تمر اليوم الذكرى ال31 على رحيل أحد أعلام السينما المصرية الفنان محمود المليجي، رجل المائة وجه، فهو الشرير والطيب والكوميدي والحزين، والفلاح والأرستقراطي، فعندما نذكر الفلاح المصري تتجسد أمامنا شخصية محمد أبوسويلم من فيلم "الأرض" وجملته الشهيرة: "علشان كنا رجالة ووقفنا واقفة رجالة". ولد المليجي عام 1910 بحي المغربلين، وبدأ مشواره الفني في الثلاثينات بفرقة الفنانة فاطمة رشدي، ممثلا مغمورا يتقاضى 4 جنيهات، ولاقتناع الفنانة بموهبته المتميزة رشحته لبطولة فيلم "الزواج على الطريقة الحديثة"، بعد أن انتقل من الأدوار الصغيرة في مسرحيات الفرقة إلى أدوار الفتى الأول، إلا أن الفيلم فشل، ما جعله يترك الفرقة وينضم إلى فرقة رمسيس مع يوسف بك وهبي، ليشغل وظيفة ملقن براتب قدره 9 جنيهات. وفي نهاية الثلاثينات اختاره المخرج "إبراهيم لاما" لأداء دور " ورد" غريم "قيس" في فيلم سينمائي من إخراجه في عام 1939، وكان دوره في فيلم (قيس وليلى) هو بداية أدوار الشر له، والتي استمرت في السينما قرابة الثلاثين عاماً.. حيث قدم مع "فريد شوقي" ثنائياً فنياً ناجحاً، كانت حصيلته أربعمائة فيلماً. وكانت نقطة التحول في حياة "محمود المليجي" في عام 1970، وذلك عندما إختاره المخرج "يوسف شاهين" للقيام بدور "محمد أبوسويلم" في فيلم "الأرض".. فقد عمل فيما بعد في جميع أفلام يوسف شاهين، وهي: الاختيار، والعصفور، وعودة الابن الضال، وإسكندرية ليه، وحدوته مصرية. ترك المليجي بصماته في المسرح أيضاً منذ أن اشتغل مع "فاطمة رشدي"، حيث التحق فيما بعد بفرقة "إسماعيل ياسين"، وبعدها عمل مع فرقة "تحيَّة كاريوكا"، ثم فرقة المسرح الجديد.. وبذلك قدم أكثر من عشرين مسرحية، أهمها أدواره في مسرحيات: يوليوس قيصر، حدث ذات يوم، الولادة، ودور "أبو الذهب" في مسرحية أحمد شوقي "علي بك الكبير". كما دخل مجال الإنتاج السينمائي مساهمة منه في رفع مستوى الانتاج الفني، ومحاربة موجة الافلام الساذجة، فقدم مجموعة من الأفلام، منها على سبيل المثال: "الملاك الأبيض" ، "الأم القاتلة" ، "سوق السلاح" ، " المقامر" ، وكان أول من قدم فريد شوقي، تحية كاريوكا، محسن سرحان، حسن يوسف، وغيرهم. لقد مثل محمود المليجي مختلف الأدوار، وتقمص أكثر من شخصية: اللص، والمجرم، والقوي، والعاشق، ورجل المباحث، والبوليس، والباشا، والكهل، والفلاح، والطبيب، والمحامي.. كما أدى أيضاً أدواراً كوميدية. كان عضواً بارزاً في الرابطة القومية للتمثيل، ثم عضواً بالفرقة القومية للتمثيل ، تزوج من رفيقة عمره الفنانة "عُلوية جميل" سنة 1939 وبقي مخلصاً لها على مدى أربعة وأربعين عاماً حتى وفاته وهو يمثل في مشهد درامي حزين في فيلم "أيوب" مع عمر الشريف يوم 6 يونيو 1983 لتفقد مصر أحد رموزها التاريخية في فن التمثيل والإبداع عن عمر يناهز 72 عام.