تعود الدراويش والحرافيش من جديد من خلال لوحات الفنانة التشكيلية غادة أبو حديد فى معرضها الأول "لون مشترك" والذى يقام بقاعة زياد بكير (القاعة الموسيقية) بدار الأوبرا المصرية يوم 22 مايو المقبل. وتناثرت الدراويش والحرافيش والمجاذيب فى العديد من لوحات معرضها لتشكل ملمحًا أساسيًا من معرضها الشخصى الأول، ومن شخوصها الذين كانوا جميعًا من بين الطبقات الشعبية رجالًا ونساء. وتعود هذه الشخصية والتى جسدتها ببراعة وحرفية شديدة، ليخرج علينا الدرويش بملامحه وثيابه المميزة، وما يزين به رقبته من مسابح حيث نجدهم منتشرين فى الأسواق الشعبية، رغم أنهم فى تلك اللوحات لم يكونوا يمثلون الشخصية الرئيسية فى تلك اللوحة، فمثلًا فى لوحات السوق والحارة المصرية تجدهم قد أخذوا حيزًا من تلك اللوحة كذلك الحيز الذى يحتله فى الواقع. ونجد الدرويش أو الحرفوش رغم وجوده بحضور مميز فى المشهد الحياتى، إلا أنه يمثل شيئًا عابرًا، إلا أن أبو حديد فى أكثر من لوحة نجد الدرويش وقد احتل كل مساحة اللوحة وأصبح بطلها كما فى لوحة الدراويش الأربعة، والذى شكلت بملامحهم المميزة وعمائمهم والمسابح الضخمة المتدلية من رقابهم شخوصًا حية كثيرًا ما كانت تتحرك عبر شخصيات أديب نوبل العظيم نجيب محفوظ عندما كان ينقلها فى روائعه عن الحارة الشعبية المصرية. وكان الدراويش والمجاذيب والحرافيش منتشرين وحاضرين فى هذه الأعمال الأدبية، وكما فى لوحة أبو حديد بائع السبح والمصاحف، لتشكل بذلك عالمًا خاصًا بها، يجعلها تغوص وبصدق فى عمق الشخصية الشعبية المصرية، مما يجعلها تنتظر ميلاد فنانة مصرية أصيلة، تغوص فى أعماق المجتمع المصرى مكانًا وزمانًا وشخوصًا لتقدم لنا عبر لوحاتها الفنية شخوصًا حية ومعبرة وصادقة وصادمة فى نفس الوقت عن الحارة الشعبية، وما تخفيه من أسرار.