تقدم الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بأطيب التهاني إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، والشعب المصري، والأمتين العربية والإسلامية، بمناسبة حلول ذكرى مولد خير الناس وأكرمهم وأرحمهم وأعظمهم: سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين. وسلط الإمام الأكبر الضوء على أحد أبرز تجليات الرحمة النبوية، وهو التشريع الإسلامي للحرب، مؤكدا أن الإسلام وضع قواعد أخلاقية صارمة للحرب لم تعرفها البشرية من قبل، حيث جعل القتال مقتصرا على دفع العدوان، وحرم الإسراف في القتل والتخريب، وشدد على حرمة قتل غير المقاتلين كالأطفال والنساء والشيوخ ورجال الدين، مشيرا إلى أن الفقهاء المسلمين أسسوا "فقه السير" في وقت مبكر من تاريخ الإسلام، وهو ما يمكن اعتباره نواة للقانون الدولي، وكان مما أجمع عليه فقهاء المسلمين -في الحروب- حرمة الإسراف في القتل أو التخريب والتدمير والإتلاف، وأن يكون القتال محصورا في دائرة رد: «الاعتداء» لا يتجاوزها إلى التشفي والإبادة والاستئساد الكاذب، مستدلا بمقولة أديب اللغة العربية: مصطفى صادق الرافعي «أن المسلمين في معاركهم يحملون السلاح ويحملون معه الأخلاق، فمن وراء أسلحتهم أخلاقهم، وبذلك تكون أسلحتهم نفسها ذات أخلاق».
وخلال كلمته باحتفالية ذكرى المولد النبوي الشريف، أوضح شيخ الأزهر أن حديثه عن «الحرب» في الإسلام، ليس المقصود منه المقارنة بين حروب المسلمين وحروب عصرنا الحاضر، ودواعيها وبواعثها، وما تبثه الفضائيات من مشاهدها الشديدة القسوة في غزة أو أوكرانيا أو السودان الشقيق أو أقطار أخرى تجر إلى حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل، مبيننا أن المقارنة بين أمرين تقتضي اشتراكهما في وصف أولا، قبل أن يثبت رجحان أحدهما على الآخر في هذا الوصف، وهذا الاقتضاء مفقود فيما نحن بسبيله، لقد حرم الإسلام قتل أطفال عدوه، وحمل جنوده مسؤولية الحفاظ على حياتهم، بينما حرضت الأنظمة الأخرى على تجويع أطفال غزة حتى إذا ما التصقت جلودهم بعظامهم استدرجهم دعاة الديموقراطية وحقوق الإنسان إلى جحيم يصب على رؤوس هؤلاء الأطفال، ليحيل ما تبقى من أجسامهم النحيلة إلى تراب أو إلى ما يشبه التراب.