السيسي يصدر قرارين جمهوريين.. تعرف عليهما    الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تُعلن تضامنها مع "الأرمنية": انتهاك حرمة الكنائس مرفوض    «لوسيد» تنجح في إنتاج سيارة كهربائية تسير 1200 كيلومتر بشحنة واحدة    أسعار الفراخ اليوم في الأرض.. ولا عزاء للمربيين    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 10 يوليو 2025.. ثبات محلي وعالمي بعد تراجع الأيام الماضية    وزيرا الكهربا والإسكان يبحثان خطة العمل المشترك ودعم التوسع فى استخدامات الطاقة المتجددة    رئيس الوزراء: سنوفر البديل لمستأجري "الإيجار القديم" قبل نهاية مهلة ال 7 سنوات    مصر تدرس تنفيذ مشروعات بمجالات النقل والصناعة والبنية التحتية في الكونغو    منحة يابانية لدعم أسطول إنقاذ قناة السويس.. والسفارة تبحث توسيع التدريب والتسويق    عاجل- السيسي يؤكد حرص مصر على تعزيز الشراكة الشاملة مع الصين قبيل الذكرى ال70 للعلاقات الدبلوماسية    عضو بالبرلمان الأوروبي يقترح منح المقررة الأممية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز جائزة نوبل للسلام    متحدث «الصحة العالمية»: مئات الشاحنات تنتظر خارج معبر كرم أبو سالم    أوكرانيا تعلن خسائر روسيا منذ بدء الحرب    مسيرة أسطورية ل مودريتش بعد نهاية حقبته مع ريال مدريد    تدريبات قوية لفريق الكرة النسائية بنادي البنك الأهلي استعدادًا للموسم الجديد    الوصل الإماراتي ينسحب من سباق التعاقد مع وسام أبو علي.. ماذا حدث؟    الحكومة: تعافي الاتصالات يكتمل خلال ساعات وتشكيل لجنة لبحث أسباب الحريق    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    ضبط 109.4 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 6 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    محافظ الإسكندرية يهنئ الكنيسة المصرية برفع موقع دير أبو مينا من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر    وفاة المخرج سامح عبد العزيز عن عمر 49 عاما بعد أزمة صحية مفاجئة    سبب وفاة المطرب الشعبي محمد عواد    فيديو.. أحمد السقا: أزعم أمام الله إني إنسان متسامح    شبيه عمرو دياب يتصدر التريند.. أربك جمهور الهضبة    الصحة تنظم ورشة عمل بالتعاون مع مركز برشلونة لسرطان الكبد لتعزيز التشخيص والعلاج    نتائج شهادة الصف الثالث الثانوي الفني الزراعي والصناعي والتجاري    عودة الحركة المرورية على طريق بنها -المنصورة بعد رفع سيارة نقل انقلبت ب9 عمال في القليوبية    حاولت مساعدته.. شاهد على حادثة ديوجو جوتا يروي تفاصيل جديدة    صورة رومانسية لإمام عاشور مع زوجته    نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 برقم الجلوس.. موعد اعتمادها رسمياً ورابط الاستعلام المباشر    ارتفاع الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    الجيش الروسي يعلن إسقاط 14 طائرة مسيرة أوكرانية    الأحد.. انطلاق أولى حلقات الموسم الجديد من برنامج "واحد من الناس"    "كوبري جديد؟!".. الأهلي يتدخل لقطع الطريق على صفقة الزمالك المنتظرة    جمال شعبان يحذر من هذه العلامة: قد تشير لأزمة قلبية    متحور كورونا الجديد - عوض تاج الدين يجيب هل وصل إلى مصر؟    التركيز على السماعات، تفتيش ذاتي لطلاب الثانوية العامة بالدقهلية قبل دخول لجان الامتحانات (صور)    الحكومة السورية: نرفض التقسيم أو الفدرلة و نؤكد تمسكنا بمبدأ سوريا واحدة    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    الهيئة العليا للوفد توافق على طلب رئيس الحزب بطرح الثقة في نفسه    اليوم الخميس| آخر تقديم ل 178 فرصة عمل بالإمارات ب 24 ألف جنيه    لولا دا سيلفا ردا على رسوم ترامب الجمركية: البرازيل دولة ذات سيادة ولن نقبل الإهانة    بينهم 3 أطفال.. 5 شهداء جراء استهداف خيامًا تؤوي نازحين غربي خان يونس    وفاة المخرج سامح عيد العزيز بعد تعرضه لوعكة صحية والجنازة من مسجد الشرطة    10 صور لاحتفال زيزو مع أحمد السقا بفيلمه الجديد    الوداع الأخير.. المطرب محمد عواد في عزاء أحمد عامر ثم يلحق به اليوم فجأة    ما حكم الوضوء بماء البحر وهل الصلاة بعده صحيحة؟.. أمين الفتوى يحسم (فيديو)    ترامب: سنعمل على تيسير السلام في السودان وليبيا    "الأهالي مسكوه متلبس".. حكم قضائي ضد المتهم بسرقة شاب بالإكراه في الجيزة    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر للقطاع العام والخاص والبنوك والمدارس    الولايات المتحدة تشهد أسوأ تفش للحصبة منذ أكثر من 30 عاما    لماذا يحذر الخبراء من الإفراط في تناول الفراولة؟    ما أحكام صندوق الزمالة من الناحية الشرعية؟.. أمين الفتوى يوضح    لرسوبه في التاريخ.. أب يعاقب ابنه بوحشية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    موقف صلاح مصدق من الرحيل عن الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات الرئاسية لحظة فارقة في الثقافة السياسية و"المعركة على روح مصر"
نشر في البوابة يوم 21 - 05 - 2014

فيما يستعد المصريون في الداخل للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي تنطلق يومي 26 و27 الجاري، فإن هناك من الشواهد والمعطيات ما يبشر بأن هذه الانتخابات ستكون لحظة فارقة في الثقافة السياسية المصرية بقدر ما تشكل ذروة مجد في عام 2014 الذي يستحق وصفه ب"عام الحسم" في مصر.
وبقدر ما يدوي الهتاف الخالد؛ "تحيا مصر" في المشهد المصري الراهن، بقدر ما يحمل رسالة أمل وإيماءة تبشر بحسم "المعركة على روح مصر" لصالح المصريين في مواجهة قوى باغية تقف وراء جماعة أرادت العدوان على روح مصر وثقافتها وتغيير هويتها ومسخ حقيقتها الحضارية.
ولن يكون من قبيل المبالغة القول بأن ما يعتمل الآن في أعماق مصر و"كتلتها الشعبية التاريخية" استعدادا للانتخابات الرئاسية، سيرسم صورة مصر ويحدد ملامح مشهدها العام لسنوات طويلة قادمة، ليكون عام 2014 كما قيل بحق عاما حاسما في تاريخ ومستقبل هذا الوطن.
وفي عام كعام 2014 في مصر تلتقي عوامل عدة وتتفاعل معطيات ثقافية وسياسية واجتماعية- اقتصادية لتؤسس صيغة جديدة مغايرة لصيغ الماضي، بل ومطيحة ببعض حتميات هذا الماضي ولتصنع مرحلة أو حقبة جديدة، ومن هنا ظهر المصطلح الثقافي "العام الفارق أو الحاسم" في أدبيات الغرب التي تتناول أعواما حاسمة في رحلة المسير والمصير بدول تنتمي لعالم الشمال.
وعلى سبيل المثال، فثمة كتاب جديد صدر بالانجليزية بعنوان "1965: عام مولد بريطانيا الحديثة"، يعتبر فيه المؤلف كريستوفر براي أن عام 1965 كان العام الذي ولدت فيه بريطانيا كدولة حداثية معاصرة، وهو كتاب يجمع ما بين التحليل السياسي والرؤى النقدية الثقافية والفنية في ذاك العام عند منتصف ستينيات القرن العشرين بغرض اثبات صحة فرضيته.
وتلعب "الكتلة الشعبية التاريخية" في أي مجتمع الدور الأكثر أهمية في مثل تلك اللحظات الفارقة والأعوام الحاسمة، مثلما حدث في بريطانيا عام 1965 ويحدث في مصر عام 2014، ولا جدال ان ذلك كله يكون وليد تراكم طويل واختمارات ثقافية وحقائق اجتماعية ومعطيات اقتصادية تفضي لما يسمى بالحقبة الجديدة.
وقد تتغير الوجوه والأسماء وتبقى "الكتلة الشعبية التاريخية" التي تخرج في أكثر اللحظات خطورة لتصنع تاريخ مصر بإرادتها الغلابة، مثلما حدث يومي التاسع والعاشر من يونيو عام 1967 عندما خرجت تلك الكتلة تستدعي جمال عبد الناصر للبقاء مجددا في منصبه الرئاسي وتمنحه شرعية جديدة لبدء معركة تحرير الأرض المحتلة.
وهي " الكتلة الشعبية التاريخية" ذاتها التي وقفت وراء أنور السادات تدفعه وتؤازره في حرب السادس من أكتوبر 1973 وهي التي انتفضت لتصنع ثورة 25 يناير 2011 رافضة مخطط التوريث وزواج السلطة والثروة، ثم كان خروجها الأسطوري في ثورة 30 يونيو 2013 لتسقط حكم جماعة كانت تريد ضرب الوطن في مقتل واستعباد المصريين الذين خلقهم الله أحرارا.
ومرة أخرى تنتظر مصر "كتلتها الشعبية التاريخية" التي خرجت بالملايين في الثلاثين من يونيو الماضي وحالت دون مؤامرة تفكيك الدولة الوطنية، لتكتب ملحمة جديدة ويصطفي الشعب رئيسا بمقدوره تحقيق أهداف ثورة يناير- يونيو، عبر قراءة واعية للمشهد العام والشعور بنبض الأجيال الصاعدة وخبرات استراتيجية تؤهله للتعامل مع تحديات جسيمة وأمور جلل وبنية أخلاقية- ثقافية تمكنه من كشف النفاق ولفظ المنافقين والرد على المزايدين في الرحلة الصعبة على جسور المستقبل.
ولعل "الحلم الوطني العام بالدولة الديمقراطية الحديثة"، يتشكل الآن في ثنايا هذا المشهد المصري الفريد والهتاف الخالد "تحيا مصر"، حيث كل أطياف المجتمع المصري في الشوارع والميادين تؤكد أن "الوطن أولا" وتستظل بعلم مصر ولا تلوح سوى بهذا العلم الذي يثير حنق شراذم الخارجين على ثقافة الدولة الوطنية المصرية كأقدم دولة في التاريخ الانساني.
وهذه الانتخابات الرئاسية هي الأهم في تاريخ مصر لأنها في جوهرها ستحسم المعركة التي استعرت حول "روح مصر" ومستقبلها بعد ثورتين شعبيتين أطاحتا برأسي نظامين، فيما لم يتورع أعداء مصر عن استخدام أشنع حروب الدعاية السوداء وأبشع محاولات "شيطنة الجيش الوطني الحامي لكل المصريين" في تلك المعركة التي ستكون نتائجها مؤثرة بقوة في مشهد الاقليم والمنطقة ككل.
نعم، هي مواجهة بين رهانات المستقبل وأشباح الماضي من فلول نظامين رفضهما شعب مصر العظيمن بقدر ما تشكل هذه الانتخابات برهانا على مدى رغبة رجل الشارع- الذي قد يزايد البعض باسمه- في بناء وطن مستقر وآمن ودولة ديمقراطية حديثة قوية ورحيمة في تجاوبها مع متطلباته واحتياجاته اليومية.
ولاريب أن كثافة التصويت وتعاظم المشاركة في الانتخابات الرئاسية ونزاهة هذه الانتخابات، كلها معطيات ستشكل حجر الزاوية في تأسيس شرعية دولة ثورة 30 يونيو، وهي الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة التي تكفل كل الحريات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لمواطنيها بقدر ما تضمن لهم العدل بكل صوره. وشعار ثورة يناير 2011 وذروتها الثورية في الثلاثين من يونيو 2013 "عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة انسانية" لابد أن يشكل البوصلة الهادية للرئيس القادم، ومؤسسات وآليات وأجهزة الدولة الوطنية بشأن اتجاه ومسارات التغيير واثبات "عدم وجود تناقض جوهري بين الدولة القوية والعدل والحرية".
فالمزاج العام كما يستشعره كل ذي عينين وفطرة مصرية سليمة يؤكد أن الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد أسبوع واحد ستترجم عبر صناديق الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة ارادة شعبية غلابة ورسالة تكليف واستدعاء عبر هذه الصناديق من جانب "الكتلة الشعبية التاريخية" للدولة الوطنية الديمقراطية العادلة، وعلى رأسها "الرئيس القوي الرحيم الملتزم بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والذي يحسن قراءة رسالة الجماهير".
وجاء الاقبال غير المسبوق لتصويت المصريين في الخارج في الانتخابات الرئاسية ليشكل افتتاحية ماجدة لإرادة شعب عظيم عقد العزم على عبور المرحلة الانتقالية واستكمال استحقاقات "خارطة الطريق" وكتابة مستقبل جدير بمصر.
وفيما أظهرت النتائج الأولية غير الرسمية لانتخابات المصريين بالخارج تقدم المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي بصورة كبيرة على منافسه حمدين صباحين كان علي العشيري مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية قد أعلن أن أعداد الناخبين بالخارج تجاوزت 300 ألف شخص، موضحا أن هذا الرقم يتجاوز ثلاثة أضعاف المشاركين في الاستفتاء على دستور 2014.
وإذا كان المشير السيسي قد أكد على أن أخطر ما يواجه مصر في الوقت الراهن هو "أزمة تشكيل الوعي لدى المواطن خاصة بعد ان تعرضت منظومة الوعي لعملية تزييف واضحة خلال الفترة الماضية"، مشددا على أهمية "رفع مستويات الوعي الفكري والثقافي"، فقد رأى المرشح المنافس حمدين صباحي أن "ادارة البلد في المرحلة القادمة تحتاج فكرة الشراكة بين المجتمع المدني والدولة بما يجعل من تطور الثقافة والمجتمع أمرا طبيعيا".
وبينما ذهب أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد المنعم المشاط إلى أن الانتخابات الرئاسية تشكل من منظور رمزي الموجة الثالثة لثورة 25 يناير، فمن نافلة القول ان المصريين تنتظرهم استحقاقات ليست بالهينة عقب الانتخابات الرئاسية، وبصرف النظر عن اسم الفائز في هذه الانتخابات، فيما رأى الكاتب والمحلل الدكتور محمد السعيد ادريس أن أول هذه الاستحقاقات وأخطرها هو "تأكيد الشرعية" بناء على ما سوف تكون عليه نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات.
وواقع الحال أن هناك نوعا من الإجماع بين "الكتلة الشعبية التاريخية" على أن مصر تستحق رئيسا يدرك بعمق متطلبات أمنها القومي ويحقق انجازات سريعة بثقافة العمل والأمل في ملفي الأمن والاقتصاد ولديه القدرة على تعبئة الجماهير حول الحلم الواحد لشعب واحد، وبناء الإجماع الوطني المنشود حول الأهداف العليا للدولة الحديثة الوطنية الديمقراطية.
وينبغي التأكيد على خطورة تفريط النخب في مسألة بناء وتنفيذ "الحلم الوطني"، لأن التكلفة المجتمعية تكون في هذه الحالة مريعة وتدفع برجل الشارع لليأس، فالتفريط في الحلم الجامع لشعب ما يلحق أيضا أضررا فادحة بفكرة الديمقراطية ذاتها ويكرس انقسامات داخل المجتمع الواحد بحيث يكون لكل جماعة أو فئة حلمها الخاص والمتصادم مع الحلم العام تحت علم واحد في بلد واحد.
كما يتعين التنويه بأن التصور الديمقراطي يقوم على أن الجميع شركاء داخل وطن واحد، وإن كان البعض في الحكم والبعض الآخر في المعارضة ، وهو تصور ينبذ تحويل الصراع السياسي إلى عداء مقيم واحتراب داخلي، أو إدعاء أي فريق أنه يمتلك الحقيقة المطلقة في عالم البشر بحقائقه النسبية ، أو الممارسات العبثية والدموية التي تعمد لدفع الدولة والكيان الوطني المصري لهوة الفراغ.
وإذا كانت هناك كتابات نعت من قبل ظاهرة "غياب ثقافة المسؤولية السياسية والقانونية أو ضعفها" لدى العناصر المحسوبة على النخب، الأمر الذي يدفع تلك العناصر "لاضاعة الوقت والجهد بعيدا عن العمل الجاد الذي يكشف القادرين على العمل السياسي والتنموي البناء"، فإن الانتخابات الرئاسية قد تنطوي على فرصة ثمينة لإزالة هذه الظاهرة.
فهناك العديد من الكتب والكتابات التي تتحدث عن لحظات مفصلية في تاريخ الأوطان واهمية اتخاذ قرارات حاسمة في لحظات بعينها، بينما الواقع يكشف عن أن الثقافة السياسية المصرية بحاجة واضحة للابتعاد عن الأفكار التي لا تتصل بالواقع ولا يمكن تحقيقها بتزيين الكلمات وأي قضية مختلفة عن مسألة الحلم الوطني المصري للتقدم وصياغة آليات لتجسيد هذا الحلم في الواقع اليومي برؤية مستقبلية قابلة للتحقيق ومجاوزة للواقع ذاته.
تماما، كما أن مصر لا يمكن أن تقف مكتوفة اليدين أمام من يريد تحويلها لمختبر "لقانون الغاب وتغييب القانون"، وممارسة "النزق الطفولي السياسي أو المراهقة الثورية والترهات الفوضوية في أمور خطيرة تمس مستقبل الدولة والأمة وحياة المصريين"، دون أن يعني ذلك أبدا إعادة عقارب الساعة للوراء وإعادة انتاج القمع والاقصاء.
فالأمور لا يمكن أن تدار في القرن الواحد والعشرين بلا رؤية أو خيال سياسي أو مهارات وخبرات حقيقية، أو "بخطابات سياسية سطحية وانشائية وهتافات لفظية صاخبة وعدم الدراسة العميقة لمحمولات وعمق الخطابات"، في عصر الثورة الرقمية وتحدياتها واستحقاقات ومتطلبات اقتصاد المعرفة.
إنما المطلوب مواكبة التغيير العميق في عالمنا المعولم والمعرفة الواعية بما يجري بالفعل داخل بلادنا وما يعتمل من تغيرات وتحولات اجتماعية وسياسية في حنايا المجتمع المصري وتشكيلاته الجيلية الجديدة، وما وصلت اليه حالة الدولة الوطنية التي أصابتها عديد الأعطال الهيكلية".
ومن المنظور الثقافي التاريخي، فإن العقل المصري المتمسك بثوابته الدينية كان دوما منفتحا على متغيرات الزمان ويأبى الانغلاق، مدركا أن عنصر المكان او المعطيات الجغرافية لموقع مصر ذاتها، لا تسمح بمثل هذا الانغلاق أو الاقامة المستديمة في الماضي.
ومن هنا، فإن مصر لا يمكن أن تقف عاجزة عن الإجابة عن قضايا العصر والمشاركة الفاعلة في ثورة العلوم والتكنولوجيا أو تعييها السبل في بناء نموذج التنمية المنحاز للأغلبية و"والكتلة الشعبية التاريخية"، والمرتكز على العدالة وتكافؤ الفرص والمنسجم مع التحولات الكبرى في هذا الزمان.
هذا وطن لن يموت وشعب لا ينكسر وثورة شعبية على موعد مع لحظة فارقة في استحقاق الانتخابات الرئاسية لتجسيد الحلم المصري في الواقع المصري.. إنها مصر تتحدث عن نفسها.. إنها قصة ثورة عبرت عن إرادة شعب حماها جيشه الوطني.
وحده شعب مصر الذي يحدد هذا العام ملامح وتفاصيل دولته الديمقراطية الحديثة ليكون عام 2014 عاما فارقا بحق في الثقافة السياسية المصرية.. ها هو الحلم يمتزج بالواقع، وها هو الموكب العظيم لشعب مصر يتحرك فتتدفق موجاته تباعا تحت علم مصر وحده، فتحيا مصر.
تحيا مصر تحت علم مصر ولا علم سواه.. تحيا مصر وشعبها العظيم يصنع فضاء صالحا لتنفيذ الأحلام النبيلة بدلا من هدر الإمكانية.. أيها القادم رئيسا بإرادة الشعب وحده افتح للحلم المصري أبوابا ونوافذ.. ارسم فوق جبين مصر حرية وعدلا وبيوتا وحقولا ومصانع.. أيها القادم بعطر الحلم المصري وجلال النيل وأشواق الكادحين هذا آوان العمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.