يقوم دليل المنع. إلا أن الحنابلة، مع تيسيرهم في المعاملات، كانوا أشد المذاهب في العبادات بحجة محاربة البدع، حتى أرهقوا الناس، فيما كل شيء يدخل عند المتشددين منهم تحت سقف البدعة التي هي في النار!.
على أنه، ورغم هذا التراث من الملاهاة بين الحنابلة والأشاعرة، يبدو الأمر في الحاضر قرين تحريك وتفعيل دور الأزهر، مع المواجهة الصارمة لطبقات الأكاذيب والدسائس والوجوه المستعارة، التي تحاول طمس دوره ورسالته، كي لا يظل قابلاً لأن يعبث فيه بُغاث الطير، وتجار الدين، وسماسرة الخليج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.